فى تناقض واضح مع أفعال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مع الدول الأخرى ، رفض الرئيس الإسلامى أمس بشدة تدخل أى جهة أخرى بالنقد والاعتراض على سياسة القمع التى تمارسها سلطاته الأمنية ضد وسائل الإعلام المعارضة له، معتبرا ذلك شأنا داخليا. وقال أردوغان فى تصريحات له ردا على الامتعاض الذى أبداه الاتحاد الأوروبى من الإجراءات الأخيرة ضد المعارضين فى تركيا إن بلاده ستتعامل مع مشكلاتها الخاصة بنفسها ، مضيفا أن أولئك الذين شاركوا في"الأعمال القذرة" على حد تعبيره سيتم التعامل معهم بشكل حاسم،وأوضح أن المعايير الديمقراطية فى بلاده تشهد ازدهارا رغم حملة القمع الأخيرة. كما أشار أردوغان فى تصريحات تليفزيونية هى الأولى من نوعها منذ الحملة القمعية ضد الإعلام التى بدأت أمس الأول إلى أنه "لا يمكن للاتحاد الاوروبى التدخل فى خطوات اتخذت ضمن حكم القانون ضد عناصر تهدد أمننا القومي" ، وأضاف "فليهتموا بشئونهم الخاصة"ويحتفظوا بأفكارهم». جاء ذلك فى الوقت الذى أعلن حزب الشعب الجمهورى المعارض بدء فعاليات «أسبوع الظلام»، وذلك فى ذكرى مرور عام على كشف فضائح الفساد والرشوة فى ديسمبر الماضى والتى ضمت أبناء مسئولين كبار فى حكومة «العدالة والتنمية». وأشارت صحيفة ميلليت إلى أن الحزب أعد ملصقات بأقنعة سوداء للوزراء الأربعة المتورطين فى قضايا الرشاوى وهم: أجمن باجش ومعمر جولر وظفر جاجليان وأردوغان بيراقدار، وكتبت تحتها «لصوص». وقالت مصادر إعلامية أن شركات دعاية رفضت لصق تلك الإعلانات بالشوارع خشية من بطش الحكومة، الأمر الذى اضطر معه حزب الشعب الجمهورى لتوزيع أقنعة الوزراء الأربعة بصورهم وأقنعهتم السوداء، فى أكبر فضيحة فساد بتاريخ البلاد. وفى سياق متصل، ينظم حزبا «الحركة القومية» اليمينى و»الشعوب الديمقراطية»، الجناح السياسى لمنظمة وحزب العمال الكردستانى الانفصالية، مسيرات فى كل مدن البلاد للتنديد بحكومة «العدالة والتنمية»، التى سرقت أموال الدولة والشعب وتركت اللصوص أحرار مقابل اعتقال رجال الأمن ومعاقبتهم لكشفهم السرقة. وفى سياق أخر، تعهد أحمد داوود أوغلو رئيس الوزراء التركى بالانتقام من كل من يحاول تقويض الدولة والحكومة التركية. وأضاف أنه «بمجرد أن أعلنوا الحرب على الحزب الحاكم المنتخب فى البلاد من خلال أياد خفية تسيطر على البيروقراطية المقنعة بستار خدمة الناس، تغير كل شىء». يأتى ذلك فى الوقت الذى تواصلت فيه ردود الفعل الغاضبة فى الداخل والخارج لاعتقال عدد من صحفيى صحيفة «زمان» اليومية التابعة للداعية الإسلامى فتح الله جولن. وأصدر مجلس إدارة صحيفة «زمان» بيانا ذكر فيه أنه «تم احتجاز عدد من الصحفيين، وفى مقدمتهم رئيس تحرير صحيفتنا أكرم دومانلى استناداً إلى اتهامات لا سند لها من الصحة»، مؤكدا أن البلاد تشهد تراجعا حادا في حرية التعبير، والدليل تصنيف منظمة فريدوم هاوس الأمريكيةلتركيا ضمن البلدان غير الحرة، وإن قرارات الاعتقال الجماعية هى خطوة كبرى جديدة إلى الوراء». ووصفت المعارضة عمليات الاعتقال بالانقلابية، مؤكدة رفضها تلك الممارسات البوليسية الاستبدادية مهددة بالتصعيد والنزول إلى الشوارع. ومن جانبه، أدان الاتحاد الأوروبى حملة المداهمات ووجه مفوض توسيع الاتحاد يوهانس هان ومسئولة العلاقات الخارجية فى الاتحاد فيديريكا موجرينى بيانا شديد اللهجة إلى أنقرة جاء فيه «إن المداهمات والاعتقالات التى جرت فى تركيا لا تتفق مع حرية الإعلام التى تعتبر مبدأ أساسيا من مبادئ الديوقراطية وإن هذه العملية تعد انتهاكا للمعايير والقيم الأوروبية التى تطمح تركيا لأن تصبح جزءا منها».