على مدى يومين إنشغلت الحكومة المصرية من الإثنين للأربعاء من الأسبوع الماضى بالحوار الجاد مع وفد الأعمال الأمريكى الذى نظمت زيارته لمصر الغرفة التجارية الامريكية فى مصر بالتعاون مع الغرفة الأم فى واشنطن إلى جانب مجلس الأعمال المصرى الأمريكى. الوفد الأمريكى هو الاكبر من نوعه وضم 66 شركة أمريكية عابرة للقارات منها 26 شركة لم يسبق لها الاستثمار فى مصر 160 قيادة تنفيذية بهذه الشركات زارت مصر لأول مرة بعد إنتخاب الرئيس السيسى بأعين مفتوحة لتتعرف عن قرب بحجم العلاقة الوثيقة والثقة المتبادلة بين الرئيس السيسى والشعب، ولتبدأ مع مصر صفحة جديدة تحت عنوان أجندة "الرخاء المشترك" التى نوه عنها كيرى فى رسالته التى نقلها السفير ديفيد ثورن كبير مستشارى وزير خارجية أمريكا. يمكننا القول أن الولاياتالمتحدةالامريكية خاصة بعد لقاء الرئيس السيسى بالرئيس أوباما" على هامش إجتماعات الأممالمتحدة بنيويورك قررت التعامل مع مصر بوجه مبتسم، معلنة أن العلاقات مع مصر ستظل لها الأولوية ، ولكن هذه المرة بشروط الشعب المصرى. الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس ووفق أنيس أكليمندوس رئيس الغرفة التجارية الأمريكية فى مصر أشاد الوفد باللقاء مع الرئيس السيسى الذى أثار إعجابهم بصراحته وفق ستيفن فارس رئيس الجانب الامريكى فى مجلس الاعمال المصرى الامريكى والذى أوضح أن أعضاء الوفد لديهم انطباعات إيجابية فى ختام تلك الزيارة المهمة لمصر سيعملون على نقلها لمجتمع الأعمال الامريكى . كما أشار جريج ليبديف عضو غرفة التجارة الامريكية، إلى أن الوفد الامريكى سيقوم من جانبه بالتواصل مع وسائل الإعلام الامريكية لعرض حقيقة الأوضاع فى مصر فى محاولة منهم لتصحيح الصورة المغلوطة التى ينقلها الإعلام الأمريكى عما يحدث فى مصر، مؤكدا تفاؤلهم بمستقبل مصر وفق ما شهدوه ولمسوه من حوارهم مع الجانب المصرى. وهذا تحديدا ما طالب به الرئيس السيسى أعضا الوفد الأمريكى حيث طالبهم برؤية ما يحدث فى مصر بمنظور مصرى، كما أكد فى حواره معهم على أهمية إطلاع مجتمع الأعمال الأمريكى على حقيقة الأوضاع والتطورات السياسية والاقتصادية التى شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، وذلك لبلورة رؤية موضوعية وحقيقية تُساهم فى طمأنة رأس المال وفى تيسير وجذب الاستثمار، مستعرضا التطورات التى شهدتها مصر على مدار العامين الماضيين ، وأوضح أن الديمقراطية عملية ممتدة، حيث لا يمكن النظر إليهاكوسيلة للوصول إلى السلطة ثم النكوص عنها، وإغفال الإرادة الحرة للشعب التى طالبت بالتغيير قى 30 يونيو. يمكننا القول بأن لقاء السيسى أوباما ، كان جسرا عبرت فوقه الدبلوماسية الأمريكية متخطية حاجزا كبيرا تمثل فى الموقف الامريكى من ثورة 30 يونيو والذى كان مخيبا لآمال الشعب المصرى ، لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية مبنية على الإحترام المتبادل والشراكة الحقيقية بعد أن خسر الجانب الأمريكى معركة "كسر الإرادات" بوقفة جسورة من الشعب المصرى . الحكومة المصرية كانت حاضرة وتمكنت من إرسال رسائل إيجابية للغاية لعل أهمها بالنسبة لخمس شركات طاقة مشاركة فى الوفد تأكيد الحكومة المصرية بأن لديها خطة لسداد المتأخرات الخاصة بشركات البترول، وأن هناك التزاما واحتراما لهذا الالتزام، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى خلال لقائه بالوفد بل أنه بادر بالحديث عن هذا الامر قبل أن يسأل عنه أحد من أعضاء الوفد وهو ما كان له أثر طيب للغاية وفق تصريحات ستيفن فارس. فى اليوم الأول التقى رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بالوفد الأمريكى مؤكدا على عمق العلاقات الإستراتيجية بين مصر وأمريكا، وأن مصر تخوض حربها ضد الإرهاب ليس دفاعًا عنها فحسب وإنما عن العالم كله، وعلى دول العالم توحيد الجهود لمواجهة هذا الخطر ودحره. ودعامحلب المجتمع الأمريكى لزيارة مصر،والتعرف على حقيقة الوضع، وعدم الإكتفاء بما تنقله وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن مصر تبنى مجتمعاً جديداً ديموقراطياً ومدنياً. وأشار رئيس الوزراء إلى أن مشروع محور قناة السويس يتضمن فرصاً متنوعة للإستثمار للشركات العالمية والأمريكية. واعتبر محلب مؤتمر مصر الاقتصادىفرصة للتسويق للمشروعات وأيضا تعريف العالم بالإصلاحات التى تمت فى مصر والمتعلقة بتحسين مناخ الإستثمار. وزراء مصر أيضا كان لهم حضور كبير خلال اللقاءات حيث حرص أشرف سالمان على توجيه رسالة واضحة إلى ممثلى مجلس الأعمال الأمريكى تؤكد التزام الاقتصاد المصرى باقتصاد السوق، معددا المجالات التى يمكن الإستثمار بها وفى مقدمتها قطاع البنية التحتية، وصناعة البتروكيماويات ، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقطاعات الطاقة والصحة والتعليم.كما أوضح وزير الاتصالات أن الوزارة تعمل حاليا على صياغة خطط تستهدف الوصول إلى الاقتصاد الرقمى. أربعة وزراء تحدثوا خلال الملتقى فى اليوم الثانى حيث قال شريف اسماعيل وزير البترول إن مصر تواجه تحديات منها مشكلة نقص الطاقة والفجوة بين العرض والطلب والنمو البطئ فى الاستثمارات، مؤكدا أن الحكومة تتبنى استراتيجيات للإصلاح من أجل الوصول إلى طموحات الشعب فى الرخاء والاستقرار الاقتصادى وتعمل على توفير موارد جديدة للطاقة وتتخذ خطوات متكاملة لحل أزمة الطاقة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى . وعرض خالد حنفى وزير التموين خطوات الحكومة الإصلاحية لتحسين منظومة الدعم والخبز والفرص الاستثمارية فى مشروع المنطقة اللوجيستية العالمية للغلال فى دمياط مشيرا الى أن المنظومة الجديدة للخبز أدت لتوفير 30٪ من الدقيق، وزيادة عدد المستفيدين من الخبز المدعم . كما أعلن أن الحكومة ستبدأ فى تنفيذ مشروع إعادة تدوير زيت الطعام لتحويله إلى سولار خلال فترة من 3 إلى 4 أسابيع وقال إنه مشروع لتجميع زيت الطعام المستخدم من البيوت بالتعاون مع وزارة البيئة وتحويله إلى سولار . كما تحدث عن المشروع اللوجيستى لتجميع وتصنيع وتخزين الغلال فى دمياط. أيضا وزير الإسكان مصطفى مدبولى أكدأن الحكومة تتبنى سياسة إسكان قومية باستراتيجية متكاملة، وأشار إلى أهمية مشروعات البنية التحتية وشبكات المياه، واعتبر أن التحدى الأصعب هو توصيل المياه للقرى الصغيرة، بما يعزز من ضرورة الشراكة الدولية فى هذا المجال. هشام رامز محافظ البنك المركزى أيضا كان نجما خلال الملتقى ألهب الحماسة بتصفيق حاد مرتين عندما أكد سعادته برد المتبقى من الوديعة القطرية ، وبينما صفق الحضور معتبرين أن ما قاله يصب فى خانة موقف سياسى أردف موضحا الأسباب الفنية البحتة لسعادته برد الوديعة والتى لا تخرج عن كونها تمت بشروط قصيرة الأجل معتبرها من قبيل الاموال الساخنة. رامز أكدأن هذا التوقيت هو الأنسب فى مصر للمستثمرين، حيث بدأ الاستقرار السياسى، مؤكدا أن آلية دخول وخروج الإستثمارات الأجنبية مكفولة، وأنه لا يوجد مستثمر واحد واجه مشكلة مع البنك المركزى. ووعد بأن مشكلة السوق الموازية ستنتهى فى خلال عام واحد. فى ختام الملتقى تم عقد مؤتمر صحفى موسع أكد خلاله كبير مستشارى وزير الخارجية الأمريكى ديفيد ثورن، أن وجود بعثة من 66 شركة يثبت التفاؤل والثقة من جانب تلك الشركات فى مصر، مؤكدا أن الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيرى أكدا على تأييدهم وبشدة لمصر الديمقراطية والاقتصادية. وأوضح أن الولاياتالمتحدة تؤيد مصر فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تقوم به والحكومة الأمريكية تقدر هذه الفرصة للمشاركة فى بناء مستقبل مصر الاقتصادى وتأمل فى الاستمرار فى العمل سويا . رسائل تلغرافية أكد عليها ثورن منها تأييده لإتفاق بين مصر وصندوق النقد للحصول على شهادة الصندوق، ومنها أن مصر أحرزت تقدمًا فى خريطة الطريق بإعلان الدستور والانتخابات الرئاسية والخطوة التالية البرلمان. كما أكد المدير التنفيذى للغرفة التجارية الامريكيةبواشنطن على حضور الغرفة بقوة فى المؤتمر الإقتصادى فى مصر مارس المقبل، وأن الغرفة ستعمل على الترويج للمؤتمر لدى 3.5 مليون شركة عضو بها. حضر المؤتمر الصحفى كل من أنيس أكليمندوس رئيس الغرفة التجارية الأمريكية فى مصر، وعمر مهنا رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، وهشام فهمى المدير التنفيذى للغرفة التجارية الأمريكية فى مصر، ورئيس شركة أباتشى للبترول. المؤتمر من وجهة نظرى يعد تمهيدا قويا لمؤتمر مصر الإقتصادى، والتعاون المصرى الامريكى ضرورة فى المرحلة المقبلة، فمصر تحتاج لكل الأصدقاء، ومواقف القيادة المصرية العاقلة والحكيمة والمرنة تؤكد بوضوح أن مصر فى فى الطريق الصحيح.