لا يتصدى لأداء الرسالات الوطنية إلا من استشعر عظمة الانتماء والاعتزاز بالوطن الذى يزخر بالكثير، فنا وعلما وثقافة.. وعمارة، الوطن الذى أسس للحضارة من خلال المكان عبر الزمان، والعمارة هى الركن الركين للثقافة ثم للمدينة ثم للحضارة. ومن ذلك انطلق المعمارى عصام صفى الدين (73 سنة) راصدا ودارسا ومعلما فى العديد من الجامعات لهذه العمارة وثقافتها المتواصلة، حالما بمشروع ظل يعد له ثم مؤسسا لبيت المعمار المصرى، متخذا له شعارا متميزا (ثقافة المواطن تجاه معمار الوطن). حيث وزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية، ثم القرارات الوزارية بشأن مسئولية التنفيذ والادارة، وبشأن تخصيص المنزل الأثرى (على لبيب) من العصر العثمانى بدرب اللبانة بميدان القلعة بجوار مسجد السلطان حسن وعدة آثار اسلامية أخرى، وهو نفس المنزل الذى كان المعمارى حسن فتحى يسكن فى طابقه العلوى حتى وفاته فى 1989، فاشتهر البيت آنذاك ببيت حسن فتحى بعد أن كان مشهورا باسم بيت الفنانين بالقلعة طوال القرن العشرين. وقد بدأت فكرة المشروع عند المعمارى عصام صفى الدين فى عام 1969 وهو مازال طالبا بقسم العمارة بكلية الفنون الجميلة متعرفا على أساتذته من الفنانين والمعماريين خاصة حسن فتحى ورمسيس ويصا واصف.. مرورا بجمال حمدان وثروت عكاشة، إلى أن تبلور الحلم إلى مادة علمية مناسبة فى عام 2009، ومن المنتظر أن يتم افتتاح هذا المشروع عظيم القيمة والهدف فى وقت قريب ليكون منارة ومزارا وتاريخا للمعمار المصرى عبر العصور، حيث يعمل المعمارى عصام على إتمام الانجاز الذى ظل يقوم به بنفسه وبيده عبر حوالى ثلاث سنوات. والبيت يحتوى العديد من القاعات والأماكن والممرات والأفنية المكشوفة، وفق ما وضعه المعمارى عصام من مادة علمية وتصميم للعرض وخطة مسار، تعرض لوحات وصور وكتابات ووثائق ونماذج مجسمة، وقاعات للندوات ومكتبة ورقية وأخرى رقمية، مستهدفا التواصل مع مجالات كثيرة متعددة، منها مجالات التعليم للمعمار، والآثار وتاريخ العمارة والمعماريين فى مصر، ومجال التربية الفنية والثقافة المعمارية، والتربية الوطنية وتزكية مشاعر الانتماء إلى الوطن وإلى البيئة المصرية متعددة المواضع. وهذه المجالات قلما تتوافر فى مكان واحد، وبالرغم من ضيق المساحة وكثافة المادة العلمية، فإن نجاج هذا المشروع الثقافى والتعليمى والتربوى هو أنه يعرض لها أو يشير اليها، مما يسبب متعة للزائر بوجه عام وفى هذا الاطار الأثرى الجميل، ويتيح للطالب وللباحث الدخول إلى مجالات معرفية وثقافية متكاملة، تشرح المعنى وتوضح لبواعث الابداع المصرى، سواء مما هو معروض أو ما هو متوافر بالمكتبتين الورقية والرقمية. وتشمل جولة الزائر داخل البيت وعبر أدواره المتعددة قاعة ملحمة تراث العمارة، ثم قاعة بيت الفنانين وفناء التربية الفنية، ثم قاعات عمارة مصر الشعبية بكل أنماطها البيئية، وعمارة مصر القديمة، وعمارة مصر المسيحية ومصر الإسلامية، ثم عمارة مصر التركية ومصر محمد على ومصر إسماعيل، ثم مصر الحديثة والمعاصرة، مرورا بقاعات فرعية أخرى مثل الأثاث والعمارة الداخلية المتوافقة مع الأصول التراثية، والمعماريون المصريون عبر القرن العشرين وأول الواحد والعشرين، وقاعة درب اللبانة متعددة الأغراض للمعارض والندوات، ثم ذروة الجولة وهى متحف المعمارى رمسيس ويصا واصف ومتحف المعمارى حسن فتحى فى نفس المكان والذى كان يسكنه، ثم على السطح النهائى يوجد المشهد التاريخى التذكارى الذى يطل على معظم نطاق القاهرة التاريخية. وقيمة تصميم مظهر وتفاصيل العرض رغم كثافته أنه جاء متوافقا مع هيئة وملامح البيت الأثرية، ومحافظا عليها، وأنه منفذ باسلوب بسيط متواضع وجاذب للطالب المبتدىء، وباعث على التفكير والتأمل بالنسبة للباحث المتخصص، ومع توافر مكانات شاشات العرض الضوئى لكثير من المادة العلمية غير المعروضة، وهى موجودة فى ركن كل قاعة، وكذلك فإن لكل قاعة مقدمة علمية وعند نهايتها تتوافر لوحة خاصة بموجز أهم التساؤلات والاشارات المستفادة من القاعة. ونتوقع أن يكون هذا الصرح مؤديا لرسالته الثقافية متعددة الاتجاهات، ابتداء من لحظة افتتاحه المرتقب، وضمن ما تتبناه وزارة الثقافة حاليا من مشروعات هامة، وحيث قرب الاحتفال أيضا بيوم المعمارى المصرى الذى تتبناه نقابة المهندسين ويرعاه السيد رئيس الوزراء، وحيث اختارت النقابة المعمارى عصام صفى الدين ليكون مقررا للجنة الإعداد له. هذا وقد تم استعراض ملامح وصور بيت المعمار المصرى بالمؤتمر الدولى فى روما فبراير 2014 الماضى والخاص بتوظيف المبانى التاريخية، وحيث تم اعتبار بيت المعمار من أفضل أمثلة التوظيف مع التقدير الكامل لأهدافه ومحتواه وقد قامت بعرضه آنذاك الدكتورة هبة صفى الدين.