قصة القطن المصري أصبحت مآساه تتفوق علي معضلة الزراعات الأخري في مصر ، فأما يتكدس في بيوت الفلاحين ويبحثوا عن مشتري بأي ثمن أو للشؤون بعد صعوبة تصديره للخارج . والفلاح بين نارين إما الخسارة الفادحة بعد قرار وزير الزراعة الصادم بعدم شرائه ودعمه في تسويقه إبتداءا من الموسم المقبل وغياب سياسة الدولة للمحاصيل الزراعية، ونار الصناع والتجار وأصحاب شركات الغزول لإهمال صناعة الغزل والنسيج منذ سبعينات القرن الماضي ثم خصخصة التسعينيات وتحرير بيعه وشراءه ونسيانالتغني بالقطن المصري طويل التيلة أعلي وأجود أصناف القطن في العالم . لقد إصابتني الصدمة من الإستماع في أحد الفضائيات أول أمس لرئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج الدكتور أحمد مصطفى والذي تحت قيادته 32 شركة للغزل والنسيج يعمل بهم 65 ألف عامل من 130 ألف عامل قبل الخصخصة والمعاش المبكر لخيرة الكوادر في هذا المجال ، وهو يشكو سوء حالة القطاع الحيوي الذي كان له الريادة الصناعية المصرية للغزل والنسيج ، فمنذ تطبيق الحكومة الخصخصة وقانون 203 وأيضا في سنة 1994 بقانون تحرير تجارة القطن بيعا وشراءا ، فبدأ التدهور بعد إن كانت الشركة تقوم بكساء الشعب ولم نكن نستورد مترا من الخارج بفضل القطن الذي كان أهم سلعة محليا وعالميا أهمل القطاع وتهالكت الماكينات حتي أصبحت أحدث ماكينة منذ عام 1977 والماكينة التي تتوقف تستخدم كقطع غيار لأخري في سبيلها للتوقف، بل أصبح المخزون الراكد في مخازن ال 32 شركة يقدر ب 400 مليون جنيه، وخسائر الشركات 2,2 مليار جنيه والمدينوية لبنك الاستثمار الوطني 5,2 مليار جنيه بفوائد سنوية تقدر ب 500 مليون جنيه ، في حين إيراد الشركة القابضة 3 مليار جنيه وأجور العمال 3,2 مليار جنيه ..تتصوروا !! والفلاح مظلوم فلا سياسة زراعية للمحاصيل ولا خطة معلومة في الدولة للمحاصيل الإستراتيجية مثل القطن والقمح ، ولا وجود إي الأصناف تزرع وإي مساحة تزرع لكل صنف وإين تزرع بالوجه البحري أو القبلي ، بعيد عن وزارة الزراعة تسمي السياسة الزارعية والدورة الزراعية، بل تركه للمجهول ولكن لم يكتفوا بذلك بل حملوه غلاء الأسمدة وتكاليف الجني والزراعة وعدم وجود المحالج الصالحة لغزله وعدم شرائه وتسويقه، وتجاهل معهد بحوث القطن عن إستحداث سلالات جديدة لجودة وزيادة الإنتاجية ، وأخيرا عدم دعمه بل تفضيل المستورد من أقطان الصين والهند وباكستان الذين يدعمون زراعته، بل أكثر من ذلك برسوم حماية وإغراق ودعم المصدر وليس الفلاح الزراع إي تركته في مهب الريح . بينما يري الصناع أن إستهلاك مصر من القطن طويل التيلة لا يزيد علي 600 ألف قنطار واستخدامه بشكل خاطيء محل القطن متوسط التيلة مما يهدر قيمته والمال ، فلا توجد رؤية حكومية أو دراسة للأسواق العالمية والمحلية ومدي الاحتياج فيها فمصانع الغزل تقوم باستيراد القطن الشعر والجمارك غير موجودة ويكثر التهريب، و المحالج تعمل بطاقة 50٪ من طاقتها لتهلاكها فيتم إستيراد قطنا محلوجا ، وعدم وجود مغازل للخيوط الرفيعة ولا تجهيزات للأقمشة المصنوعة الرفيعة مما يؤدي لعدم الطلب عليها في السوق المحلي والعالمي ، وتجاهل إستنباط سلالات جديدة من قصيرة التيلة تناسب الاستخدام الحالي، أو زراعته في الصعيد بديلا عن الوجه البحري لان قصير التيلة دورته 6 شهور وإنتاجيته 12 قنطار للفدان ، مقارنة بطويل التيلة 9 شهور وإنتاجيته لا تتعدي من 4: 5 قنطار للفدان فقط .. إذا من يخرج القطن المصري من غرفة الإنعاش منذ أكثر من 50 عاما ومن يحيي صناعة الغزل والنسيج ويجعلها مشروعا قوميا مثل خالد الذكر طلعت حرب ، ومن يغيث الفلاح المسكين ويسترجع فرحته والتغني بلونه الأبيض أو البكاء علي القطن المصري . [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ