«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من منبر للحرية .. إلى معقل للشائعات والفوضى والإرهاب
هل يغلق عام 2015 أبوابه فى وجه ديمقراطية الإنترنت؟

حولت وسائل التواصل الاجتماعى كلا من الحرية والإرهاب إلى وجهين لعملة واحدة. بعد سنوات من الانتشار، وعقب تحولها إلى وسيلة مبهرة لتداول الآراء والملفات والصور، وللتنفيس عن الأفكار والمعتقدات بحرية مطلقة بعيدا عن أعين الرقابة والسلطات، تحولت إلى شىء آخر تماما فى السنوات الأخيرة، بداية من دورها فى اندلاع ثورات ما يسمى ب"الربيع العربى"، ثم الربيع العالمى، ثم دورها فى الدعاية للأفكار والتنظيمات المتطرفة، ثم الإرهابية، وآخرها داعش.
نتشرت مواقع التواصل الاجتماعى مثل تويتر وفيسبوك ويوتيوب، ثم الواتس آب والإنستجرام، وغيرها، وأصبحت من سمات العصرالذى نعيشه، بفضل عدة عوامل، أولا مجانيتها، وثانيا تمتعها بالحرية بدون رقابة، وثالثها تمتعها بالخصوصية التى لا تتوافر فى وسائل الإعلام التقليدية.
ولا خلاف على أن الإنترنت هى بالفعل خير وسيلة لتحقيق مبدأ الحرية، ليس فقط من باب طرح المناقشات ووجهات النظر، ولكن لأن النشطاء والحقوقيين ودعاة الحرية والديمقراطية وجدوا فيها مصدرا رائعا وسهل الانتشار والاستخدام للدعوة لتنظيم المظاهرات والاحتجاجات، والترويج للمبادئ والأفكار الحرة التى يؤمنون بها، حتى ولو كانت ضد النظام أو ضد المجتمع، فالإنترنت تربة خصبة تنشأ فيها وعليها أصوات المعارضة، وتتكون عليها جبهات وائتلافات، ويحتشد فيها الملايين، وقادرة بالفعل على حشد الجماهير وصناعة أحداث ضخمة تستطيع أن تغير ملامح التاريخ.
وما حدث من ثورات الربيع العربى فى 2011 فى تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن بسبب استبداد الحكام ثم الإطاحة بهم، وما حدث فى أوكرانيا والبرازيل وبوركينا فاسو وإسبانيا والبرتغال واليونان وتايلاند وهونج كونج، وأيضا يحدث من مقدمات ل"ربيع أسود" فى الولايات المتحدة الآن بسبب عنصرية ووحشية الشرطة ضد الأقليات، كل هذه أدلة على أن الإنترنت عامة ومواقع التواصل الاجتماعى خاصة تدعم مبادئ الحرية وتروج لمن يدعو لها.
لكن الواقع نفسه فرض لاحقا حقيقة أخرى مُرة، قد تبين فى الفترة التى أعقبت ثورات الربيع، وحتى عام 2014، أن منبر الحرية هو نفسه الذى أصبح معبرا لنقل التطرف والإرهاب عبر الحدود، فممارسات تنظيم داعش الإرهابى وما يشبهه من منظمات متطرفة واستخدامها وسائل التواصل الاجتماعى فى الدعاية ونشر البيانات والحرب النفسية وطرق صنع القنابل والمتفجرات، فضلا عن تجنيد الإرهابيين، كلها جعلت ملايين المنبهرين بالإنترنت فى العالم يعيدون النظر فى هذه الوسيلة المبتكرة لتناقل المعلومات.
ولكن كيف كان أداء مواقع التواصل الاجتماعى إيجابيا، ثم تحول إلى أداء سلبى، ونكبة على الإنسانية جمعاء؟
الإنترنت أداة الحرية
كانت مواقع التواصل الاجتماعى وعلى رأسها تويتر وفيسبوك ويوتيوب، فى اعتقاد كثيرين، مجرد مواقع لتكوين صداقات والتواصل بين الأصدقاء، وشكل من أشكال الرفاهية الاجتماعية، لكن أثبت الواقع أن مواقع التواصل الاجتماعى ليست للرفاهية، فقد تحولت إلى آلية ضخمة لتخرج الثورات العربية من رحم هذه المواقع الإلكترونية، وذلك بعد استخدامها النشطاء العرب من تونس مرورا بمصر وليبيا وصولا إلى سوريا واليمن من أجل التواصل والتفاعل مع واقعهم، والتعبير عن غضبهم من الأوضاع فى بلادهم.
لم يكن أكثر خبراء التكنولوجيا العالميين وأساتذة الإعلام فى العالم يتوقعون أن يكون كل زائر للإنترنت يمكن أن يكون محررا إخباريا يغطى الأحداث من موقع وقوعها على مدار الساعة ومن أى مكان.
لكن بعد انطلاق ثورات الربيع العربى فى 2011 تسببت هذه الوسائل الإعلامية الاجتماعية الجديدة فى أحداث كبيرة ضربت أنظمة ديكتاتورية، وحفزت الشعوب على الثورة ضد الطغاة، لكن أهم ما قامت به أيضا هو ما يطلق عليه اسم "التشبيك الاجتماعى" التى أصبحت جزءا لا يتجزأ من المشهد العام فى العالم، ليس فقط العالم العربى بل العالم كله، فمظاهرات "الربيع الأسود" التى تجتاح الولايات الأمريكية حاليا، والتى تؤجج المشاعر ضد قتل طفل يبلغ 12 عاما لحمله مسدس لعبة فى أحد المتنزهات، ومن قبله مقتل المراهق الأسود على يد شرطى أبيض ثم تبرئته، خير دليل على ذلك، فقد انطلقت فى ولايات أمريكية مختلفة سلسلة احتجاجات بشعار "لا أستطيع أن أتنفس"، فى وقت سريع للغاية بفضل مواقع التواصل، وخرجت الاحتجاجات من القارة الأمريكية ووصلت لعدة دول أوروبية أخرى لتندد بما حدث من انتهاكات لحقوق الإنسان.
وبين عشية وضحاها، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعى المحرك الرئيسى للثورات فى كل دول العالم ، بل إنها أصبحت بمثابة الزعيم أو القائد لها، ووصل الأمر إلى أن ظهرت فى قواميسنا مصطلحات مثل "ناشط إلكترونى" فى تعبير عن المعارضين لأداء الدول والحكومات، حتى إن البعض يحلو له إطلاق لقب "ثورة الفيسبوك" على الثورة المصرية، بعد أن أصبح شباب الفيسبوك هم وقود تلك الثورات ، خاصة عقب تشكل ثقافة "فيسبوكية" من خلال شبكة الإنترنت والتواصل عبر المواقع الاجتماعية مع العالم الخارجى.
فقد وفر ظهور شبكات التواصل الاجتماعى فتحا ثوريا ، نقل الإعلام إلى آفاق غير مسبوقة، وأعطى مستخدميه فرصا كبرى للتأثير والانتقال عبر الحدود بلا قيود ولا رقابة. كما أن الخبرة والتسهيلات الجديدة التى وفرتها الإنترنت فى مجال التنظيم والاتصال والإعلام غيرت المعادلة القديمة التى كانت تضطر قوى التغيير إلى الاعتماد على دعم دول أخرى فى نضالها السياسى، كما كان الحال فى الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين.
لذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعى تلعب دورا داعما فى التغيير الاجتماعى، وتعد وسيلة ناجحة جدا للتواصل بين الحكام وصناع القرار والجمهور، إذ يؤدى غياب الحوار، إلى اختلال العلاقة بينهما وهذا هو الجانب الإيجابى للإنترنت.
الإنترنت وسيلة لتصدير الإرهاب
شهد عام 2014 ميلاد التنظيم الإرهابى «داعش» الذى استخدم الإنترنت كمسرح رئيسى، تتم فيه عمليات جذب المتحمسين إلى العنف والتطرف من كل بقاع العالم، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومنتديات الدردشة، خاصة أن ذلك يجنب المتطرفين الحاجة إلى لقاء المتطوعين الجدد وجها لوجه، كما كان يحدث فى أفغانستان، وبالتالى التعرض لمخاطر الاعتقال، كما أن الإنترنت هى النافذة الإعلامية الأمثل لعرض فيديوهات قطع الرؤوس وبيانات الجماعات الإرهابية التى تشكل جزءا رئيسيا فى الحرب النفسية الإعلامية ضد الآخر.
وقديما كان دعاة الفكر الإرهابى يلجأون إلى استخدام التسجيلات الصوتية لنشر أيديولوجياتهم، لكن الآن أصبحت ظاهرة التكفيريين ونشر الفكر المتطرف مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعى. فتحولت الإنترنت بدلا من أداة تعتبر منبرا للحرية، أصبح وسيلة ومعبرا لتصدير الإرهاب والأفكار المتطرفة.
ومن الواضح أن تصدير الإرهاب عبر الإنترنت سيتوسع أكثر فى 2015 مع رغبة الدول الغربية فى شن حرب على الإرهاب، وتكوين تحالف دولى تتزعمه أمريكا للقضاء على الإرهاب، وذلك لأن بيئة الإنترنت تعتبر استثمارية جدا لمثل هذه التنظيمات الإرهابية، فنحن أمام مجتمع افتراضى تحكمه ديمقراطية بلا حدود ودون قيود، فلا توجد مساءلة أمام تقديم محتويات غير قانونية عبر الإنترنت، فضلا عن إمكانيات هائلة فى التراسل الصوتى والمكتوب ذى الطبيعة السرية والفورية قليلة التكلفة، وهى كلها أمور تساعد أى تنظيم على بناء علاقات أعضائه فى الفضاء الإلكترونى بعيدا عن المراقبات الأمنية، يضاف إلى ذلك وجود أعداد هائلة من الزوار من مختلف الجنسيات، يمكن للتنظيم أن يجند بعضهم، أو يجذب تعاطف البعض الآخر.
الإرهاب الإلكترونى شبح 2015 القادم
كان نوعا من الخيال أن تتحول شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى إلى أهم منابر الإرهاب فى العالم ، وذلك بعد انتشارها الواسع بين الشباب بسرعة هائلة كالوباء لسهولة استخدامها، حيث لجأ إليها الإرهابيون والمتطرفون، لبث سمومهم ونشر الفكر المتطرف فى نفوس الشباب المغرر بهم.
وترتب على ذلك بروز مصطلح "الإرهاب الإلكترونى" الذى يشكل جريمة ضد الإنسانية تجاوز مداها الحدود الضيقة للبلدان لتأخذ صفة العالمية، وأصبحت خطرا يهدد و يخيم على العالم بأسره، فالتنظيمات المتطرفة تجد فى شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى مساحة للوجود والحراك متخفية بها عن عيون الحكومات،الأمر الذى دعا ثلاثين دولة إلى التوقيع على أول اتفاقية دولية لمكافحة الإجرام المعلوماتى فى العاصمة المجرية بودابست عام 2001، عقب الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها الولايات المتحدة فى الحادى عشر من سبتمبر من العام نفسه.
وتبلور "الإرهاب الإلكترونى" فى شكله الحالى عن طريق ثلاث مراحل هى، الأولى : مرحلة "الجماعات الإرهابية فى أفغانستان"، حيث كانت تتميز بالمحدودية والمباشرة فى تواصل التنظيمات الجهادية مع مناصريها والناس عبر الوسائل التقليدية، مثل منابر المساجد والخطب والمنشورات والمجلات الورقية والأنشطة الاجتماعية مع المجتمعات المحلية. ثم جاءت بعدها مرحلة "أحداث 11 سبتمبر" والتى تزامنت مع بدء انتشار الإنترنت حول العالم، حيث بدأت هذه الجماعات بإنشاء آلاف المواقع الإلكترونية العادية للتخاطب مع الناس، والتواصل عبر المنتديات الإلكترونية المغلقة. لتأتى بعدها المرحلة الأكثر نشاطا وحرية فى التحرك لهذه الجماعات على شبكة الإنترنت، وهى مرحلة "ما بعد ثورات الربيع العربى" والتى أفرزت ظهور تنظيم «داعش»، حيث تتميز هذه المرحلة باستخدام شبكات التواصل الاجتماعى بكل أنواعها بما تتسم به من انفتاح وانتشار.
وإذا دخلنا فى أعماق تلك الجماعات الإرهابية نجد أن قياداتها دائما ما يسعون إلى ممارسة تأثير أيديولوجى، للتواصل مع القاعدة الجماهيرية من خلال الحضور المرئى أو الصوتى الذى ينشر على الإنترنت، ثم يأتى دور"الشيوخ التكفيريين" الذين يبررون شرعيتهم من خلال إصدار فتاوى ونشر مواد دينية على الإنترنت، أما التنظيمات المسلحة فهى تعمل على نشر رسائلها ومعلومات وصور متعلقة بالجماعة وطرق تدريبها وتسليحها وخطفها للرهائن إلى العالم من خلال الإنترنت، أما المرأة فنجد أن عالم الإنترنت الافتراضى يعطيها فرصة جيدة للمشاركة الفعالة.
وتأتى فى النهاية القاعدة الجماهيرية والتى تعد الأكبر عددا، وتتكون من مؤيدى "الجهاد" الناشطين وغير الناشطين، الذين يتصفحون العديد من المواقع والمنتديات لتحديث معلوماتهم عن الجماعات التكفيرية.
وبذلك نجد أن شبكة الإنترنت أصبحت عبارة عن مكتبة افتراضية للمواد المتطرفة، توفر لأى شخص فرصة الحصول على مواد سياسية وفكرية وفتاوى تكفيرية.
ويعتبر تنظيم «داعش» الذى ظهر فى 2013 من أكثر الجماعات التكفيرية استخداما لشبكات التواصل الاجتماعى، حيث لجأ إليها وتفنن فى التعامل معها كمنصات للدعاية والإعلام وبث أفكاره وحشد المناصرين ولتجنيد الشباب من دول مختلفة، وذلك مع افتقار مثل هذه الجماعة إلى منصات إعلام تقليدية يمكن أن تصل بها إلى الناس. ويعتبر موقع "تويتر" من أبرز شبكات التواصل الاجتماعى التى اعتمدها تنظيم «داعش» لبث أفكاره وأخباره وفيديوهاته، ويقدر عدد أعضائه الآن بنحو 40 ألف مقاتل، حيث استطاع خلال الفترة الماضية عن طريق شبكة الإنترنت استقطاب نحو ألفى تكفيرى من أوروبا وحدها، أكثر من 80٪ منهم استطاع تجنيدهم عبر شبكات التواصل الاجتماعى. ويشار هنا إلى أن "فيسبوك" أعلن العام الماضى عن وجود نحو 83 مليون حساب مزيف ضمن قاعدة حساباته، فيما أعلن "تويتر" عن وجود 200 مليون حساب مزيف.
أداة فعالة للإرهاب
ومن أخطر استخدامات الإنترنت التى يستغلها الإرهابيون هى المعلومات المتاحة على الشبكة، مثل الخرائط وجداول مواعيد الهبوط وإقلاع الطائرات، وخرائط محطات مترو الأنفاق، فضلا عن أنهم يرفعون على الإنترنت معلومات مهمة وحساسة، مثل الأهداف الإستراتيجية التى تستغل فى أغراض تكفيرية. كما تستخدم الجماعات الإرهابية الإنترنت فى حصول على دعم مادى من خلال الدعاية لعملياتهم، الأمر الذى يجعل مؤيدى المنظمات التكفيرية الذين لا يشاركون فى عمليات بشكل مباشر، يرسلون الأموال كنوع من الدعم والجهاد غير المباشر.
قيود على الإنترنت
لكن المشكلة الأكبر التى تواجه الجهات الأمنية للدول التى تحاول الحد منها هى أنه بعد غلق تلك المواقع و المدونات - فضلا عن صعوبة إغلاق جميع المواقع التكفيرية تقنيًا - كثيرا ما يلجأ القائمون على تلك المواقع الإرهابية إلى نقل جميع المشاركين فيه ومعلوماته ومواده إلى موقع آخر جديد يظهر على الإنترنت.
فى الوقت نفسه نجد أن تلك المواقع توفر معلومات كثيرة عن التنظيمات وأفكارها ومستوياتها الهيكلية، وبالتالى تعتبر هذه المواقع نفسها، مصدرًا مهمًا لأجهزة مخابرات الدول.
ومن جانبها تقوم مواقع التواصل الاجتماعى العالمية بعمل فلترة شبه يومية للمحتوى الإلكترونى، بحيث تزيل أى محتوى مخالف يحوى عمليات إعدام أو تحريض أو تعليم صنع الأسلحة، كذلك فإن مطورى تكنولوجيا المعلومات وخبراء الإنترنت طالبوا بملاحقة أنشطتهم التوسعية بأنشطة حماية وسد ثغرات لحماية هذا الفضاء الحيوى من أن يصبح ساحة إرهاب دامية. فيبدو أن الدول التى وضعت قيودا على حرية شبكة "الإنترنت" من قبل كان لها بعد نظر، و قد أدرجت منظمة "مراسلون بلا حدود" فى تقريرها لعام 2014 إيران، و الصين وسوريا وكوريا الشمالية وكوبا، ضمن الدول "أعداء الإنترنت" لفرضها رقابة واسعة النطاق على الإنترنت. وتحاول بعض الدول الآن مثل بريطانيا و باريس و الولايات المتحدة دراسة بعض القوانين الجديدة لمكافحة الإرهاب، تمنع المواطنين الذين يصبحون مقاتلين أجانب فى الخارج من العودة إلى بلادها.
ولكن موقف القانون الدولى من استخدام الإرهاب الإلكترونى، يثير الكثير من التساؤلات تتعلق بمدى اعتبار العدوان والهجمات الإلكترونية استخداما للقوة بالمعنى الذى ورد فى المبادئ العامة التى أقرها القانون الدولى. حيث تعد قضية محاربة "الإرهاب الإلكترونى" لا تقل أهمية عن محاربته على أرض الواقع .
فغياب اتفاقية واضحة على المستوى الدولى للتعامل مع ظاهرة الفضاء الإلكترونى وتنظيم استخدامه، وتوضيح الحقوق والواجبات قد يجعل الدول لا تشعر بأى إلزام للتعاون مع غيرها، ومن ثم فإن عدم التعاون يشكل جزءا مهما من تعقيد المشكلة.
كذلك يجب حث ودعم جهود جميع الفاعلين فى مجتمع المعلومات العالمى من أجل الحفاظ على الطابع السلمى للفضاء الإلكترونى، وهو ما يستلزم تعاون الدول والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والأفراد من أجل بيئة آمنة وموثقة فى الفضاء الإلكترونى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.