لا أدرى سر فرحة العرب بتقرير الكونجرس الأمريكى الفاضح لوسائل تعذيب وكالة المخابرات الأمريكية لمعتقلى ما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وتحديدا سجن جوانتانامو وغيره من معسكرات القمع داخل الولاياتالمتحدة أو خارجها. ولدى الذاكرة البشرية خفايا سجن أبو غريب بالعراق، فجنود الاحتلال الأمريكى لم يكن يحلو لهم البصق والتبول سوى على رؤوس وأجساد العراقيين، وكان هذا قليلا من كثير روع المدافعين عن حقوق الإنسان والحيوان معا.اجتهد الأمريكيون فى تحليل كيفية محاكمة المسئولين عن التعذيب على مستوى البيت الأبيض وقيادات المخابرات، ولكن لم نسمع عن اى تبرير قدمته الحكومات العربية المتهمة بالمشاركة فى عمليات التعذيب بالوكالة، ومنها مصر والمغرب والعراق والأردن والسعودية والجزائر وموريتانيا وليبيا وسوريا والامارات واليمن. فقد اتهم تقرير الكونجرس هذه الدول بتسهيل عمليات التعذيب. ولم تعلق حكومة عربية صراحة عما تعرضت له من اتهامات من التقرير، وسارع المحللون الى تفنيد أجزائه واستقراء موقف باراك أوباما منه، وهل سيقضى على مستقبل الديمقراطيين أم الجمهوريين فى انتخابات الرئاسة المقبلة؟ ولم يلتفت أى من هؤلاء الى ما هو المطلوب من الحكومات العربية التى ورد اسمها ضمنا بالتقرير، وما هى مبررات المشاركة فى تلك الفضيحة ولصالح من أن تشارك دولة ما فى تعذيب معتقلين من أجل دولة أخري. وإذا كان حديثنا ينصب مباشرة على مصر، فيبدو أن الجهات المعنية لم تقرأ التقرير حتى وقتنا الراهن وكأنه لا يهم سوى الأمريكيين فقط. والأغرب أن بعض الكتاب استغل التقرير فقط لتوجيه الاتهام الى نظام الرئيس حسنى مبارك وكأنه الشيطان الوحيد الذى حكم مصر، وكأن ما سبقه من أنظمة كانوا يعيشون فى الجنة، فكل حكومات ما بعد ثورة يوليو مارست التعذيب بصورة منهجية ضد المواطنين. لقد تم كل هذه بحجج مختلفة فى كل نظام. وإذا كانت الصحافة الأمريكية وصفت التقرير بأنه وصمة عار على جبين أمريكا، فهو أيضا وصمة عار بحق كل مسئول مصرى شارك فى الجريمة. لمزيد من مقالات محمد أمين المصري