لم نركع أمام من يعبث بأمن مصر أو الضغوط الخارجية ولن نسمح باستخدام ورقة المعونة الأمريكية للانتقاص من السيادة الوطنية .. هكذا كانت التصريحات والتحركات من أول الرأس المتمثل في المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم بأمره علي أم الدنيا ، ورئيس الوزراء الهمام "كامل الصلاحيات "، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي "مفجرة" القضية دون مقدمات ضد جمعيات المجتمع المدني لتلاقيها أموالا من الخارج بشكل ينافي القانون المصري ، وحتى مهاجمة مقار المنظمات ومصادرة ما بها من جانب الشرطة المدنية والعسكرية ، وتحريك الدعوى القضائية ضدهم وتحويلهم إلي دائرة الجنائيات، مع تحريضا إعلاميا علي الفضائيات والجرائد للخونة والعابثين بأمن الوطن ، فحان الوقت لاستعادة الكرامة المصرية والضرب بيد من حديد علي من ينتقص من سيادتنا ، ومما جعل 19 متهما أمريكيا من 43 يختبئون كالجرذان في السفارة الأمريكية خوفا من المثول أمام المحكمة ، هكذا كان مشهدا رائعا أشعر الجميع بالفخر مع تزايد التصدي للزيارات من الساسة الأمريكان" فلا تراجع ولا استسلام ". وتتوالي المشاهد بتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلا ري كلينتون أمام لجنة الشيوخ الأربعاء الماضي أن أمريكا ومصر في طريقهما لحل أزمة المنظمات الحقوقية وتريد رفع حظر السفر عن مواطنيها والمغادرة لبلدهم وعودة المنظمات إلي ممارسة أعمالهم بمصر ( فضحكنا ) النظام السابق الراكع أنتهي ( لما أقول كلمة لا يمكن أرجع فيها أبدا) ، وفي التوقيت ذاته قام المستشار محمد محمود شكري رئيس الدائرة التي تنظر القضية وقام بتأجليها إلي جلسة 26 إبريل المقبل، وإذ فجأة بتقديم مذكرة إلي رئيس محكمة الاستئناف يطلب فيها التنحي عن القضية (استشعارا منه للحرج ) ، والمشهد الثالث في الخميس الأسود عن طريق رئيس محكمة الاستئناف (رئيس اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية) باعترافه علي الأعلام "مفتخرا" بأنه أتصل بالقاضي وطلب منه التنحي بحجة عمل أبنه بأحد المكاتب الأجنبية " وهو ما نفاه القاضي نفسه" ثم شكل دائرة بعينها للفصل في طلب رفع حظر السفر علي الأجانب والذي رفض في جلسة المحكمة الأصلية لتوافق عليه التي شكلت من ثلاث قضاه (أداريين) يعملون في المكتب الفني أي"لجنة" وليست دائرة قضائية وأصدرت قرارا بإخلاء سبيل المتهمين ورفع حظر السفر عنهم بكفالة مالية 2مليون جنيه لكل منهم ، ويأتي أبو المعز"المخلصتي" بصراف خزينة المحكمة في التاسعة صباحا لتحصيل غرامات الإفراج عن المتهمين الأمريكيين، وهذا غير قانوني لأنهم غير محبوسين للإفراج عنهم بكفالة مالية " فلا يجوز إخلاء سبيل المتهم الغائب " وما كان ليجوز لغير الدائرة التي سوف تحال إليها القضية أن تفصل في طلب رفع الحظر، بالإضافة إلي تشكيل دائرة بعينها لنظر مسألة بعينها يخرج عن حدود التفويض القضائي الذي فوضته الجمعية العمومية لقضاة محكمة استئناف القاهرة إلي رئيس المحكمة وبالتالي يعتبر التصرف باطلا لخروجه عن حدود التفويض ، بل يزيد هذا المستشار علي الهواء بأحد القنوات أن القضية جنحة وليست جناية مع إجماع القانونيين والقضاة أنه جناية وعقوبتها السجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات لكل من تسلم أموالا أو منافع من شخص أو هيئة خارج مصر أو داخلها في سبيل تخريب مصر وهو ما ثبت في حق جميع المتهمين من مصريين وأجانب ، وآخر المناظر المؤلمة في ذلك اليوم الأسود نزول الطائرة العسكرية الأمريكية في مطار القاهرة دون تصريح أو إبلاغ وقبل صدور القرار بالإفراج لتحمل المتهمين الأمريكيين إلي بلادهم مما يعد اختراقا السلطة المصرية. وهذا كله يطرح تساؤلات تحتاج لأجوبة شافية هل كان التصعيد ضد هذه الجمعيات العاملة في مصر وغير المرخصة منذ فترة كبيرة تصل لعشرات السنوات ولما كان مسكوتا عنها ولماذا الآن أو كان يجب أن يزداد التصعيد بحيث لا يصل لحافة القضاة حتى لا يتم استخدامه بما يضر هذا الحصين والمؤسسة التي يحتمي بها المصريين ، أم أن هذه المنظمات كانت تعمل فعلا لتهديد الأمن العام وإشاعة الفوضى في البلاد ، أو كان يجب إعادة النظر مرة أخري في مدي جدية هذه القضية وإزالة حالة الغموض وسوء الإدارة من تصرف الإدارة المصرية إزاء قضية تمويل منظمات المجتمع المدني والخلاف مع الحكومة الأمريكية سواء من مساعدة هذه المنظمات الحقوقية في التعريف بقضايا الحريات والتعرض للتعذيب والانتهاكات ضد حقوق الإنسان مما كانت مساعدا لقيام الثورة فأريد معاقبتها بشكل أو آخر ، أم كان الغرض الاستمرار في الكذب المتتالي وشغل الرأي العام عن تسليم السلطة أو المحاسبة عن دماء الشهداء والمصابين التي أهدرت دون محاسبة وقصاص من رموز النظام السابق المفسدين منذ الثورة وحتى الآن رافعين شعار "لنجيب حقهم أو نموت زايهم" ، أو بط خطوات المطالبة باسترجاع الأموال المهربة والمنهوبة لدرجة التآمر . نحتاج أجوبة لهذه القضية وملبساتها المذلة حتى تستريح قلوب المصريين لمن مس حقوقهم وسيادتهم الوطنية وتسبب في إهدار كرامة القضاء المصري أولا بتشكيل لجنة قضائية مستقلة للوقوف علي دور المجلس العسكري والحكومة ووزير العدل ومحاسبة رئيس محكمة استئناف القاهرة واستقالته والاعتذار للوطن وزملائه القضاة، ثانيا تحقيقا فوريا في ملابسات قرار تنحي هيئة المحكمة لأنه كشف مأساة ما يعانيه الوطن منذ سنوات لنظام قضائي غير مستقل يحتاج إلي التطهير والاستقلال من التدخل والاملاءات التي تفرض عليه لتسوية بعض القضايا مما يلقي بظلال الريبة.. فهل تكون هذه النكسة "شعرة معاوية" لكشف جميع الأطراف الغير برئية ؟!! المزيد من مقالات محمد مصطفى