علمنا القراء والمشاهدون فى هذا البلد بعضاً من أسوأ صفات وسلوكات هذا المجتمع، وأعنى الانتهازية والمتاجرة بالمواقف الوطنية وبفكرة الرأى فى ذاتها فى سبيل تحقيق مكسب فردى رخيص. إذ يوجه القراء أو المشاهدون مخاطباتهم ورسائلهم للصحفى أو الإعلامى صاحب المنبر طبقاً لنموذج صار متكرراً عناصره هي: الثناء على الرئيس السيسى وإظهار المحبة الجارفة والتأييد الكاسح لسياساته باعتبار أن ذلك منهج مضمون يفضى إلى ارتياح الكاتب والإعلامى ويؤكد أن صاحب الرسالة أو المداخلة هو: (مواطن صالح) ولا مانع لتدعيم تلك الفكرة عبر التهليل لرئيس الوزراء وبعض أعضاء حكومته. وبعد ذلك يبدأ القارئ أو المشاهد فى عزف فواصل من المديح المبتذل فى الصحفى أو الإعلامى متلقى الرسالة أو المداخلة، فيتحدث عن (وطنيته) و(مهنيته) و(محبة الناس له فى كل شبر من أرض مصر). يعنى القارئ أو المشاهد يقوم بتقديم رشوة حقيرة جداً للكاتب أو الإعلامي، لكى يستمع إليه ويهتم بما سوف يقول. وأخيراً يبدأ القارئ أو المشاهد فى طرح شكواه أو مطلبه، ويجتهد ما وسعه الإجتهاد فى تأكيد أنها ليست مطلباً فردياً ولكنها تتعلق بظاهرة عامة، وفى سبيل تعزيز ذلك المعنى يكذب القارئ أو المشاهد فى كثير من الأحيان- مشوهاً الوعى العام وناشراً شعوراً من السخط على أى جهاز دولة تمهيداً لابتزازه وإجباره على الانصياع إليه. ................................. وقد تعلم الناس بعض المهارات الإعلامية والصحفية التى تساعدهم على تحقيق مراميهم ومقاصدهم ومنها ربط شكواهم أو مطالبهم ببعض ما نشر فى الصحيفة أو تم بثه فى القناة التليفزيونية، ليثيروا انتباه الكاتب أو الإعلامى إلى استخدام رسائلهم أو مداخلاتهم فى تأكيد أن ما تنشره الصحيفة وما تذيعه القناة التليفزيونية يفضى إلى ردود أفعال عارمة! علمنا الناس مع كثير الأسف- أن ينافقونا وينافقوا السلطة ليحققوا مطالبهم التى انسدت أمامها أية آفاق طبيعية للاستجابة، أو علمناهم أن يتكئوا علينا ليبلطجوا على المسئولين أو على غيرهم من المواطنين ويتحصلوا ما ليس من حقوقهم. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع