شدد سامح شكرى وزير الخارجية على أهمية وجود نظام عربي إقليمي جديد، باعتباره يمثلُ ضرورةً إستراتيجية، حيث تشكلَت على مدى العقود الأربعةِ الماضية محاورُ مختلفة فى منطقةِ الشرق الأوسط، عَرَّفَ كلٌ منها ذاتَه والآخر بناءً على التناقض بينها، فما بين محاورِ الرفضِ والمقاومةِ والسلامِ والاعتدالِ والسنةِ والشيعةِ، والمشرقِ والمغرب، كادت الهويةُ العربيةُ أن تَتَفتت وباتت المنطقةُ العربيةُ مستباحةً من قوىً إقليميةٍ ودولية لافتا الي أن استعادةَ مصرَ لمكانِها فى قلبِ النظام العربى الجديد يعيدُ له اتزانَه وحيويتَه، ويثريه بتجاربِها الممتدةِ لاسيما على مدى الأعوام القليلةِ الماضية منذ ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو ومروراً بعملية التحول الديمقراطى بسلبياتِها وإيجابياتِها. وأشار في كلمته أمام الدورة العاشرة لمنتدى «حوار المنامة» والذى انطلق أمس بالعاصمة البحرينية إلى أن ذلك يتسق مع التطلع لأن يتسعَ النظام العربى لكل أقطارِه، مع انفتاحه على الآخرين فى محيطه وفى العالم كله، وأن يسعى لأن يكون عاملاً إيجابياً وفاعلاً فى النظام الدولى وأن تؤخذَ مصالُحه فى الاعتبار، دونَ المساس بأمنِه القومى ورفض التدخل فى شئونه تحت ذرائعَ طائفيةٍ أو مذهبيةٍ أو عرقية. وأكد شكري أهمية ألا يكونَ تجديدُ النظام الإقليمى العربى قائماً على أساس أىٍ من المحاور التي شهدها الشرق الأوسط في العقود السابقة، موضحا أنه ليس المطلوب أن يكونَ هذا النظام موجهاً ضد أى طرف من داخل العالم العربى ولا أن يستهدفَ أطرافاً بعينِها فى خارجه، وإنما أن يكونَ هدفهُ بناءَ الذات لمواجهة تحديات العصر وتحقيق التنمية والإعداد لتمكين الجيل الجديد موضحا أن هناك إدراكاً متزايداً داخلَ دول النظامِ العربى لاسيما من خلال تجاربِها بأنه لا بدَ من احترامِ إرادةِ الشعوب وأن وعىَ هذه الشعوب، خاصة الشباب، هو المحرك الحقيقى للاتجاه نحو المستقبل الذى لن يكونَ فيه مكانٌ لأنظمةٍ سلطويةٍ تدينُ بالولاء للفرد أو لديكتاتورية تدعى التحدثَ باسِم الدين. ومن جانب آخر شدد شكري على أنه رغم الأهميةِ القصوى لمواجهةِ تنظيم "داعش" فى المهد، إلا أن ذلك ينبغى أن يتمَ ضمنَ إطار إستراتيجية شاملة لمحاربة جميعِ التنظيمات متشابهة الفكر في المنطقة، مع استهدافِ القضاء على ذلك التنظيم عسكرياً وفكرياً وحرمانِه من التعاطف والتمويل، معربا عن اعتقاده بأنه حتى وإن توارى هذا التظيم فى العراق فسوف يعاودُ الظهور فى أماكنَ أخرى من العالم، فالجميعُ بلا استثناءٍ ليسوا بمأمنٍ من هذاالخطر. وأكد وزير الخارجية أهمية أن تدرك الدول العربية وجميع دول الشرق الأوسط أن عدمَ استقرار الأوضاع واستمرارَ الأزمات سوف تنسحبُ تداعياته على الاستقرار والأمن في باقي المنطقةِ ودول الإقليم. وأوجز الوزير مصادر التهديد وربما الفرص فى آنٍ واحد بالمنطقة ، في انخفاضُ معدلات التنمية، لاسيما بمفهومها الشامل، في غالبية دول العالم العربي وفى ذات الوقت ارتفاعُ نسبِ نمو سكانِها الذين يتكون غالبيتهم من الشباب المتطلع إلى الحصول على مستويات أفضل من التعليم والخدمات الصحية والوظائف، وتعاظمُ الضغوط التى تواجهها فكرة الدولة القومية والهوية الوطنية الجامعة فى بعض الحالات نتيجة محاولات الإيحاء بأن قصور الحكومات لا يتعلق بعوامل سياسية أو اقتصادية وإنما بفشلِ فكرة الدولة القومية ذاتها. وقال شكري إن من بين مصادر التهديد أيضلا، استغلال مرحلة التحول الاجتماعى التى تمر بها المنطقة من جانب الجماعات التي تدعو إلي الفكر المتطرف والتكفيري في أرجاء المنطقة بل والعالم، وارتباط ذلك بانتشار تنظيمات إرهابية في المنطقة وتخومها، وبروزُ الصراعات المذهبية والعرقية التي تفشت وباتت تهددُ الاستقرار الداخلي لعدد من دول المنطقة، وساهمت في إزكائها تدخلات بعض القوي الدولية والإقليمية. ودعا وزير الخارجية إلى تعزيز الحوار بين الدول العربية وبين وكافة القوي الدولية الفاعلة سواء التقليدية أو البازغة، والنظر في كيفية توظيف ذلك الحوار في دعم استقلالية القرار العربي وتنويع خياراته الإستراتيجية، والعملُ تدريجياً على إرساء علاقات جوارٍ صحية تتسمُ بالتكافؤ والندية بين دول منطقة الشرق الأوسط من خلال إجراءات تُسهم فى ضمان الحفاظ على أمنِ واستقرار الإقليم، على أساسِ المبادئِ والاتفاقيات الحاكمةِ للعلاقاتِ الدولية، وبعيداً عن محاولات التمدد أو بسطِ النفوذِ. ومن جانبه، أكد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين أن مصر تشكل عمقا إستراتيجيا للدول العربية، وأن أمن واستقرار مصر من أمن واستقرار الدول العربية، مشيدا بتحقيق الأمن والاستقرار فيها. ومن جانبه، أشاد الوزير شكري بالعلاقات الثنائية القوية التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين، مشيرا إلى الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لتحقيق الامن والاستقرار والتنمية الاقتصادية منوها بانعقاد المؤتمر الاقتصادي في مارس المقبل وأهمية مشاركة البحرين فيه. ومن جهته ، شدد الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني علي دعم بلاده الكامل لإرادة الشعب المصري، منوها بالعلاقات الحميمة التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين، مشيدا بالتقدم الذي تحرزه مصر علي صعيد استعادة الأمن والاستقرار والنجاح في هزيمة الإرهاب تحت قيادة مصر المنتخبة ، وذلك خلال لقائهما أمس على هامش مشاركته في أعمال منتدي حوار المنامة العاشر . وذكر السفير بدر عبد العاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية أن الوزير سامح شكري نبه في لقائه مع رئيس وزراء البحرين الي عمق العلاقات التاريخية التي تربط مصر بالبحرين باعتبارها دولة عربية شقيقة وبالمصير المشترك الذي يربطهما والتحديات المشتركة التي تواجه البلدين وباقي دول الخليج العربي وبصفة خاصة خطر الإرهاب الذي يهدد الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة بل وفي العالم بأسره. واستعرض الوزير شكري في اللقاء -بناء علي طلب الأميرسليمان - الجهود المبذولة لبناء نظام ديمقراطي يحقق تطلعات الشعب المصري مؤكدا أن مصر تسير بخطي واثقة علي طريق استعادة الأمن والاستقرار ودحر خطر الإرهاب.