إذا قادتك قدماك يوما إلى اتخاذ الدائرى طريقا، فاعلم أنك تغامر وتقامر بحياتك، وإذا صادفك وأنت عليه حادث بشع لشخص، فاعلم أنك لن تستطيع أن تساعده أو تنقذه لصعوبة الوصول للنجدة أو الإسعاف، وإذا كنت أنت الضحية لحادث طريق على الدائرى فعليك أن تعتمد على وصيتك التى تركتها لأهلك قبل هذه المغامرة. طريق الموت، أو الطريق اللعنة، أو طريق الآخرة، كلها مسميات لاسم واحد هو الطريق الدائري، الذى يشهد يوميا حوادث مروعة يتسبب فيها النقل بكل أنواعه، الذى يسير عليه بلا هوادة، لا يفكر سائقه فى استخدام الفرامل لأن قدمه لا تعرف سوى الضغط على دواسة البنزين، وسباق أقرانه من سائقى التريللات والمقطورات. الطريق الدائرى الذى يبلغ طوله 104 كيلو مترات، ويحزًم القاهرة الكبرى بحزام من نار الحوادث والسرعات الجنونية، والوقوف العشوائي، وعبور المارة غير العقلانى، أصبح طريقا سيئ السمعة. الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى رصده لحوادث الطرق عام 2013 كشف أن معدل الوفيات لكل مائة ألف مركبة فى مصر بلغ نحو 95 متوفى العام نفسه مقابل 97 عام 2012، وبلغ معدل المصابين نحو 61 مصابا يوميا عام 2013 مقابل 59 عام 2012»وأن معدل حوادث السيارات ارتفع إلى 15 ألفا و578 حادثا فى العام الماضي، مقابل 15 ألفا و516 حادثا عام 2012 بزيادة نسبتها 0.4%. وبالنسبة للطرق أشار إلى أنه بينما كان أعلى معدل خطورة 5.7 (متوفى ومصاب/ حادثة) على طريق حلوان- الكريمات، كان 1.5 على الطريق الدائرى المحور الأول فقط. بينما رصدت هيئة الإسعاف الوفيات والإصابات الناتجة عن حوادث الدائرى عن عام 2013 أيضا،175 حالة وفاة و6636 إصابة على الطريق الدائرى بأكمله. الدائرى كغيره من الطرق السريعة يئن من قلة الخدمات على امتداده، ويعترف بذلك المهندس سعد الجيوشي، رئيس هيئة الطرق والكباري، ويقول إننا بصدد التعاقد مع شركة ألمانية تقدم استراحة الطريق كاملة الخدمات تشمل(الحمامات) كما تشمل أيضا خدمات أوناش الطريق ملاكى وخدمات أوناش الطريق -النقل ، وسيارات الإطفاء وسيارات الاسعاف وخدمات ذوى الاحتياجات الخاصة . وأضاف الجيوشى أن الإصلاحات على الطريق الدائرى لا تتوقف ولذلك لمرور عشرات الآلاف من الشاحنات يوميا، وارتباط جزء كبير من اقتصاد مصر بهذا الطريق، وأن الإصلاحات وإزالة المرافق عليه تكاد تكون يومية. ما يقوله الجيوشى عن الطريق الدائرى لم يره جمال حسن سائق منذ أيام، حين غامر بصعود الدائرى من ناحية المريوطية ليفاجأ بحادث بشع، وعبثا حاول الاتصال بالنجدة والإسعاف ليفاجأ بعد مرور ما يقارب الساعة بمن يرد عليه ويسأله بحسب قوله أسئلة عقيمة فى حادث لا يحتمل إضاعة الوقت من نوعية الاسم والتليفون وصلته بالحادث وما إلى ذلك، وكانت النتيجة هو موت معظم من كان فى الحادث لعدم وصول الإسعاف سريعا. لكن كلام جمال واتهامه يرفضه د. أحمد الأنصارى جملة وتفصيلا، ويرى أن زمن وصول سيارة الإسعاف خاصة على الدائرى لا تتعدى ال 8 دقائق، فى 75 % من الحالات. ويشير الأنصارى إلى أن عدد سيارات الإسعاف التى تخدم الدائرى بكامله هو 32 سيارة موزعة على 16 محورا هى عدد محاور وكبارى الدائري، ويتهم ثقافة الشعب المصرى فى التسبب فى هذه العطلة، إذ يقول: دأب السائقون فى مصر على الجانبين أن يعطلوا وصول سيارة الإسعاف، إذ يقف من هو فى صف الحادث لظنه أنه يستطيع فعل شيء أو إنقاذ المصابين، وهو لا يعلم أنه يعطل ولا ينقذ، بينما فى الناحية الأخرى يقف السائقون ليشاهدوا الحادث أيضا وآثاره، وهذا يسبب عطلة شديدة وإعاقة بالغة للوصول إلى مكان الحادث، والدائرى نفسه متوسط الحوادث عال جدا، لأسباب منها أنه طريق مفتوح، والسرعات فيه عالية جدا، ونسبة الرقابة عليه ومراقبة السرعات تكاد تكون معدومة. ويعترف الأنصارى بأنه بالفعل هناك نقص فى عدد سيارات الأسعاف، على بعض الطرق ليس الدائرى من بينها، وأن هذا النقص يصل إلى عدد 1200 سيارة وأطقمها.