في كتابه المثير والمهم تطورات المستقبل الذي صدر منذ نحو 10 سنوات يتحدث مؤلفه الكاتب السياسي والاقتصادي الشهير ديفيد ميرسير في البداية عن مشاعر التشاؤم التي تسود العالم منذ بداية القرن الحادي والعشرين ويقول: إنه رغم كل المظاهرات التي تبعث علي نمو وازدياد هذا التشاؤم فإنه يري أن الصحفي الإيرلندي فيتان أوتول الذي يكتب عمودا للرأي في صحيفة إيريش تايمز الإيرلندية له وجهة نظر جديرة بالاحترام حيث يري أوتول أن هذا التشاؤم لا يعادله إلا التفاؤل الذي كان يسود العالم في القرن العشرين! ويمكننا الآن أن نتذكر جرائم الإبادة الجماعية في رواندا والحرب الأهلية المريرة في البوسنة التي لن ينسي العالم مآسيها وأهوالها والفوضي السياسية الشاملة التي مازالت تعم الصومال ومعدلات البطالة العالية والمتزايدة التي تسود العالم أجمع والنظام الغريب الذي تعمل بموجبه الفئات الأقل حظا في الحياة في الولايات والمدن الأمريكية كلها حتي نستشف من كل ذلك- علي حد تعبير المؤلف- الأسباب التي جعلت العالم كبركان محتقن علي وشك الانفجار من مواقع وجهات مختلفة. ويمضي المؤلف- الذي لم يشر عمدا لمعاناة الفلسطينيين من جرائم الإبادة الإسرائيلية قائلا- إن هناك الآن شعورا سائدا عند السواد الأعظم من الناس بأن الأسس الجوهرية للحضارة البشرية قد اهتزت بعنف وأن المردودات السيئة للعولمة بدأت الظهور في كل مكان وباتت نذر الثورات الاجتماعية التي تهدد المجتمعات البشرية بادية بوضوح في طول الأرض وعرضها! إن العولمة- باعتراف مؤلف الكتاب الأمريكي- بدأت تزلزل قواعد الأسرة التي تشكل العماد الأساسي للمجتمعات والدول والأحزاب السياسية بل إنه يمكن القول أيضا أن العولمة أصبحت تهدد السياسيين أنفسهم ولم يعد من المبالغة في شيء أن يشار إلي أن القادة السياسيين وصناع القرار باتوا يعانون من حالة الفوضي والضياع التي يعاني منها عامة الناس! بل لعل الأدهي من كل ذلك- كما يقول المؤلف- أن صناع القرار وكبار السياسيين لا يملكون الآن حلولا مقنعة للمشكلات التي يعاني منها سكان الأرض! فما الأمل الذي يبقي للبشرية بعد هذا كله؟ وغدا نواصل القراءة.. خير الكلام: كلما ازدادت مطالعاتك تكتشف كم هي قليلة معرفتك! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله