«أنا لاجىء يهودى عربي» افتكاسة غريبة وكذبة جديدة ، تواصل إسرائيل إطلاقها عبر حملة دولية، جندت لها أكبر عدد من مواطنيها اليهود الذين قدموا إليها من الدول العربية عام 1948، ودعتهم فيها إلى عرض شهادتهم الذاتية المزورة والمفبركة بالطبع باللغات الإنجليزية والعبرية والعربية على شبكات التواصل الاجتماعى، وهم يقولون كذباً إنهم لاجئون عرب هجرتهم وطردتهم الأنظمة العربية بالقوة واستولت على ممتلكاتهم عنوة، ويطالبون الدول العربية بتعويضهم عنها ، وفقاً للخطة التى يحشد لها وزير الخارجية اليمينى المتطرف أفيجدور ليبرمان ورئيس وزرائه المتطرف أيضاً بنيامين نيتانياهو ، سفراء اسرائيل والمنظمات اليهودية الصهيونية العالمية ومكاتب السمسرة والمحاميين اليهود. وكما عودتنا إسرائيل انطلقت هذه الخطة من عدة أكاذيب وافتراءات من بينها على سبيل المثال أن اليهود العرب طردوا من بلدانهم بالقوة الجبرية (بينما تذكر الوثائق الرسمية للحركة الصهيونية أن مؤسسى إسرائيل خططوا لإقامتها معتمدين على اليهود الغربيين لكن الحرب العالمية الثانية وماحدث لليهود جعلهم يلجأون إلى اليهود العرب لتحقيق التوازن الديمغرافى بينهم وبين الفلسطينيين وهو مادفع أول رئيس لوزراء اسرائيل ومخابراته وعملائه إلى تنفيذ العمليات الإرهابية فى الدول العربية و تفجير الكنس والمعابد واغتيال شخصيات يهودية نافذة حتى دب الهلع فى قلوب اليهود وفروا من أوطانهم الى اسرائيل ومن تلك الأكاذيب أيضاً أن هؤلاء اليهود العرب كانت أعدادهم عام 1948 م وممتلكاتهم تفوق أعداد وممتلكات اللاجئين الفلسطينيين وأن الأراضى التى كانوا يمتلكونها كانت تفوق مساحة فلسطين كلها قبل التقسيم ! وقد بلغت تلك الحملة ذروتها من الدّجل عندما تعهد نيتانياهو- فى احتفال أقامته اسرائيل لأول مرة يوم 30 نوفمبر الماضى سمته يوم اللاجئين اليهود من الدول العربية - بملاحقة ومقاضاة ست دول عربية هى : مصر والسعودية والعراق واليمن والمغرب وسوريا لاستعادة ممتلكات هؤلاء اليهود ، كما بلغ حد الدجل والكذب أعلى مدى له بان أعدت إدارة أملاك الدولة بوزارة الخارجية مشروع قانون طرحته على الكنيست ، يطالب ببجاحة فى مادته الأولى 13 دولة عربية ( 6 دول تضمنها تعهد نيتانياهو و7 دول أخرى هى: الجزائر وتونس وليبيا والسودان ولبنان وموريتانيا والبحرين ) بتعويضات قدرها 300 مليار عن ممتلكات اليهود العرب وماأنفقته اسرائيل عليهم من موارد منذ عام 1948 لاستيعابهم ، وقد تجلت محاولة ابتزاز اسرائيل للسعودية بمطالبتها فى المادة الثانية من مشروع القانون المذكور ب100 مليار دولار تعويضاً عن أملاك يهود خيبر وبنى قريظة والنضير وقينقاع فى الجاهلية وصدر الإسلام . وقد امتنعت اسرائيل من قبل عن وصف اليهود القادمين من الدول العربية بأنهم لاجئون ، حتى ان ديفيد بن جوريون كان يبتعد عن إثارته مثلما يبتعد عن النار ، فاللاجئون قد يعودون إلى أوطانهم أما المهاجرون فسيستوطنون فى اسرائيل . وبالرغم من ذلك أثيرت هذه القضية فى سبعينيات القرن الماضى عن طريق المؤتمر اليهودى العالمى بتأسيس منظمتى اليهود المنحدرين من الدول العربية والعدالة من أجل اليهود العرب اللتين قدمتا إلى الأممالمتحدة عام 2007 وثيقة مزورة تطالبها بالاعتراف باللاجئين اليهود العرب مثلما اعترفت باللاجئين الفلسطينيين . ولأن اسرائيل هى المتبوع والولايات المتحدة هى التابع بسبب أهمية أصوات اليهود فى الانتخابات الأمريكية فقد سارع مجلس النواب الأمريكى عام 2008 بضغوط من اللوبى اليهودى الصهيونى إلى اصدار قراره رقم 185 بضرورة الاعتراف باللاجئين اليهود العرب فى اسرائيل وإنشاء صندوق دولى لتعويضهم واللاجئين الفلسطينيين معاً . وحتى الآن لم يتوقف الجدل بين اليمين والوسط واليسار فى اسرائيل حول حملة « أنا لاجىء يهودى عربى « وإن كان اليهود العرب القادمون من الدول العربية يرفضون وصفهم بعد عقود من المواطنة فى اسرائيل بانهم لاجئون. ويبقى السؤال لماذا هذه الحملة الآن ؟! الجواب هو: لتوظيف الجدَل والدّجل والابتزاز السياسى فى الإبقاء على الأبواب والنوافذ موصدة أمام حق الفلسطينيين فى العودة والتعويض ، ووضع عراقيل جديدة أمام المفاوضات المتوقفة والمتعثرة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فى وقت يسعى فيه الفلسطينيون والعرب إلى طرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن بشأن تحديد سقف زمنى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإقامة دولة فلسطين وتثبتها دولياً على حدود عام 1967 وحشد الدعم الدولى له . لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين