يتوقع بعض الخبراء والمحللين أن تستمر الحرب ضد الإرهاب، وتحديدا ضد داعش طوال عام 2015، أى أن يستمر الصراع الدولى بين المنظمات الإرهابية وبين من أعلنوا الحرب ضد هذه المنظمات، خاصة فى العراقوسوريا، وهم يرجعون ذلك إلى أن هذه المنظمات كانت قد ظهرت بكثافة شديدة، ومرة واحدة فى مختلف الدول التى شهدت أحداث الربيع العربى، وكأنها خرجت معا دفعة واحدة بتنسيق داخلى فيما بين هذه المنظمات وبعضها، وبينها وبين قوى خارجية مؤيدة لها، وجاء إنتشارها فى فترة ساعدتها فيها موجات الفوضى التى عمت أنحاء عديدة من العالم العربى، من تونس إلى ليبيا ومصر وسورياوالعراق وغيرها. ومن المعروف فى الدراسات السياسية لتاريخ الثورات فى العالم أن كثيرا من الدول التى تشهد ثورات داخلية، تجتاحها الفوضى عقب هذه الثورات، وفى نفس الوقت فإن الفوضى وغياب سيطرة الدولة، يمثلان البيئة المثالية لانتشار وتزايد الجماعات الإرهابية، وعلى سبيل المثال، كان ظهور تنظيم القاعدة فى أفغانستان، مستفيدا من حالة الفوضى وغياب سيطرة الدولة هناك، وبعد ذلك كانت الفوضى التى حدثت فى العراق عقب الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، وهو ما أدى إلى مضاعفة حجم الإرهابيين فى العراق ثلاث مرات خلال سنة واحدة، حسب ما جاء فى تقارير متعددة لوكالات المخابرات الأمريكية. ولقد استفادت المنظمات الإرهابية من عنصرين ساعداها على الإنتشار وجذب مجندين جدد، سواء من الذين أمكن التأثير على أفكارهم أو من جانب مرتزقة يحترفون القتال مقابل المال. العنصر الأول، هو التمويل الضخم الذى كان يصل إلى المنظمات الإرهابية من مصادر عديدة، بالإضافة إلى إستيلائها على بنوك وموارد إقتصادية داخل المناطق التى سيطرت عليها، أبرزها البترول وتهريب الآثار والعنصر الثانى، هو الكميات الهائلة من السلاح الذى وصل إلى هذه المنظمات، والذى شهدنا فى مصر نموذجا له فى التهريب واسع النطاق فى فترة حكم الإخوان للسلاح من الحدود الليبية ثم وصوله بعد ذلك إلى سيناء. والمؤكد أن العمليات العسكرية المصرية قد وجهت ضربات شديدة وقاصمة لمنظمات الإرهاب فى سيناء، ثم أن التحالف الدولى مازال يواصل غاراته الجوية على تنظيم داعش والنصرة فى سوريا، وداعش فى العراق، لكن ما زال هناك تردد من جانب الولاياتالمتحدة لتطوير إستراتيجيتها لكى لا تكتفى بالضربات الجوية، وتقوم بإرسال قوات برية إلى العراق، خاصة بعد أن إتفق العسكريون فى الغرب على أن الغارات الجوية وحدها لا تكفى، ولابد من المواجهة بقوات برية، وهو أمر لم تحسمه إدارة أوباما حتى الأن، وإن كان من المتوقع أن تدفع إدارة أوباما فى النهاية إلى التسليم بوجهة نظر العسكريين. هناك أيضا نقطة خلاف داخل قوى التحالف الدولى ضد داعش، وهى أن الولاياتالمتحدة ما زالت تفرق بين منظمات الإرهاب وبعضها، فهى تعلن بعض هذه المنظمات إرهابية وتستثنى البعض الآخر. ومن المتوقع حسب ما يراه الخبراء والمحللون فى الغرب، أن يتضاءل هذا التمييز بين المنظمات الإرهابية مع مجىء الجمهوريين إلى الحكم فى الولاياتالمتحدة، وهو أمر شبه متوقع، حيث أعلنوا رفضهم لسياسة أوباما فى التعامل مع المنظمات الإرهابية، وقد وجهوا إليه انتقادات شديدة بسبب تراخيه فى مواجهة داعش فى سوريا فى بداية ظهورها وإنتشارها، وإتهموه بأن موقفه هذا كان من أهم أسباب تزايد قدرات وإنتشار داعش بعد ذلك إلى العراق. وقضية التفرقة التى تؤخذ على أوباما هى من أسباب إستمرار المواجهة الإقليمية مع الإرهاب فى عام 2015، لأن هناك جماعات أخرى لم يعتبرها أوباما إرهابية، ما زال أفرادها ينضمون إلى داعش، أو على الأقل يعلنون صراحة عن تعاطفهم معها. وكانت إدارة أوباما قد أعلنت إعتبار منظمات مثل "أنصار بيت المقدس"، ثم أخيرا منظمة "أجناد مصر"، منظمات إرهابية، لكنه رفض فى نفس الوقت إعتبار الإخوان منظمة إرهابية، فى حين أن الذين أعلنوا عن قيام منظمة "أجناد مصر" هم من الإخوان، وأن أنصار بيت المقدس كانت قد كشفت صراحة عن علاقتها بالإخوان عندما قامت بتصعيد عملياتها داخل مصر عقب عزل محمد مرسى، وما تضمنته بياناتها من تمسك بحكم الإخوان فى مصر، حتى من بعد ثورة 30 يونيو 2013. وبشكل عام، فإن المنظمات الإرهابية فى المنطقة لم تعد تهدد الدول العربية وحدها، بل إمتدت تهديداتها إلى مواطنى الدول الغربية أيضا، وهو ما خلق رأيا عاما قويا فى هذه الدول يضغط على حكوماته، لكى تكون لها مواقف أشد قوة وحسما فى مواجهة جميع المنظمات الإرهابية دون إستثناء أو تمييز. وبجانب ذلك فإنه تجرى عمليات تنسيق بين الدول العربية لإيجاد سياسات مشتركة لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه، وهو ما سوف يؤدى إلى توجيه ضربات مؤثرة على المنظمات الإرهابية خلال عام 2015. بالإضافة إلى ذلك، فإن أعداد الشباب التى كانت فى البداية مخدوعة بالشعارات الدينية التى يعلنها تنظيم داعش، قد بدأت تتبين أن تصرفات داعش لا علاقة لها بالدين الإسلامى، خاصة بعد أن صدمت بجرائم قطع الرءوس والتمثيل بالجثث وإغتصاب النساء، وبيعهن فى أسواق العبيد للحصول على إيرادات من خلال هذه التجارة الحرام، وذلك بالضرورة يمثل دعما للعمليات الأمنية والعسكرية مستقبلا ضد الإرهاب ومنظماته.