أخيرا وبعد مرحلة مخاض طويلة استمرت لما يقرب من 4 أشهر صدر القانون الجديد لتقسيم الدوائر الانتخابية والذى من المقرر ان تجرى على أساسه الانتخابات البرلمانية، المحطة الاخيرة من خطة الطريق والتى توافق عليها الشعب بأغلبية اصواته بعد ثورة 30 يونيو. وذهب قطاع عريض من المحللين السياسيين الى ضرورة اعادة النظر فى نظام القوائم المطلقة لما يتسبب فيه هذا النظام من إهدار ما يقرب من 49 % من الاصوات التى تهدر من خلال استبعاد باقى القوائم، داعين لعودة القوائم النسبية والتى تحقق تكافئ التمثيل ولا تهدر الاصوات بما يحقق العدالة فى توزيع الاصوات. ووفقا للقانون الجديد فقد تم تقسيم الجمهورية الى 232 دائرة انتخابية يضم بعضها مقاعد فردية واخرى تضم مقعدين وثلاثة مقاعد. ووفقا لما جاء بالقانون فقد تضمن التقسيم 79 دائرة تضم مقعدا واحدة و 118 دائرة تضم مقعدين و 35 دائرة تضم 3 مقاعد قسمت بهذا الشكل وفقا لمعيار واحد وهو مراعة التمثيل العادل للسكان وحددت اللجنة ذلك من خلال تحديد مقعد لكل 131 ألف نسمة. وبالتالى كان هذا المعيار هو القاعدة التى ركزت عليها اللجنة عملها من خلال ضمان تحقيق هذا المعيار للكتل التصويتية فى كل الدوائر من خلال مراعاة عدة ضوابط، يأتى على رأسها أن يمثل النائب فى أى دائرة من الدوائر الانتخابية ذات العدد من الناخبين، الذى يمثله باقى النواب فى الدوائر الأخرى لأعمال التمثيل المتكافئ للناخبين فى البرلمان، وقد تمت مراعاة أن تكون هذه الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة فى حدود المعقول. بجانب انضباط تقسيم الدوائر بحيث يتناسب وعدد السكان فى كل دائرة من الدوائر التى تقسم إليها البلاد، وعدالة تمثيل المحافظات بضمان تمثيل كل محافظات الدولة فى مجلس النواب بصرف النظر عن عدد سكانها. كما تمت مراعاة بعض المبررات الموضوعية التى تتفق مع التوجهات الدستورية، مثل طبيعة بعض المحافظات الحدودية أو المحرومة، واعتبارات تنوع المكونات السكانية أو تمثيل بعض المناطق التى لم تكن ممثلة من قبل، أو لتحفيز التوطن فى المجتمعات العمرانية الجديدة فى ضوء الوزن النسبى للمقعد، ومراعاة التقسيم الإدارى المعتمد والمعمول به حاليا، وعدم استقطاع أجزاء من المكونات ادارية للدوائر الانتخابية وكذلك مراعاة التجاوز الجغرافى للمكونات الإدارية داخل هذه الدوائر. وبالفعل يمكن القول ان اللجنة استطاعت تحقيق ذلك من خلال معدل الانحراف لتوزيع الدوائر والذى يكاد يقترب من الصفر وهذا وفقا للمعادلات و الحسابات الرياضية مما يعد دليلا على عدالة التوزيع. وبالرغم من ان هناك آراء ذهبت للانتقاص من عدالة هذا التوزيع من خلال وجود اصوات يمثلها نائب واحد واخرى يمثلها 3 نواب إلا ان الفيصل فى هذا الشأن هو مدى نزاهة تطبيق معيار التوزيع العادل للكتل التصويتية من خلال تحقيق معيار ال 130 ألف نسمة لكل مقعد إضافة الى الخلاف حول القائمة المطلقة والدعوة الى الاخذ بالنسبية. واتصور ان تلك الامور لابد من حسمها امام المحكمة الدستورية من خلال تصديها لنظر عدد من الطعون، قال بعض السياسيين والقانونيين انهم سيتولون التقدم بها ضد القانون طعنا بعدم دستوريته، وهو ما نراه ضمانه لتحصين القانون قبل تطبيقه، حتى لا يطعن عليه بعد اجراء الانتخابات، مما قد يؤدى الى ما لا تحمد عقباه.