بدعوة من وكالة انسا ذهبت لحضور إطلاق الطبعة السنوية العاشرة من «الكتاب المصور» للوكالة، والذى يضم بين جنباته رؤية وصورا متعارضة للأمال وخيبات الأمل، والحماسة وعدم الاهتمام، والفخر وعدم الامانة ومثلما يقول اعضاء فريق الكتاب المصور فأن الصفحات تظهر الواقع مثلما يحدث فى ايطاليا فى هذه اللحظة «تعايش الاضداد» جنبا إلى جنب فى ظل نظام متوازن، وتظهر الصور خيبة الأمل من الخروج من كأس العالم ومهاجمة بالوتيلي، والبهجة العارمة بفوز فينشترو نيبالى ببطولة فرنسا الدولية للدراجات، وذلك بعد 16 عاما من أخر فوز ايطالى بهذه البطولة. ويظهر العام الرياضى فى ايطاليا حقيقة الوضع فى البلاد بصورة عامة فهى مثلما تقول أنسا «غير قادرة على الفوز كفريق»، إلا أنها لازالت قادرة على انتاج العديد من الابطال الفرديين فى مجالات عدة! ويعقب محررو انسا بالقول إن هذه «حقبة الرجل الوحيد فى المقدمة»! ويظهر رئيس الوزراء ماتيو رينزى وحيدا فى قاعة البرلمان فى أول عام للحكم فى البلاد، وحالة التفاؤل التى غمرت البلاد من جراء وصوله إلى الحكم. والآن فأن رينزى يحارب معركته من اجل الاصلاحات الدستورية وحيدا، خاصة بعدما أعلن الرئيس الايطالى جورجيو نابوليتانو استقالته من منصبه، وهو الرجل الذى حافظ على قدر من التماسك للنظام السياسى الايطالي. ويحارب رينزى من اجل إصلاح النظام الانتخابي، واصلاح مجلس الشيوخ (تقليص صلاحياته)، فضلا عن إصلاح قوانين العمل، التى أدت إلى تفجر موجة اضرابات ضده فى الأيام القليلة الماضية. وكان لافتا فى الندوة التى عقدت بالبرلمان الإيطالى حول الكتاب المصور برئاسة بيترو جراسو رئيس مجلس الشيوخ، أن الرجل كان صادقا عندما أكد «لدينا الفردية فى ايطاليا، وعلينا أن نتعلم كيف نعمل كفريق»، ويبدو أن القاضى السابق ورئيس مجلس الشيوخ الحالى هو أحوج من يكون لأن يجتذب بقية الساسة الآخرين للتعاون، فوفقا لمصادر مطلعة فأن الرجل هو المرشح الأبرز لانتخابه رئيسا للجمهورية الايطالية خلفا لنابو ليتانو، ولذا فأنه أدار الندوة وغادر بسرعة، ولم يعط تصريحات أو يتوقف لتبادل أى حوار، فالساعات والأيام المقبلة مهمة جدا لمستقبله ومستقبل البلاد. فقد خرج سيلفيو بيرلسكونى عراب السياسة الايطالية ليصرح بوجود إتفاق على المرشح المقبل للرئاسة، إلا أن الحزب الديمقراطى سارع لينفى وجود مثل هذا الاتفاق. ولكن المصادر الايطالية العلمية أكدت للأهرام أن جراسو هو الرئيس المقبل للبلاد. ويبدو أن صراع رئيس الوزراء الشاب يأتى من داخل حزبه نفسه، فقد هاجم بشده ستيفانو فاسينا أحد زعماء النواب المتمردين فى الحزب الديمقراطى الحاكم مؤخرا رئيس الوزراء، وهدده «بأنه لن يسمح له بتشويه من يختلفون معه فى الرأي.. فهذا أمر غير مقبول» متهما رينزى بأنه حول الحزب إلى جزء من النخبة، وفى المقابل حافظ رئيس الوزراء ر ينزى على هدوئه وقال، إن فاسينا يتحدث بعاطفية! وأكد رينزى أنه لم يغضب عندما جرى وصفى بأننى النسخة المحلية من «تاتشر» رئيسة الوزراء البريطانية الأسبق المعروفة بمواقفها اليمينية المتشددة، ويعد ذلك أتهاما نظرا لأن حزب رينزى يسار وسط. وأضاف رئيس الوزراء الايطالى «لم أغضب عندما قيل أن قانون العمل هو قانون فاشي، ولا دمغ برنامجنا الاقتصادى بأنه برنامج الترويكا». ومن المدهش أن المشهد السياسى الايطالى لا يكتمل إلا بعصابات الجريمة المنظمة «المافيا»، ولقد تفجرت مؤخرا فضيحة شبكة المافيا التى تتحكم فى الهجرة غير الشرعية، والمساكن الشعبية (شبه المجانية) فضلا عن التلاعبات والاختلاسات فى العقود مع شركات البناء والمقاولات، ولقد تفجرت الفضيحة فى بلدية روما وبطلها ارهابى يمينى ينتمى إلى الخلية المسلحة الثورية، والذى سبق الحكم عليه بالسجن. وبعد خروجه قام بإبتزاز السياسيين ورشوتهم من اجل تمرير صفقات مشبوهة، والغريب أن اعضاء مجلس البلدية من المستشارين سواء ممن ينتمون إلى اليمين أو اليسار كانوا من الذين تورطوا، والوحيد الذى كان بالمرصاد هو عمدة روما أينيا تسومارينو الذى ينتمى للحزب الحاكم. ولقد هاجمه اعضاء حزبه فى البداية إلا أن مع تكشف الفضيحة غيروا مواقفهم، والآن يحاولون الانحياز إلى مواقفه السابقة التى كانوا يعارضونها! ولقد قرر مديرية شرطة روما منح العمدة حماية شخصية له خوفا على حياته، والرجل يتجول فى أرجاء العاصمة بالدراجة! ويقول الكاتب الصحفى العراقى المقيم فى ايطاليا محمود الدليمى إن متاعب رئيس الوزراء لا تقف عند حدود فضيحة المافيا، بل أن أخطر ما يواجهه هو رغبته فى إصلاح قانون العمل، وخاصة المادة 18 من قانون منع الفصل بدون مبررات. فوفقا للتعديل المقترح فأن صاحب العمل الذى لديه منشأة بها 15 18 موظفا له الحق فى تسريح من يشاء، كما أن أصحاب العمل تعطيهم التعديلات المقترحة الحق فى تسريح العمالة المؤقتة بسهولة. ويقول الدليمى إن خصوم رئيس الوزراء من نقابات العمال يقولون أن هذه التعديلات هى صورة من رغبات اتحاد الصناعات الايطاليين. ويبقى أن هذه هى اللحظة فى ايطاليا، والتى حسبما قال جوليوا نسلمى رئيس وكالة أنسا فأن معرض وكتاب الصور السنوى بات تراثا وجزءا من ذاكراتنا الجماعية، ولقد كان مفيدا أن نتوقف مع عدسة المصورين لنتأمل عاما فى حياة أمة، وعملية كفاحها الصعب مع الحياة وصعوبات العيش، ومع الجريمة المنظمة، وعملية التعايش الصعب ما بين المصالح المتعارضة من اجل غد أفضل. وربما يكون فيما يجرى حولنا درسا نتعلمه بأن الديمقراطية عملية متواصلة وأن تحسين ظروف الحياة عملية أصعب!