قرار جمهورى بتشكيل مجلس إدارة هيئة الاستعلامات لمدة 3 سنوات برئاسة ضياء رشوان    تعرف علي أسعار البنزين والسولار الآن بمحطات الوقود    كوشنر وويتكوف يدخلان مع نتنياهو جلسة الحكومة للموافقة على اتفاق شرم الشيخ    هند الضاوي: ترامب أخذ اللقطة من نتنياهو بالإفراج عن الأسرى.. وصمة عار في تاريخه    إصابة عمر جابر وكريم حافظ أمام المغرب.. واستدعاء العراقي    الأرصاد الجوية تحذر : أمطار ورياح واضطراب في الملاحة يوم الجمعة    تعرف علي موعد أول أيام شهر رمضان 2026 فى مصر والدول العربية فلكيا    حدث في الصين .. وفاة أول مريض يخضع لزراعة كبد خنزير بعد 171 يوما من إجراء العملية    هناء الشوربجي تكشف حقيقة خلافها مع محمد هنيدي    زيارة الأب بطرس دانيال للكابتن حسن شحاتة..صور    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يتفقد إدارة المعامل والمعمل المشترك    خامس العرب.. الجزائر تتأهل لكأس العالم 2026    مصر ترفع رصيدها إلى 9 ميداليات في اليوم الأول لبطولة العالم للسباحة بالزعانف    رسالة النني للاعبي منتخب مصر بعد التأهل للمونديال    جامعة حلوان تنظم برنامجًا تدريبيًا بعنوان "مفاهيم الإدارة الحديثة"    نوكيا تطلق هاتف Nokia Premium 5G بمواصفات رائدة وتقنيات متطورة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    "متحدث فتح": نتنياهو حاول مرارًا نسف اتفاق وقف إطلاق النار ومصر لم تيأس    الطاهر: الدولة تبنت برنامجًا طموحًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها الاقتصادية    إصابة 4 أطفال فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال في الخليل وجنين    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    «محدش فينا هيتردد».. كريم فهمي يكشف حقيقة اعتذاره عن المشاركة في «وننسى اللي كان» ب رمضان 2026    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: من السابق لأوانه تحديد المرشحين لتدريب مصر للشباب    في اليوم الثاني لفتح باب الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر: «لم يتقدم أحد»    تحذير مهم من «الأطباء» بشأن تصوير الأطقم الطبية في أماكن العمل    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر وإلغاء الصيفي 2025    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    ساليبا: نريد الثأر في كأس العالم.. والإصابة مزعجة في ظل المنافسة الشرسة    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    هل يجوز للرجل الزواج بأخرى رغم حب زوجته الأولى؟.. أمين الفتوى يجيب    خبيرة أمن: ترامب واضح في التزامه بجلب السلام للشرق الأوسط    بارليف.. نهاية وهم إسرائيل.. تدريبات الجيش المصري على نماذج مشابهة ببحيرة قارون    نتائج مباريات اليوم الخميس في دوري المحترفين    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    إعلان عمان: ندين ما خلفه الاحتلال من أزمة صحية كارثية بقطاع غزة    وزير التنمية النرويجي يلاطف الأطفال الفلسطينيين خلال زيارته لمستشفى العريش العام    الاحتلال الإسرائيلي يطلق قنابل غاز مسيل للدموع وسط الخليل بعد إجبار المحلات على الإغلاق    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    أطعمة تضر أكثر مما تنفع.. احذر القهوة والحمضيات على معدة فارغة    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    النيابة العامة تصدر قرارًا عاجلًا بشأن المتهمين بقتل البلوجر يوسف شلش    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    انتخابات النواب: 73 مرشحًا في الجيزة بينهم 5 سيدات مستقلات حتى الآن    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف فى متاهته وإعاقاته!
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 11 - 2014

لماذا تراجعت عموماً الثقافة المصرية العالمة، وإنتاجها المعرفى فى حقل العلوم الاجتماعية، لاسيما الفلسفة وعلوم الاجتماع والقانون والتاريخ؟
ما أسباب هذا التراجع، وهل يعود لعلاقة المثقف والمفكر والباحث بالسلطة؟ أو علاقته بالمجتمع أو بتيارات الفكر العالمى فى تطوراته الكبرى فى إطار العولمة وما بعد الحداثة؟
من أى المصادر يأتى ضعف فعالية المثقف المصرى خصوصاً والعربى عموماً، لاسيما عقب شيوع فقه وفكر التوحش لدى «داعش» ونظائرها وأشباهها؟ لماذا يبدو رجل الدين الراديكالى والعنيف فى صدارة مشاهد العنف الوحشى المفتوح فى إطار المنظمات الإرهابية؟
نستطيع القول إننا لسنا إزاء أزمات تاريخية تتصل بتطور الثقافة والبنى المعرفية الحداثية وما بعدها، وإنما أصبحنا إزاء مسألة المثقف / النخبة المثقفة لاسيما منذ السبعينيات من القرن الماضي، ويعود ذلك إلى عوامل تكوينية، يمكن طرح بعضها فيما يلى:
1 تراجع التكوين المعرفى الرصين للمفكر المثقف الباحث فى تخصصه الدقيق، أو فى مصادر المعرفة التى تغذى مقارباته، وتشكل رؤاه الكلية أو الفرعية الخاصة بالقضايا والظواهر والمشكلات، والموضوعات موضوع إبداعه أو أفكاره أو معالجاته للأحداث. فى هذا الإطار يلاحظ أن المؤلفات التأسيسية فى العلوم الاجتماعية، وتطوراتها وانقطاعاتها المعرفية، لم يترجم غالبها إلى اللغة العربية، وبعضها لم تكن ترجمته دقيقة، وبعضها الآخر يظهر كعناوين أو بعض من الاقتباسات المبتسرة من متونها أو هوامشها، أو إشارات عامة لها، أو نقلاً عن تضمينات لها فى كتب ومراجع فرعية. لا شك أن ذلك أدى إلى فجوة معرفية واسعة بين التكوين المعرفى المبتسر للمثقف / المفكر/ الباحث، وبين التغيرات المعرفية الكبرى فى مراكز إنتاج المعرفة فى عالمنا. إذا كان هذا حال المثقف فما بالنا بأوضاع «السياسى»، ورجل الدين، والبيروقراطي، ورجل الأمن.. الخ.
2 أدت الفجوة المعرفية بين المفكر والمثقف منتج الثقافة العالمة - وبين نظائره فى المراكز المعرفية / الثقافية الكبرى عالمياً، إلى تفاقم وتراكم الآثار السلبية للمناورات الفكرية الكبرى منذ نهاية القرن التاسع عشر، وحتى اللحظة الراهنة، لاسيما عدم حل معضلات وإشكاليات العلاقة بين التقليدى والمحدث، ومن ثم استمرارية المناورة والازدواجيات والمداراة بين الدينى والمدني، وبين الدينى والسياسي، والدينى والثقافى والإبداعى فى جميع حقوله، وذلك دونما حسم أو تأليف إبداعى خلاق ومستمر.
إن خيارات ومناورات النخب السياسية وتبدلاتها واضطرابها من المرحلة شبه الليبرالية إلى دولة التسلطية السياسية والدينية بعد 23 يوليو 1952 بين الدينى والمدني، والدينى والسياسى، اتسمت بقدر كبير من الانتهازية السياسية، وذلك لتكريس حضورها واستمراريتها فى صدارة السلطة والمعارضة، وساهم بعض من كبار المفكرين والمثقفين فى تكريس هذه المناورة من خلال بعض الاستراتيجيات اللغوية، من خلال أقنعة لفظية تدور حول الأصالة والمعاصرة، والتراث والحداثة، وسواها من الثنائيات الضدية والصياغات اللفظية الحاملة لتناقضاتها البنيوية الداخلية، والدلالية.
لا شك أن هذه الإستراتيجية اللغوية أثرت على عمليات استعارة وتقديم البنى المعرفية والقانونية ومؤلفاتها التأسيسية على نحو يتسم بالغموض والتشوش والابتسار، وغالباً كصياغة لفظية تعتمد على ما هو متاح فى القاموس العربي، فى ظل ثورة المصطلحات والمفاهيم الغربية، وجمود اللغة العربية آنذاك قبل تطورها النسبى بعد ذلك.
3 تحولت اللغة كنسق - والأحرى أنساق - كدلالة ورؤية إلى محض مادة وأداة لألعاب لغوية إنشائية لدى بعض من المثقفين والمفكرين، وذلك لشيوع أدراك لها على أنها محض أداة، وليس بوصفها هى الفكر ذاته وفق تطورات الألسنية ونظرياتها ومناهجها واجتياحها كل فروع المعرفة فى العلوم الاجتماعية. لم تعد اللغة والمصطلحات أدوات وإنما إدراك وإنتاج لرؤى العالم، وإنتاجه. من ثم باتت مادة لتشوش والتباسات وغموض لدى بعضهم زاده نمط من الاستخدامات البيانية والتقليدية للغة العربية، لاسيما فى ظل عدم مواكبتها للتغير المعرفى فى مجال العلوم الاجتماعية والطبيعية.
4 استمرارية بعض مظاهر الانتهازية الفكرية والسياسية لدى بعض المثقفين من خلال الخطابات المزدوجة، والمزايدات الفكرية، وتبنى منطق العوام وايماناتهم أياً كانت - ومجاراة منطق وخطاب بعض رجال الدين خشية ووجلاً من أن تطالهم سهام التكفير، وهى ظاهرة تمددت خلال أكثر من أربعين عاماً مضت ولاتزال، وازدادت مع وصول بعض الإسلاميين إلى السلطة، وانتشار فكر التوحش والعنف لدى داعش والنصرة وأنصار بيت المقدس قبل وبعد مبايعتهم لأبى بكر البغدادى. بعضهم يناور والآخرون يصمتون عن مواجهة هذا الفكر الذى يشكل تهديداً لطبيعة التسامح الإسلامى، وقيمه العليا فى الحرية والعدالة والمساواة، وحرية العقيدة والضمير، والأخوة الإنسانية وحرية الفكر والإيمان والروح.
5 هيمنة لغة السجال العنيف على الحوار، وساد العنف اللفظى والشجارات، ولغة الشعارات الخشبية على الخطاب التفكيكى والتحليلى النقدى. وهو ما أدى إلى تآكل تقاليد الحوار ولغته ومعاييره وقيمه.
6 تزايد وتمدد مساحة المحرمات السياسية والدينية التى يتعامل ويناور معها المفكر والمثقف، فى ظل القيود القانونية والأمنية على حريات الرأى والتعبير والإبداع، حتى بعد الانتفاضات الثورية المجهضة، والأخطر انكسار وتفكك بعض الروح التضامنية بين الجماعة الثقافية إزاء الانتهاكات المختلفة لحريات الفكر والإبداع.
7 اغتراب بعض المفكرين والمثقفين عقب فشل الانتفاضات وبعضهم من المثقفين الدعاة والمبشرين والإيديولوجيين الثورية خلال الفترة من 25 يناير 2011 وحتى الآن.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.