حذر علماء الدين من تسخير التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة لتتبع عورات الناس وكشف سترهم، مؤكدين أن تتبع عورات الآخرين بأى صورة من الصور، فى الطرقات أو وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، أو غيرها، أمر نهى عنه الإسلام، وتوعد فاعليه، بالعقاب فى الدنيا والآخرة. وقال الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء، إن الإسلام يدعو إلى المحافظة على العورات وعلى الأسرار التى تكون بين الناس، وقد وضع لذلك وسائل متعددة لتحقيق هذه الغاية، منها ما يتعلق بالأفكار والخواطر التى تدور فى نفس الإنسان نحو غيره من الناس، حيث نجد ذلك فى التوجيه القرآنى قال تعالى»يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم.. «، ثم دعا بعد ذلك إلى تجنب الخطوة التالية وهى التجسس»...ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا....»، والنهى عن التجسس هنا يشمل كل الأنواع وبأى وسيلة من الوسائل سواء بالنظر أو السمع أو الوسائل الحديثة التى ظهرت فى حياة الناس من الابتكارات الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى نهيا صريحا عن تتبع عورات الناس، حيث ورد فى الحديث « أن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو فى قعر داره»، وأن من الوسائل التى دعا إليها الإسلام للمحافظة على أسرار وعورات الناس، ما يسمى بأدب المجالس، بمعنى لا يفشى احد أسرار من يتحدث معهم حتى لا تحدث الغيبة والنميمة مما يوقع الناس فى بعضهم البعض سواء بالكلام أو المشاجرات والتشابك بالأيدي. وفى سياق متصل، أكد الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، أن الذين يتتبعون عورات الناس وينشرون فضائحهم سواء فى المجالس الخاصة، أو عبر الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعى مثل “الفيس بوك واليوتيوب وتويتر” وغيرها، إنما يرتكبون كبيرة من أعظم الكبائر حرمة عند الله تعالى، بل هى من الموبقات، اى المهلكات، وقد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال»اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولى يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»، متفق عليه. كما نص القرآن الكريم صراحة على أن نشر الفواحش يعد من الكبائر، حيث قال الله تعالى” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”. وطالب القائمين على وسائل الإعلام المختلفة عدم نشر مثل هذه الأعمال الذى يدخل فى دائرة الحرمة الشديدة، لما فيه من إشاعة للفاحشة، ويجعل كل من تسول له نفسه فعل الفواحش يستسهل الأمر ويستسيغه. ومثل هذه الأمور مبنية على الستر وعدم الخوض فيها خشية عقاب الله تعالى، وفى نشر مثل هذه القبائح تلويث لسمعة المجتمع المصرى خارج مصر، حيث يظن بعض الناس خطأ أن هذا هو المجتمع المصرى بينما الحقيقة تخالف ذلك. تشديد العقوبة من جانبه، طالب الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، بتشديد العقوبة على كل من يقوم بنشر فضائح الناس أو يتتبع عوراتهم، وأيضا يقوم بتصوير النساء عاريات ثم ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن من يفعل ذلك يدخل فى محاربة الله ورسوله ويستحق ما أوجبه الله تعالى على من يفعل ذلك لأنه يفسد فى الأرض، وقد قال الله تعالى فى ذلك»إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم”، موضحا أن الدولة لو شددت العقوبة على من يفعل ذلك، لارتدع كل من تسول له نفسه أن يفضح الآخرين، موضحا أن هذه الجريمة-من وجهة نظره-اشد من القتل لأنها فتنة، وذلك لان المرأة التى قتلت انتهى أمرها، أما التى نشرت صورها عارية فقد قتلت قتلا معنويا إلى أن تموت.