ضوابط موسم العمرة 1447ه.. كل ما تحتاج معرفته قبل الحجز مع شركات السياحة    مستشار رئيس فلسطين: نثق في دور مصر لإنهاء العدوان على أراضينا    النصيري يقترب من الانتقال إلى الدوري السعودي عبر بوابة الهلال    حسام أشرف يقترب من الانتقال لسموحة.. وعرض خارجى يؤجل الحسم    تعرف علي برنامج المنتخب الوطني للمرحلة المقبلة قبل معسكر ديسمبر    زكي: ظُلمت في الأهلي.. والثلاثي الأبيض سيتسبب في مشاكل    حزب الجبهة الوطنية يقدم واجب العزاء في ضحايا حادث المنوفية    بسبب 300 جنيه.. إصابات بالغة لطالب ثانوي خلال مشاجرة مع كهربائي بالدقهلية    «حب حياتي».. زوج أسماء أبو اليزيد يدعمها في العرض الخاص ل«مملكة الحرير» (فيديو)    محافظ البحيرة: 358 متبرعا في أول أيام الحملة القومية للتبرع بالدم    الاتحاد الأوروبى يرفض الضغط على إسرائيل.. 3 دول فقط تؤيد تعليق اتفاقية الشراكة مع الدولة العبرية رغم جرائمها فى غزة    رونالدو بعد تجديد عقده مع النصر: أقوم بدور مهم في تطوير الكرة السعودية    بسبب معسكر المنتخب .. تعرف علي اول توقف للدوري فى الموسم الجديد    الاحتلال يعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله ب بنت جبيل    تعاون مصري نمساوي لمواجهة الهجرة غير الشرعية وتوفير فرص للعمالة الماهرة    أمهات ولكن.. دوافع نفسية وراء قتل الأبناء.. فتحي قناوي: غير مؤهلات لتحمل مسؤولية الأمومة...داليا العقاد : اضطرابات حادة مثل اكتئاب ما بعد الولادة    تعويضات حادث أشمون وتطوير المطارات.. تكليفات الرئيس اليوم للحكومة (فيديو)    محمود البزاوى وأحمد غزى ووليد فواز فى العرض الخاص لمملكة الحرير    باحث: الحرب على غزة وإيران أحدثت ضررا بالاقتصاد الإسرائيلى    رامى صبرى يكشف عن ألبومه الجديد بعنوان أنا بحبك أنت بمقطع موسيقى.. فيديو    الكنيسة الكاثوليكية بمصر تنعى ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    طلاب من أجل مصر بجامعة قناة السويس يُشاركون في فعاليات اليوم العالمي للتبرع بالدم بالإسماعيلية    مشروبات للحفاظ علي رطوبة الجسد في فصل الصيف    منهم 2 أشقاء.. 3 فتيات وشاب غرقا في النيل بالمنيا    عبير صبري تعلن انفصالها عن زوجها    لماذا تعلّم سيدنا موسى من الخضر رغم كونه نبيًا؟.. الشيخ يسري جبر يوضح    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    رسميًا.. موعد إجازة 30 يونيو 2025 للقطاعين العام والخاص بعد قرار الحكومة    سجل الآن.. تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ (رابط مباشر)    لمدة 15 يومًا.. فتح باب التظلمات لطلاب الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر    تحت عنوان «عودة الغايب».. فضل شاكر يحيي حفلا غنائيا لأول مرة في قطر يوليو المقبل    انطلاق منتدى مصر الدولى للتعدين 15 يوليو المقبل    وزيرا الأوقاف والعمل يضعان حجر الأساس لبناء مسجد برأس غارب بتبرع من رجل أعمال    "صبحي" و"حبشي" يتفقدان نادي بورسعيد الرياضي (صور)    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    حزب النور: فاجعة كفر السنابسة تتطلب تحركًا فوريًا لوقف نزيف الدم على الطريق الإقليمي    إسماعيل كمال يتفقد مستشفى أسوان التخصصي العام بالصداقة الجديدة    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    «عايزين يفجروا أزمة ويضربوا استقرار الأهلي».. إبراهيم المنيسي يفتح النار على عضو مجلس الزمالك    انتهاء أعمال الترميم بعدد من المنشآت الأثرية في مدينة الفرما بشمال سيناء    خلال أسبوع.. تحرير أكثر من 330 محضر مخالفات تموينية بمحافظة بني سويف    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    انطلاق مؤتمر «شعب مصر» لإحياء ذكرى ثورة 30 يونيو    مصر وتركيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في قطاع الصناعات المعدنية    الحرس الثوري الإيراني: سنرد على أي اعتداء جديد "بشكل مختلف وأشد قوة"    انتصار السيسي توجه الهلال الأحمر بتقديم الدعم لأهالي ضحايا حادث المنوفية    محافظ الغربية يطلق حملات التبرع بالدم تزامناً مع اليوم العالمى    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    منظمة أكشن إيد: مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى فخ مميت لأهالي غزة    توخيل يحفز شباب إنجلترا قبل موقعة ألمانيا في نهائي أمم أوروبا    الإنتاج الحربي: الشركات التابعة حققت إيرادات نشاط بنسبة 144% بمعدل نمو بنسبة 44% عن العام الماضي    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    5 حالات يجوز فيها التعاقد لحالات الضرورة بقانون الخدمة المدنية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات رئاسية لتكريس الحكم التسلطي‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 02 - 2012

قامت ثورات المد التحرري العربي‏,‏ ضمن ما قامت من أجله‏,‏ لإنهاء منطق توريث الحكم في البلدان العربية‏,‏ باعتباره أحط اشكال تدويم الحكم التسلطي‏,‏ وإقامة نسق من الحكم الديمقراطي الصالح عوضا عنه. ومن أهم وسائل إقامة الحكم الديمقراطي الصالح اختيار مؤسسات الحكم وقياداته عبر الانتخاب الحر المباشر من بين مرشحين عدة يفاضل بينهم الشعب بحرية وشفافية.
ونبدأ بتوضيح أن التوريث يأتي علي صنفين. الأول هو توريث منصب رأس الحكم للنسل الطبيعي لمتسلط حاكم أو سابق, ما يحول النظام الجمهوري الذي دفعت الشعوب أثمانا غالية لإقامته عبر نضال طويل, إلي ملك عضوض منشئا أسرا ملكية لا تستحق شرف حكم البلاد بسبب آثام الحكم التسلطي الممتد, التي لا مناص من وقوعها, حيث السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
أما الصنف الثاني لتوريث الحكم, وهو أخبث لأنه أشد مراءاة, فيقوم علي الإبقاء علي البني القانونية والسياسية للحكم التسلطي واستبدال واحد من وجوه الحكم التسلطي بوجه آخر ساقط قام الشعب للتخلص من استبداده بالبلاد والعباد. وغني عن البيان أن هذا الصنف من توريث الحكم التسلطي يجهض واحدا من أهم غايات الثورات الشعبية للمد التحرري العربي العظيم, أي الحرية وبناء الحكم الديمقراطي الصالح.
وقد شهد اليمن منذ أيام قليلة انتخابات رئاسية صورية لمرشح واحد سمي توافقيا. والمخجل أن يجد واحد من الناس الصفاقة اللازمة للحديث عن انتخابات بينما هناك مرشح وحيد, والأشد صفاقة أن يعتبره البعض انتصارا مؤزرا للديمقراطية, بعد ثورة شعبية رائعة استمرت لمدة عام علي الطاغية الفاسد ونظامه الاستبدادي, وقدمت آلاف الشهداء وعشرات آلاف المصابين جراء قمع نظام الحكم التسلطي المنحط. فوجود مرشح توافقي وحيد يهدر شروط الاختيار الحر للشعب, ومن ثم ينزع عن مثل هذا الانتخاب الصوري أي إدعاء بالاختيار الديمقراطي الحر, فليس إلا استفتاء يستدعي أسوأ سمات الحكم التسلطي النافية للديمقراطية.
والحقيقة أن ما جري في اليمن ليس إلا انتصارا, نتمني أن يكون وقتيا, لأعداء الثورة الشعبية في اليمن من نظام الحكم التسلطي الساقط وحلفائه في نظم الحكم الرجعية العربية. هو حالة مثال علي الصنف الثاني من توريث الحكم التسلطي. فالمرشح التوافقي الوحيد ليس إلا نائب الطاغية المخلوع المعين من قبله, من دون أي رأي للشعب, في ذلك لسنوات طوال, وتعود أصوله للمؤسسة العسكرية ذاتها, ولحزب الحاكم المخلوع الذي تسيد البلاد لأطول من أربعة عقود بالفساد والاستبداد مخضعا المواطنين لمزيج سام من الفقر والقهر. وما زال ابن المخلوع, وأبناء عمومته, علي رأس التشكيلات الأهم للقوات المسلحة مثل الحرس الجمهوري والقوات الخاصة. وبداع من يقيننا التاريخي بضرورة انتصار ثورة الشعب, نثق أن هذا الفشل لثورة شعب اليمن لن يطول به العهد.
ومن يتأمل مسيرة انتخابات الرئاسة في مصر تساوره الشكوك في أن السلطة الانتقالية في مصر, أي المجلس العسكري والتيارات الإسلامية الفائزة في الانتخابات التشريعية والساعية لتشكيل حكومة, وربما لترشيح رئيس أو مؤازرة مرشح للرئاسة تنتظر منه الولاء, تدفع بمصر تجاه النهاية التعيسة ذاتها التي حلت باليمن. وها هي الساحة السياسية المصرية تشغي بطنين فكرة المرشح التوافقي, الوحيد, أو المكتسح للآخرين الذين قد يغامرون, عن حسن طوية سياسيا, بمنافسته, في تكرار سقيم لمسار كارثة اليمن.
ومن المفيد للتدليل علي زعمنا تتبع مسيرة التحضير لانتخابات الرئاسة في مصر منذ بداية المرحلة الانتقالية إثر الانتصار الأولي لثورة شعب مصر الفل, بإسقاط الطاغية المخلوع.
بدأت المسيرة بالمسار المنافي للأصول المنطقية والقانونية للانتقال الديمقراطي, والذي تبني إجراء الانتخابات التشريعية قبل وضع الدستور, وتبعه الاستفتاء علي التعديلات الدستورية الذي قنن هذا المسار, بعد أن أوهم التحالف المسيطر علي المرحلة الانتقالية بسطاء العامة بأن الموافقة علي التعديلات هي الاختيار المتدين الضامن للجنة في السماء وللاستقرار علي الأرض, حتي توهم بعض السذج أن الاستفتاء يجري علي المادة الثانية من الدستور التي تنص علي كون الشريعة مصدر التشريع, علي الرغم من أن هذه المادة لم تكن مطروحة علي الإطلاق في الاستفتاء. وتبع الاستفتاء, الذي لم يلتزم المجلس العسكري بنص مواده في إعلانه الدستوري مجموعة القوانين والإجراءات التي أصدرها المجلس العسكري وضمنت اقتصار السياسة, بما في ذلك تشكيل الأحزاب علي أساس ديني سافر بالمخالفة للقانون, والقدرة علي الترويج الانتخابي, علي التيارات السياسية القوية تنظيما والغنية تمويلا.
وفيما يتصل بالرئيس فقد اهتمت التعديلات الدستورية بشخص رئيس الجمهورية وشروط الترشح للمنصب, ومدة بقاء الشخص المنتخب له في السلطة, فوق أي اعتبار بينما لم تضع, كما كان قد أعلن إبان عمل اللجنة, أي قيود علي السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية في الدستور المعيب القائم, بحث من المجلس العسكري علي ما يبدو. ثم قنن المجلس الأعلي للقوات المسلحة, في إعلانه الدستوري, سلطات تنفيذية مطلقة لرئيس الجمهورية, اختص المجلس نفسه بها, فوق السلطة التشريعية طوال المرحلة الانتقالية.
ويشي هذا بأن اللجنة والمجلس العسكري مالا لتكريس نظام الحكم الفردي المطلق الصلاحيات في السلطة التنفيذية, الأمر الذي يتهدد نظام الحكم في مصر بإمكان تحول أي رئيس قادم, مع الإبقاء علي السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية, بطبيعة النفس البشرية, إلي مستبد غشوم. بل يمكن أن يهدر الإبقاء علي السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية فرصة صوغ دستور جديد أفضل من ذلك المرقع والمرتبط بشرعية منهارة, كما أعطت التعديلات الرئيس حق تعيين نائبه وكان الأجدر ديمقراطيا, انتخابه شعبيا.
وبعد ذلك حصن المجلس العسكري اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة من جميع أشكال الطعن علي أي من قراراتها, وأوكل رئاستها لرئيس من تعيين الطاغية المخلوع في موقعه القضائي, ما يشي بإمكان التلاعب في مسار الانتخابات الرئاسية ونتائجها.
ومما يثير القلق أيضا أن لا أحد من الذين أعلنوا عن نيتهم الترشح للرئاسة, بذل أي جهد للتعبير عن عدم رضاه عن السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية ناهيك عن الرغبة في تقييدها حرصا علي الحكم الديمقراطي ما يعني أن كل واحد منهم مشروع متسلط ينتظر الفرصة, إن دانت له.
وعلي الرغم من التقافز المستميت علي الوقفات الإعلامية ومحاولة استجلاب التأييد من القوي السياسية المتنفذة وعقد الصفقات معها, لم يقدم أي المرشحين المحتملين, حتي وقت الكتابة, للشعب برنامجا متكاملا يترشح به لرئاسة البلد الأكبر في المنطقة, ما قد يعبر عن اعتقاد جازم عندهم بأن رأي الشعب لن يكون حاسما في تحديد الرئيس القادم, ولعل الاستثناء الوحيد هو د. محمد البرادعي, وقت كان مرشحا. وما قدمه البعض تحت عنوان برنامج لم يتعد محاولات لبيع أحلام جميلة, مثل التعهد بأن تكون مصر من الدول العشر الأولي في العالم كله خلال سنوات قليلة, وليس إلا وهما صرفا لا يستند إلي تقييم واقعي أو برنامج تنفيذ ممكن.
ختاما, كنا نتمني أن تستعيد مصر, بعد قيام الثورة الشعبية العظيمة, مكانتها الريادية في الوطن العربي بوضع أسس التحول السليم نحو الحكم الديمقراطي الصالح في بلدان المد التحرري العربي, لا أن تكرر أسوأ عواقب إسقاط رأس الحكم التسلطي كما شهدتها اليمن. ولكن السلطة الانتقالية أبت علينا أن ننال هذا الشرف.
المزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.