قانون الإيجارات القديمة، قانون استثنائى صدر أثناء الحرب العالمية الثانية، وسمح للدولة بالتدخل فى العلاقة بين المالك والمستأجر. ومنذ صدوره وهو محور للنقاش، فقد صدر فى ظل أوضاع استثنائية تشبه الأحكام العرفية، وتحديدًا مع بداية تطبيق قانون الإيجارات الاستثنائية عام 1944، ثم جاء تعديله فى قانون رقم 121 لسنة 1947، واستمر التدخل فى العلاقة الإيجارية بشكل أوسع بعد ثورة يوليو 1952. وجاء تعديل رقم 21 لسنة 1992، ليزيد من تشوّه العلاقة بين المالك والمستأجر. منذ سنوات طويلة، قمت بحملة فى جريدة «الأخبار» عن الإيجارات القديمة، التقيت خلالها بعدد من أصحاب العمارات فى مناطق مثل الزمالك وجاردن سيتي، عمارات فاخرة تطل على النيل، وإيراداتها لا تكفى حتى لصيانتها، ومستأجرون معظمهم خرج إلى المعاش، ومعاشه لا يكفى سوى لدفع الإيجار الذى لا يتجاوز بضعة جنيهات. واقع مختل كان دائما محلا للنقاش خاصة بعد حكم الدستورية العليا عام 2002، الذى نص على عدم دستورية بعض مواد قوانين الإيجار لغير الغرض السكني، واعتُبر وقتها بداية لإعادة النظر فى المنظومة بأكملها. فالقانون الاستثنائى الصادر عام 1961، كان قد ثبّت العلاقة الإيجارية مدى الحياة، بل وورّثها للجيل الثانى والثالث، وهو ما خلق حالة من الجمود استمرت لعقود طويلة. نعم، نحن بحاجة إلى حماية حقوق المالك ومنحه حقه فى الاستفادة من ملكه، لكن فى نفس الوقت، لا يمكن أن نتجاهل واقع المستأجر الذى عاش فى هذه الشقة لعشرات السنين، واستقر فيها، ولا يملك بديلا لها. و صدر (القانون رقم 4 لسنة 1996)، الذى فتح الباب أمام عقود إيجار محددة المدة وبشروط جديدة، فأصبح لدينا قانونان وهو أمر غير دستوري، فالمصريون جميعًا أمام القانون سواء. الموضوع ليس فقط قانونيًا، بل اجتماعى وإنسانى أيضا، ويحتاج حلولا واقعية، فكثير من ملاك هذه العقارات أصبحوا مليونيرات على الورق فقط، ومستأجرون فى أحياء راقية جدًا، يدفعون إيجارًا رمزيًا لا يتناسب مع الواقع. اليوم، يعود قانون الإيجارات القديمة إلى البرلمان مرة أخرى لمناقشة هذه القضية الإنسانية الشائكة. أتمنى أن نصل إلى قانون عادل وإنساني، وهى معادلة صعبة.