أكد علماء الدين انه لا يجوز الشهادة على أى صورة من صور الزواج السرى الفاسدة، وأن من يشهد على ذلك فهو آثم شرعا، واعتبر العلماء الزواج العرفى الذى لم يستوف أركان وشروط صحة النكاح ولا يتم الإشهار فيه، نوعا من هذه الزيجات، يأثم الشاهد عليه لأنه يشهد على عقد باطل، كما يأثم أيضا كل من يشارك فى هذا العقد. وقال الدكتور القصبى زلط عضو هيئة كبار العلماء، إنه من المعلوم أن الشرع أوجب الولى والشاهدين لعقد الزواج فقال عليه الصلاة والسلام«لا نكاح إلا بولى وشاهدين»، مشيرا إلى أن جمهور الفقهاء أكدوا أن الولى لابد أن يكون هو من يلى العقد نيابة عن ابنته، ولا تتولى المرأة العقد بنفسها، ولكن الإمام أبا حنيفة أجاز للمرأة أن تباشر عقد الزواج بنفسها إذا كانت عاقلة رشيدة بالغة، ثم بين فى الوقت نفسه انه يجوز لوليها ان يفسخ عقد النكاح او يطالب بالطلاق إذا تزوجت ابنته من غير كفء لها أو بدون مهر مثلها. وتساءل الدكتور القصبى زلط: ما الداعى أصلا للزواج العرفى الذى لا يتم الإشهار فيه إذا كانت نية الرجل والمرأة خالصة وسليمة، وهدفهما تكوين أسرة مستقرة بلا مشكلات أو منغصات؟!. وأضاف: أنه بالنسبة للشهود على عقد الزواج العرفى غير مكتمل الأركان، فإنه لا يصح إطلاقا أن يشهد واحد من الناس على مثل هذا الزواج، لأنه لا يخلو من المشكلات المجتمعية التى لا حصر لها، وأرى ان من يشهد على العقود العرفية للزواج التى تحدث بين بعض الناس حاليا وتكون فى السر ولا يتم الإعلان عنها، فإنه يأثم وسيحاسب عليها أمام الله تعالى، ثم أقول للمرأة التى تلجأ إلى مثل هذا الزواج بهدف الحفاظ على معاش زوجها المتوفى هذا افتئات على حق وقانون ومال الدولة، وأن التعدى على المال العام يعتبر سرقة مقنعة، فليتق كل واحد منا ربه. الشهادة لابد منها وفى سياق متصل، يؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر وأستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن حكم الزواج الذى لم يوثق صحيح شرعا إذا كان قد استوفى أركان عقد الزواج وشروط صحته، ومن أهم أركانه أن يعقده ولى أمر المرأة، والشهادة شرط من شروط عقد الزواج عند جمهور علماء الفقه الإسلامي، وهى أحد الشروط المهمة جدا حتى وصل أمر إيجادها أن سمى فريق من الفقهاء حضور الشاهدين ركنا من أركان عقد الزواج، ومن أقوى ما يستند إليه الرأى القائل باشتراط وجود الشاهدين عند عقد الزواج، ما رواه الإمام مالك فى كتابه «الموطأ»، والبيهقى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة، فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت، أى لو كنت أذعت حكمه على عامة الناس لقمت بعقوبة هذين الزوجين بالرجم، لأنه لا يوجد عذر لهما حينئذ، ولكنى لم أذع هذا الحكم على الناس، فالزوجان معذوران بجهلهما بالحكم، وبجانب هذا الدليل، هناك الدليل العقلى أيضا الذى يدل على اشتراط الشاهدين، وذلك لأن العقد كما يتعلق به حق المتعاقدين وهما الزوجان، فإنه يتعلق به أيضا حق غير المتعاقدين وهم الأولاد الذين سيكونون ثمرة عقد الزواج، فكانت الشهادة إذن لابد منها فى عقد الزواج سواء كان موثقا فى جهات الاختصاص فى الدولة أو عرفيا لم يوثق. وأشار إلى أن عقود الزواج التى تحدث بين بعض الشباب فى الجامعات والمدارس وغيرها فى المجتمع حاليا دون توثيق ودون أن يكون ولى المرأة هو الذى يباشر عقد النكاح، فهى عقود فاسدة شرعا واقرب إلى الزنا، موضحا أن كل من يشهد على مثل هذه العقود التى لا يعقدها ولى أمر المرأة يقوم بعمل محرم شرعا ويأثم على ذلك، لأنه يشهد على عقد لم يستوف أركانه وشروطه الشرعية. من جانبه يؤكد الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن الزواج العرفى إذا توافرت له أركانه وشروطه وتم الإعلان عنه فإن الإشهاد فيه كالإشهاد فى النكاح الموثق ولا شىء على الشهود وشهادتهم صحيحة، أما ما يتم حاليا فى المجتمع من حالات للزواج العرفى الذى لا يتم الإعلان عنه فهو من قبيل الأنكحة الباطلة، والمشارك فيه والشاهد عليه أطرافه جميعا يأثمون لاشتراكهم فى عقد باطل باتفاق الفقهاء على بطلان النكاح السرى.