أبرزها منع الهواتف، تعليمات مشددة لعمداء كليات جامعة الأزهر بشأن امتحانات نهاية العام    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    رئيس جامعة المنوفية يرأس اجتماع ضمان الجودة لمتابعة سير العمل بالكليات    أيقونة "رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر" هدية للبابا لاون الرابع عشر    إيمان العجوز نائبًا لأمين عام حزب الجبهة الوطنية - (تفاصيل)    وزير العمل: 500 منحة تدريب مجانية لشباب دمياط    عاجل | التموين تكشف على منافذ جمعيتي من القاهرة إلى أسوان بعد ظهور مخالفات (مستند)    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    الجيش السوداني يعلن السيطرة على أجزاء واسعة من منطقة «صالحة»    بريطانيا وإيران تتبادلان استدعاء كبار دبلوماسيهما في اتهامات بالتجسس    الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين    6 ملايين دولار| الزمالك يكشف تفاصيل حل أزمة القضايا ضد االنادي    إنبي يطلب إعادة ترتيب جدول الدوري وفق النقاط بعد نهاية مرحلة المجموعتين    المتحدث العسكري: استشهاد طاقم طائرة أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية    العثور على 5 جثث أثناء تنقيبهم عن الذهب في منطقة العلاقي الجبلية بأسوان    فتاة تنهي حياتها شنقا لمرورها باضطرابات نفسية بالمنيا    إصابة صاحب فرن بطعنة نافذة في مشاجرة على الخبز    كزبرة يثير الجدل ب رسالة ل أصالة    محافظ كفر الشيخ: متحف الآثار يُعد منارة ثقافية وسياحية لأبناء الدلتا    عرض الوصل يضيء خشبة مسرح قصر ثقافة الزعيم بأسيوط حتى الخميس المقبل    أكرم حسني يكشف كواليس فيلم «زوجة رجل مش مهم» مع ياسمين عبد العزيز    "منتصف النهار" يسلط الضوء على هدنة ال60 يوما بغزة وقمة مصر ولبنان بالقاهرة    ب 157.1 مليون جنيه.. مصر على قمة شباك تذاكر السينما في السعودية (تفاصيل)    خالد الجندي: الإحرام موجود في كل العبادات وليس الحج فقط    مصر تحصل على شهادة القضاء على انتقال الملاريا البشرية من الصحة العالمية    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    آرسنال يختتم الدوري الإنجليزي بدون مدربه مايكل أرتيتا.. ما السبب؟    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطوير خطوط الإنتاج العسكرية والمدنية    الكاتب الصحفي كامل كامل: تقسيم الدوائر الانتخابية يضمن العدالة السياسية للناخب والمرشح    بسبب مشاجرة أطفال.. الإعدام ل3 متهمين والسجن لرابع في جريمة ثأر بأسيوط    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    قتلى وجرحى بانفجار في جنوب غرب باكستان    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    «لا نقاب في الحرم المكي».. عضو مركز الأزهر توضح ضوابط لبس المرأة في الحج    وقفة عيد الأضحى.. فضائلها وأعمالها المحببة وحكمة صيامها    البرهان يعين المسؤول السابق بالأمم المتحدة كامل إدريس رئيسا للوزراء بالسودان    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    توسعات استيطانية بالضفة والقدس.. الاحتلال يواصل الاعتقالات وهدم المنازل وإجبار الفلسطينيين على النزوح    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    مجلس الوزراء: لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية بين الدواجن.. والتحصينات متوفرة دون عجز    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليزا
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 11 - 2014

نظر إلى الطبيب نظرة مليئة بالأسى و قال : آسف .لا أعرف كيف أقولها وأنا أعلم مدى تعلقكم بهذا الحلم وانتظاركم لتحقيقه .ليزا لا يمكن أن تتزوج ،ولا أن تنجب !

كانت إبنتى الطفلة الصغيرة المهووسة بحب الكلاب تستمع إلى كلام الطبيب البيطرى وهى غارقة فى البكاء ،غير مصدقة ، مصدومة فعلا .لقد كان الهدف الذى ذهبنا من أجله إلى الطبيب مختلفا تماما ،بصراحة كنا نبحث عن عريس لنزوج «ليزا» بعدما أخجلتنا أمام ضيوفنا جميعا .
كانت تتمسح فى كل ذكر يأتى إلى منزلنا ،لا تفرق بين طفل صغير ، شاب يافع ، أورجل وقور .كانت تشتم رائحة ذكورتهم ، فتتملكها رغبة مجنونة فى ممارسة الجنس .تبدأ فورا بالإلتصاق وحك مؤخرتها بساق هذا الزائر المسكين .ثم تبدأ فى الإتيان بحركات سريعة تؤجج نار جسدها أثناء عملية الاحتكاك .
بالطبع كنا نغرق جميعا فى الضحك لهذا المشهد الجنسى الصارخ الذى تؤديه «ليزا»مع كل عابر سبيل«ذكر» يدخل بيتنا العامر .وتتناثر التعليقات الضاحكة من الجميع .« لا بجد ..ليزا لازم تتجوز» .»إلحقونى ..ليزا بتغتصبنى ». «دى كلبة دى و ألا لبوءة ؟ »
لذلك قررت أن أصطحب «ليزا» إلى عيادة الدكتور خيرى بناء على معلومات مؤكدة من أصدقاء مروا بنفس التجارب من قبل مع أولادهم المهووسين بالكلاب مثل طفلتى .قالوا لى :سوف يزوجها لكلب فى سن الزواج وسوف يبقيها عنده حتى تلد . بعدها سيقسم الجراء المولودة بنسبة ثلث و ثلثين .ثلثين للذكر وثلث للأنثى .يعنى لو جاءوا ثلاثة جراء ،سنأخذ واحدا من أولاد «ليزا » وسيأخذ الدكتور إثنين لإن الذكر من عنده .مجتمع ذكورى صحيح .حتى فى الكلاب !
المهم ..جمعت أنا وطفلتى الجميلة عاشقة الكلاب أو «The dogs lover» كما تحب أن تصف نفسها كل المعلومات عن تزاوج الكلاب حتى نضمن ل «ليزا» حياة زوجية سعيدة ،وأصبحت «ليزا» وزواجها موضوعا يستحوذ على أهمية خاصة على أجندة اهتماماتنا .بعض المعلومات من كتب متخصصة عن الكلاب وبعضها من الإنترنت .
عرفنا مثلا أن أنثى الكلب يجب ألا تجامع الذكر إلا بعد أن تتم تسعة أشهرمن عمرها ،أى عندما تبلغ .ولكن الأفضل أن ننتظر حتى تكمل عامين من عمرها حتى يكون نموها قد اكتمل وصحتها فى تمامها.عرفنا أيضا أن الوثب يفضل أن يكون فى فصل الشتاء لأن الصحة العامة للكلاب فى هذا الفصل أحسن كثيرا من الفصول الأخرى .
كانت المعلومات التى جمعناها عن زواج الكلاب مسلية ومثيرة وفى بعض الأحيان غريبة وصادمة .فمثلا من علامات البلوغ أن تكون الأنثى فى حالة غير طبيعية ، وتسمى بحالة (جعار).و يلاحظ ميل الأنثى للعب مع الذكور والوثب على من تجده حولها من الكلاب .
كنا نقرأ هذا الكلام ونضحك فقد كنا نراه واقعا أمام أعيننا فى تصرفات «ليزا» وصوت «الجعار أو التجعير» الذى كانت تصم به آذاننا .لذلك حلمنا باليوم الذى تتزوج فيه لتهدأ ونهدأ نحن معها من ذلك الصداع المقيم .
أما طريقة التزاوج فهى كالآتى :يوضع الذكر مع الأنثى فى حظيرة بدأ من اليوم السابع من الحيض، ويتركا حتى يتمكن الذكر من الوثوب على الأنثى ،ثم يتم الفصل بينهما بعد خمس عشرة دقيقة من الوثوب .وتتكرر هذه العملية ثلاث مرات يوما بعد يوم حتى يحدث اللقاح .
ومن الطرائف فى عالم الكلاب أن الأنثى لا تفرق بين الذكور ، وتقبل أى ذكر يحاول الوثب عليها ، لذا يجب التحفظ على الأنثى خلال مدة الحيض ومنعها من الإختلاط بالذكور من غير نوعها إذا كان المطلوب سلالة نقية.
مدة الحمل عند الكلبة تتراوح من تسعة وخمسين إلى ثلاثة وستين يوما . يعنى حوالى شهرين . حملنا كل المعلومات ،وأهلنا أنفسنا لقدوم العضو الجديد فى أسرتنا أو الأعضاء ،فمن يدرى ربما تلد ليزا أكثر من ثلاثة .
دخلنا عيادة الطبيب المشهور بتزويج الكلاب ،رافع راية الحفاظ على السلالات الأصيلة ،صاحب رسالة منع اختلاط الأنساب ،وإفساد نقاء النوع فى عالم الكلاب العجيب .أشار إلينا أن نبتعد قليلا حتى يتمكن من فحصها .لم تمر سوى ثوان حتى رفع رأسه إلينا ،بينما تملأ عينيه نظرة حزن عميقة وقال :آسف ..ليزا مش ممكن تتجوز ! حالتها الصحية لا تسمح بذلك .
سألته طفلتى البالغة من العمر ثمانى سنوات :ليه يا دكتور ،هى ليزا عندها إيه؟ قال الطبيب :الله يسامحهم اللى جوزوا أمها وأبوها .الأب كان «بوكسر»والأم «بوولدوج» .«البوكسر» رجلاه الأماميتان طويلتين أما«البوولدوج» فتكون رجلاه الخلفيتان قصيرتين .والحالة دى ممكن تتعالج من الصغر أى منذ الولادة بإعطاء المولود كالسيوم ويود ونوع من العلاج الطبيعى لتقوية القدمين الخلفيتين .
لكن هذا لم يحدث مع «ليزا» فأصابها لين عظام شديد ،وشيئا فشئ سوف تفقد قدرتها على المشى ،وستظل جالسة مكانها لا تقوى على الحركة ،أى ستصبح قعيدة تحتاج لرعاية خاصة .وسكت قليلا ثم قال :لذلك أرى أن تبحثوا لها عن دار إيواء أو مستشفى تابع لجمعية من جمعيات الرفق بالحيوان لتقضى بقية عمرها بها .
بكيت وبكت إبنتى على مأساة «ليزا».كيف يمكن أن تتحول لحظات الفرح والترقب لحدوث شئ جميل إلى حزن يمزق القلب ،ويفجر مشاعر الأسى وفيضان الدموع ؟جئنا إلى هنا لنزوجها ونفرح بها فإذا بنا نصطدم بحقيقة مرضها أو حالتها النادرة التى تسبب فيها قلة الضمير ،وانعدام الإنسانية عند بنى البشر .
زوجوها بذكر كلب ليس من سلالتها ولا من طينتها ،ولم يكترثوا لحقيقة أن مثل هذا الزواج المختلط لابد أن يستتبعه عناية طبية خاصة جدا لعلاج نتائجه الوخيمة على حياة الوليد المسكين .
نظرت إلى عينى «ليزا» البوكسريتين الجميلتين ،عينا البوكسر- لمن لا يعرفها - هى عينان تملكان قدرة هائلة على التعبير ،وشلالا هادرا من الأحزان . كأنها فهمت كلام الطبيب ،وعرفت حقيقة مرضها وهول مصيرها .فقدت الحيوية والشقاوة اللتين كانتا تميزاها .ووقفت ساكتة ،ذاهلة ،وكأنها تبكى حالها فى صمت .
اصطحبناها إلى البيت وكانت ليلة تحفها الأحزان وتغرقها الدموع .هى كذلك كانت تبكى والله لقد رأيت دموعك يا «ليزا» تتلألأ فى مقلتيك العميقتين .ظلت تتمسح بقدمى صاحبتها وحبيبتها تارة ، ثم تأتى وتجلس تحت قدمى بالضبط ،وتلصق جسدها بساقى وكأنها تبغى الدفء ،وتحلم بالأمان .
لم أشعر فى إلتصاقها بى فى تلك الليلة أى رغبة جنسية ،كان هناك توق للحب المجرد والرغبة فى الإطمئنان .كانت تريد بل تتوسل بنظراتها أن نبقيها بيننا ولا نتخلى عنها .نظراتها تبعث برسائل قوية ، مؤثرة ،تخترق القلب .أرجوكم إبقونى ولا تخذلونى.
فى صباح اليوم التالى إصطحبنا «ليزا» إلى جمعية الرفق بالحيوان .قابلنا المديرة التى شرحت لنا كل شئ و طمأنتنا أن «ليزا» سوف تكون فى أيدى أمينة وأن هذا أفضل لها لو كنا نحبها فلابد أن نبحث عن راحتها .هذا ما حاولت المديرة إقناعنا به .
كانت من أصعب الدقائق التى عشتها .لحظات فراق «ليزا» وسط نشيج بكاء طفلتى ، ونباح ليزا .مشهد غير قابل للنسيان !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.