فى بداية الأسبوع.. سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق السبت 17 مايو 2025    موديز تخفض تصنيف أمريكا الائتماني.. والبيت الأبيض ينتقد الوكالة    مصلحة الضرائب: غطينا تراجع إيرادات قناة السويس الضريبية وحققنا نموا بنسبة 40%    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية تستهدف مدينة دير البلح في قطاع غزة    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    عمرو أديب عن قرار لجنة التظلمات: إحنا موجودين بس عشان الأهلي يكسب    رئيس مودرن سبورت: الفوز على الإسماعيلي نتاج عمل جماعي    بعد رباعية الجونة.. غزل المحلة يقرر إقالة بابافاسيليو رسميًا    تمارا حداد: مواقف ترامب تجاه غزة متذبذبة وتصريحاته خلال زيارته للشرق الأوسط تراجع عنها| خاص    جيش الاحتلال يعلن بدء عملية عسكرية برية في غزة    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    تفاصيل جديدة في واقعة اتهام جد بهتك عرض حفيده بشبرا الخيمة    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    نجم الزمالك السابق يفاجئ عمرو أديب بسبب قرار التظلمات والأهلي.. ما علاقة عباس العقاد؟    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    شديد الحرارة نهاراً وأجواء معتدلة ليلا.. حالة الطقس اليوم    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    عالم مصري يفتح بوابة المستقبل.. حوسبة أسرع مليون مرة عبر «النفق الكمي»| فيديو    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    رئيسا "المحطات النووية" و"آتوم ستروي إكسبورت" يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    قرار عودة اختبار SAT في مصر يثير جدل أولياء الأمور    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 17 مايو 2025    أكرم عبدالمجيد: تأخير قرار التظلمات تسبب في فقدان الزمالك وبيراميدز التركيز في الدوري    حقيقة رحيل ثنائي الأهلي إلى زد.. وسر مكالمة الخطيب    الزراعة تكشف حقيقة نفوق الدواجن بسبب الأمراض الوبائية    رئيس شعبة الدواجن: نفوق 30% من الإنتاج مبالغ فيه.. والإنتاج اليومي مستقر عند 4 ملايين    برا وبحرا وجوا، الكشف عن خطة ترامب لتهجير مليون فلسطيني من غزة إلى ليبيا    حريق هائل يلتهم أرض زراعية في قرية السيالة بدمياط    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    مصرع وإصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بمحور 26 يوليو    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    ترامب والسلام من خلال القوة    عيار 21 الآن يعود للارتفاع.. سعر الذهب اليوم السبت 17 مايو في الصاغة (تفاصيل)    كل سنة وأنت طيب يا زعيم.. 85 عاما على ميلاد عادل إمام    السفير محمد حجازى: غزة محور رئيسي بقمة بغداد ومحل تداول بين القادة والزعماء    المنشآت الفندقية: اختيار الغردقة وشرم الشيخ كأبرز وجهات سياحية يبشر بموسم واعد    النمر هاجمني بعد ضربة الكرباج.. عامل «سيرك طنطا» يروي تفاصيل الواقعة (نص التحقيقات)    أجواء مشحونة مهنيًا وعائليا.. توقعات برج العقرب اليوم 17 مايو    بعد 50 عامًا من وفاته.. رسالة بخط سعاد حسني تفجّر مفاجأة وتُنهي جدل زواجها من عبد الحليم حافظ    داعية يكشف عن حكم الهبة لأحد الورثة دون الآخر    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    طب الأزهر بدمياط تنجح في إجراء عملية نادرة عالميا لطفل عمره 3 سنوات (صور)    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    يوم فى جامعة النيل    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    قداسة البابا تواضروس يستقبل الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم بوادي النطرون (صور)    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة "الفردوس" للأطفال    حبس بائع تحرش بطالبة أجنبية بالدرب الأحمر    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ القرضاوي‏..‏ والليبراليون‏!‏

لا أظن أن فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي كان موفقا في هذا الهجوم الضاري الذي شنه علي الليبراليين المصريين الذين وصفهم في تصريحاته الأخيرة بأنهم دخلاء علي الشعب المصري‏, لأنهم في رأيه يرفضون شرعية الاسلام ولهذا يعتقد فضيلته أن الليبراليين لامستقبل لهم في الحياة السياسية المصرية الا في حالة واحدة, هي أن يخيب الاسلاميون, فعندئذ تصبح الفرصة سانحة لليبراليين!
لم يكن الشيخ القرضاوي موفقا. لأن الليبراليين هم أنصار الحرية. وليس من العدل أو التوفيق أن يقال ان أنصار الحرية دخلاء علي المصريين أو علي غير المصريين.
كلمة ليبرالي تعريب للكلمة الفرنسية liberal المشتقة من كلمة liberte أي الحرية التي أصبحت تدل في العصور الحديثة علي أوضاع سياسية واقتصادية لم يكن لها وجود من قبل. فقد تطور الانتاج بفضل التقدم العلمي, واتسعت الأسواق واتصلت بعد الكشوف الجغرافية, وظهرت طبقات ومهن ومطالب جديدة فرضت نفسها علي المجتمع القديم وأعادت بناءه من جديد, فلم يعد الحكم استبدادا, ولم تعد الثروة احتكارا لطبقة بالذات. وإنما حلت الديمقراطية محل الاستبداد, وصار النشاط الاقتصادي نشاطا حرا مفتوحا يشارك فيه الجميع ويحصل كل مواطن علي نصيب من عائداته, بعد أن كان العمل سخرة والثروة امتيازا خاصا لمن يملكون ولايعملون. هل تكون الليبرالية بصورتها هذه دخيلة علي مصر؟ وإذا كانت الليبرالية دخيلة فهل تكون العبودية أصيلة؟ وهل يكون الطغيان قدرا مسلطا علي المصريين دون الخلق أجمعين؟!
صحيح أننا عشنا في السخرة والطغيان عصورا طويلة, وأننا لم نفتح عيوننا علي الحرية والديمقراطية إلا بعد أن اصطدمنا بالأوروبيين في العصور الحديثة, فهل كان علينا أن نرفض الديمقراطية, والدستور, والبرلمان, وحرية الصحافة, والمناهج العقلانية, والأكتشافات العلمية هل كان يجب أن نرفض هذا كله ونحافظ علي تخلفنا لأن التخلف انتاج محلي والتقدم مستورد؟!
نعم, كل ما ننعم به الآن لم نصنعه بأيدينا, وإنما نقلناه عن الأوروبيين. هذه الطاقات, وهذه الأدوات, وهذه المصانع, وهذه المعارف, وهذه العلوم كلها منقولة. حتي درجة الدكتوراه التي يحملها صاحب الفضيلة ويبدأ بها ألقابه منقولة مستعارة من عالم العصور الوسطي الأوروبية. كل هذا منقول ومستورد. ولابأس بأن ننقله بشرط ألا نتخذه زينة لأسمائنا ونكتفي بذلك, بل نجعله شررا نشعل به طاقاتنا لنصبح في هذه الحضارة الانسانية الحديثة منتجين لامجرد مستهلكين.
وأنا لا أقول جديدا, وإنما أصف مشروع النهضة الذي بدأناه منذ قرنين, حين أرسلنا رفاعة الطهطاوي الي باريس ليأتينا بقبس من أنوارها فعاد يبشرنا بالكثير. ومن الكثير الذي بشرنا به هذه الليبرالية التي توطنت خلال القرنين الماضيين في بلادنا, وأصبحت تيارا فاعلا صانعا للتاريخ. ولو رجع الأستاذ القرضاوي الي تخليص الابريز في تلخيص باريز لقرأ الكثير عن الليبرالية, خاصة حين يتحدث الطهطاوي عن ثورة الفرنسيين عام 1830 والصراع بين الملكيين والليبراليين الذين يسميهم الطهطاوي الحريون نسبة للحرية.
وقبل أن يمر نصف قرن علي صدور هذا الكتاب حدث في مصر ما حدث في فرنسا. فقد تألف الحزب الوطني الأول الذي ضم زعماء الثورة العرابية, وطالب بالدستور, وبمجلس نيابي يكون له الحق في اصدار القوانين ومراقبة الحكومة ومحاسبتها. وقد جاء في برنامج هذا الحزب الذي شارك في وضعه الإمام محمد عبده إن الحزب يخضع للخديو, لكنه قرن هذا الخضوع بالعزم الأكيد علي عدم عودة الاستبداد والأحكام الظالمة التي أورثت مصر الذل, وبالالحاح علي الحضرة الخديوية بتنفيذ ما وعدت به من الحكم الشوري (الديمقراطي) وإطلاق عنان الحرية للمصريين.
وإذا كانت الليبرالية قد بدأت في كتاب الطهطاوي كلمة مترجمة عن الفرنسية فقد أصبحت ثقافة مصرية في رسالة الشيخ حسين المرصفي التي ألفها قبل مائة وثلاثين سنة وسماها رسالة الكلم الثمان وتحدث فيها عن الأمة, والوطن, والحكومة, والعدل, والظلم, والسياسة, والحرية, والتربية. فإذا خرجنا من القرن التاسع عشر ودخلنا القرن العشرين وجدنا الليبرالية حاضرة بقوة في النشاط الثقافي المصري, في كتابات أحمد لطفي السيد, وطه حسين, والعقاد, وفي النشاط السياسي, في حزب الوفد, وحزب الأحرار الدستوريين, وغيرهما.
والشيخ القرضاوي الذي لم يكن موفقا حين قال إن الليبراليين دخلاء علي مصر, لم يكن موفقا كذلك حين قال إن الليبراليين يرفضون شرعية الاسلام. فالاسلام في مصر ليس وافدا جديدا ليواجه الرفض والقبول, وإنما الاسلام هو ديانة غالبية المصريين منذ قرون عديدة, وهو أساس راسخ في ثقافتهم جميعا مسلمين وغير مسلمين. وإنما الوافد الدخيل هو هذا الفهم الضيق للاسلام المنقول الينا من عصور خلت ومجتمعات لها ظروفها التي تفرض عليها شروطا جائرة للحياة تتناقض مع الحقوق الطبيعية للانسان, وتصطدم بحضارة العصر, فمن الطبيعي أن نرفض هذه الشروط, لا باسم الليبرالية وحدها, بل باسم الاسلام أيضا. لأن الاسلام في جوهره الحقيقي أكثر إنسانية مما يراه بعض الذين يتحدثون باسمه, وأرحب منهم صدرا, وأكثر قدرة علي أن يطور فكره مع تطور الحياة, لأنه رسالة موجهة للبشر جميعا في كافة أصقاعهم وكافة عصورهم التي تختلف شروط الحياة فيها وتتطور علي الدوام. فما كان يصلح للجزيرة العربية لايصلح لنا. وما كان مقبولا في القرن السابع الميلادي لم يعد مقبولا ولامعقولا في القرن الحادي والعشرين.
نعم نرفض خلط الدين بالسياسة. ونرفض الاستبداد. ونرفض احتقار المرأة وعزلها. ونرفض التمييز بين أصحاب الديانات المختلفة. ونرفض الدولة الدينية التي كانت تقوم علي هذه المباديء والسياسات التي يسميها الشيخ القرضاوي شرعية الاسلام.
وأخيرا, فالشيخ القرضاوي لم يكن موفقا حين جعل المستقبل وقفا علي الاخوان والسلفيين. كأن مصر ليس فيها طوائف دينية وتيارات فكرية وأحزاب سياسية أخري تتيح لها الديمقراطية أن تتعلم من تجاربها وتوسع قواعدها بما تطرحه علي المصريين من برامج ووعود وسياسات, وتصل عن طريق الانتخابات الي السلطة, وهذا ما يخشاه الشيخ القرضاوي, ويحذر الاسلاميين منه, وينصحهم بالبقاء في السلطة شاءت الديمقراطية أو أبت!
والحقيقة أن الاسلاميين لايحتاجون لنصيحة شيخهم. فماضيهم مع الديمقراطية محفوظ, وحاضرهم ماثل في كل البلاد التي يحكمونها حولنا. وعلينا نحن أن نتعلم الدرس, ونحذر الوقوع في هذا المستقبل المظلم!
المزيد من مقالات أحمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.