في مصر الان24 حزبا سياسيا بينما يكافح35 حزبا آخر امام القضاء للحصول علي ترخيص العمل بعد أن رفضتهم لجنة شئون الاحزاب ومازالت8 احزاب قيد الدراسة باللجنة. بينما علي ارض الواقع في الشارع وقاعات الندوات ومواقع الانترنت.هناك عشرات الحركات والجبهات والتنظيمات التي تولد وتموت كل يوم حسب المناسبة والقضية التي تدعو لها( بدءا من دعم الانتفاضة نهاية بكتلة ابتزازكو) تتعدد المطالب والاهداف والمسميات يظهر نجوم ويأفل ضوء نجوم اخري وفي النهاية يصبح الارتباك والصوت العالي وحتي الصراعات الداخلية بين الجميع هي الحاكمة للمشهد كله!!! الأحزاب الرسمية الكبيرة تتهم الدولة بأنها قيدتها واغلقت عليها مقارها والاحزاب غير الرسمية حتي الان تتهم الكبار بأنهم اماتوا الحياة السياسية مبكرا والحركات تتهم الجميع بانهم باعوا القضية برمتها. في عام1977 بدأت الحياة السياسية المصرية هادئة, حزب حاكم وثلاثة منابر سياسية تحولت بعد ذلك لاحزاب اصبحت الان تصنف باعتبارها عواجيز السياسة المصرية( التجمع والوفد والاحرار). وبعدما مايزيد علي اربعين عاما من تجربة التعددية الحزبية في مصر مازال هؤلاء مع حزب رابع هو اخر من انضم لقائمة الاحزاب الرسمية( الجبهة الديمقراطية) يبحثون عن الديمقراطية والتغيير وتعديل بعض مواد الدستور!!! بينما20 حزبا أخري من قائمة الاربعة والعشرين حزبا رسميا لا احد يمكنه تذكر نصف اسمائهم حتي وعلي ساحة الممارسة السياسية غير الرسمية يموج الشارع كل يوم بحركات تحمل اسماء تتعدد بين الجبهات واللجان والحركات كل منها يعلن انه كبديل للاحزآب القديمة التي ماتت اكلينيكيا او الاحزاب التي لا وجود لها الا علي لافتات مقارها. حسب كلام دكتور علي الدين هلال عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الاسبق في كتابة المهم( النظام السياسي المصري) فإنه يري ان هذه الحركات التي جاءت كنتاج لحياة سياسية خاملة للاحزاب التقليدية تعاملت مع الواقع بتمرد كبير واستخدمت التكنولوجيا الحديثة لتحقيق تواصل عجزت عنه الاحزاب القائمة وهو يقسمها الي حركات اجتماعية سياسية بحكم تنظيمها وبنيتها التنظيمية ونمط تعبيرها عن افكارها وهذه الحركات تركز علي الاوضاع السياسية القائمة وتحاول ان توجد لها صيغا شبه رسمية للانخراط في العمل السياسي. اما النوع الثاني وكما يقول فهي حركات اجتماعية غير سياسية لها بعد ذو طابع اجتماعي اكثر نتيجة للبناء الاجتماعي الذي توجد فيه مما ينعكس علي نشاطها كالحركات الدينية وحركات الاحياء الثقافي والحركات العمالية. وبشكل عام يري دكتور علي الدين هلال ان هذه تفتقر لايديولوجيا مما يجعلها قصيرة الاجل وتلقائية وفجائية تظهر بلا مقدمات وتعتمد لحد كبير علي التجريب وغالبا ما تلجأ لوسائل غير تقليدية في الاتصال كالانترنت. أرض الواقع كلام دكتور علي الدين هلال لو طبقناه علي الارض الواقع ربما نتذكر اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة التي كانت نجمة الحركات الشعبية قبل اكثر من عشر سنوات بينما لا نعرف الان لاي طريق وصلت في حين لاتزال الحركة المصرية من إجل التغيير تكافح للاستمرار بنفس تألقها القديم وهو مابات امرا صعبا بعد اختفاء عدد من رموزها الكبار والكثير من تماسكها الداخلي بعد ظهور الصراعات علي سطحها بينما لم يعد لشباب6 ابريل سوي موقعهم علي الفيس بوك وبعض المدونات الشبابية جدا ولم يعد احد يسمع عن( شايفنكو) او( ميحكمش) وغيرها من الحركات التي اكتسبت ثلاثة ارباع سمعتها من اسمائها بينما لم يتبق منها سوي بياناتها علي مواقعها علي شبكة الانترنت. عندما سألت مهندس ابو العلا ماضي وكيل المؤسسين لحزب الوسط والذي ينتظر حكم القضاء في تأسيسه هل مايحدث علي الساحة السياسية الان في مصر هو نشاط سياسي حقيقي ام ارتباك سياسي لابد من اعادة ترتيب مفرداته؟ اجاب: الاثنان معا هناك نشاط وهناك حالة ارتباك ولكن كل هذا تعبير عن وجود حراك سياسي يحدث نتيجة لمرور البلاد بأحداث كبيرة فنحن في انتظار انتخابات مجلس الشعب هذا العام والعام القادم هناك انتخابات رئاسية مفصلية وبالتالي فمن الطبيعي ان تحدث تلك الحالة وان تتصاعد ايضا بمرور الوقت خاصة مع وجود ساحة تعاني من الفراغ السياسي وماظهر من حركات وتنظيمات جاء ليؤكد هذا بعد اربعين عاما من التجربة الحزبية واربعة وعشرين حزبا ومازال هناك فراغ؟ بالتأكيد فالاحزاب القديمة التي مرت عليها اكثر من اربعين عاما اكتشفت انها لم تفعل شيئا والتحرك الاخير محاولة للهروب من حرج الجمود الذي يعيشون فيه ومن شائعات الصفقات مع الحزب الحاكم التي تطاردهم من وقت لاخر بينما لدينا اكثر من عشرين حزبا لا احد يستطيع ان يتذكرها لدرجة انني كنت مع احد الرسميين واختلفنا علي عددها فهي مجرد احزاب ورقية بلا معني او نشاط سوي قراءة الكف او تنظيم ندوات فنية بينما هناك احزاب اخري جادة ولها برامج واضحة وتعاني الرفض الدائم من لجنة شئون الاحزاب احمد حسن الامين العام لحزب الناصري عندما سألته اين انتم من حالة الزخم التي يعيشها المجتمع المصري وهل فعلا انتهت دورة حياتكم؟ اجاب نحن كأحزاب موجودون ونحاول ان نتواصل مع الشارع في حدود المسموح لنا به وحدود امكاناتنا المادية المحدودة للغاية وهي التي تحد لحد كبير من قدرتنا علي التحرك برغم اننا نمتلك كوادر تنظيمية كبيرة ولكنكم علي مستوي الشارع غير موجودين بدليل ان الحزب ليس لديه مقعد واحد في البرلمان؟ نحن محاصرون داخل مقارنا فالاجهزة الادارية تحد تماما من قدرتنا علي التحرك ولا يسمح لنا داخل مواقع الشباب او العمال مثلا وهما القاعدة الاكبر في الشارع السياسي والانتخابي فكيف يمكن اذن ان ننال اصوات من لا يعرفوننا كما ان العملية الانتخابية في الاغلب تقوم علي المنافسة الحقيقية ونحن لا نملك الامكانات اللازمة في حرب يلعب فيها المال دورا عظيما. التنظيمات غير الشرعية كالاخوان دخلوا ونجحوا في اقتناص كل مقاعد المعارضة والمستقلين؟ هم يلعبون بنفس قواعد اللعبة من قال ان الاخوان لم يستخدموا سطوة المال لقد انفقوا بسخاء شديد وقدموا خدمات مقابل ما حصلوا عليه من اموال نحن لا ننكر اننا مقصرون ولكننا نتحرك في حدود امكاناتنا. لعبة الحركات في اكتوبر عام2009 اعلن دكتور حسام عبدالرحمن رئيس الحزب الجمهوري الحر نفسه رئيسا لكتلة الاحزاب السياسية التي تضم الاحرار والامة والاتحاد الديمقراطي والجمهوري الحر ومصر العربي الاشتراكي. تشكيلهم لحركة اسموها( ابتزازكو) الاحزاب التي تقع ضمن قائمة الاربعة وعشرين حزبا المعترف بها والتي ربما لا يعرفها99% من الشعب المصري قررت تشكيل الحركة ردا علي حركة مجموعة من النشطاء وهي حركة( ميحكمش) اي أن الاحزاب الرسمية هي الأخري قررت أن تدخل لعبة الحركات. عندما سألت دكتور عمرو الشوبكي الخبير في التنظيمات السياسية بمعهد الأهرام للدراسات عما يحدث علي ساحة السياسة المصرية الا وهل هو نشاط مفاجئ أم ارتباك مؤقت؟ قال: ما يحدث هو تعبير عن الصراع المجتمعي الطبيعي ويحدث حتي في أكبر الدول الديمقراطية وانا اراها علامة صحية حتي لو كانت طارئة وغير دائمة وان كنت اري جانبا منها تعبيرا عن حالة استسهال اصبحت أقرب للظاهرة وهذا اصبح امرا مرصودا خاصة في الاضرابات العمالية ولكن هؤلاء ورغم أنهم يحسبون بشكل ما علي المشهد السياسي الا انهم لا يعبرون عن اي نشاط سياسي بل غالبا ما تتميز احتجاجاتهم بانها مرتبطة بمطلب معين وتنتهي بتحقيقه وهو ان تحرص عليه الجهات الرسمية لتفادي مزيد من التصعيد او فتح ملفات فساد للمسئولين عن تلك المشاكل واعتقد أنه لو حدث نوع من الوعي يمكن ان تتطور تلك الحركات لتأخذ الطابع السياسي ففي اوروبا كثير من الحركات العمالية تحولت لاحزاب كما حدث في بريطانيا مثلا فحزب العمال هو في الاساس حركة عمالية تحولت لتنظيم سياسي بينما لو نظرنا للحركات الاخري فهي في الاغلب حركات نخبوية ولكنها نجحت في توصيل صوتها السياسي في وقت معين وحول قضية معينة انما لم تستطع الاستمرار او تطوير نفسها بنفس المعدل كما حدث مع كفاية مثلا وبالتالي بدت محدودة الحركة جدا وضعيفة التأثير بمرور الوقت وبشكل عام فإن اصوات الاحتجاج السياسي المتعددة في مصر لها جانب صحي تماما في خلق حالة وعي لدي جماهير عريضة حرمت تماما من التوعية السياسية لسنوات طويلة وان كنت اعيب عليهم انهم عندما تعاملوا مع القضايا السياسية تعاملوا مع اعلي نقطة في النظام وبدأوا مطالب من اقصي بعد ولم يلتحموا بمشاكل الجماهير وهو ما أوجد حالة التنوع الشديد في الحركات والتكتلات الموجودة فأي تكتل او حركة أو تنظيم يعبر عن قضية واحدة فقط وربما ينتهي بانقضاء الغرض من وجوده.