لم أجد أجمل ولا أبرع تعبيرا عن الحادث المأساوى بالبحيرة والذى راح ضحيته تفحم 18 تلميذا وإصابة 15، إلا تعبير المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بأن مصر أصبحت تعانى من إرهاب جديد، وهو إرهاب الإهمال. وإن اختلفت معه فى أنه إرهاب جديد. فبنظرة سريعة لحوادث قريبة من «إرهاب الإهمال» نجد وفاة 52 طفلا في حادث مزلقان أسيوط، وغرق 12 تلميذًا في معدية بسوهاج، ومصرع وإصابة 14 طالبة من جامعة سوهاج، عدا الحوادث الفردية. وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية، احتلت مصر النسبة الأعلى في وفيات حوادث الطرق على مستوى العالم طبقا لدراسة شملت 178 بلدًا، وتقدر ضحايا حوادث الطرق في مصر 13 ألف قتيل و40 ألف مصاب وقرابة 17 مليار جنيهً خسائر سنوية. وتعانى مصر من غش فى تنفيذ الطرق، ومن سوء وانعدام الصيانة، كما أن قواعد المرور لا تطبق، فالسيارات «تطير» على الطرق السريعة بما فيها النقل الثقيل، وأماكن وجود الرادار معروفة للسائقين، ويتعاطى بعضهم المخدرات مما يؤدى لوقوع الكثير من الحوادث. ورغم الحملات التى قامت فور وقوع الحادث، فلن يكون حادث البحيرة هو الأخير، فنحن ننشط بهمة ثم ننام بعمق، إذا غرقت باخرة نشطنا فى رقابة تصاريح البواخر وحمولتها، وإذا سقطت عمارة نشطنا فى مراجعة تلك التى تحتاج لتنكيس او إزالة، وإذا وقع حادث سيارة نشطنا فى حملات المرور، ثم سريعا ما ننام ولا نصحو إلا بوقوع كارثة جديدة. إن تغليظ قانون المرور ليس حلا، بل الحل أن يطبق القانون الحالى بحزم وعلى الجميع دون استثناء وباستمرار، والاهتمام بالحملات المرورية الدائمة وصيانة الطرق، فلا ننشط ثم نتساهل ثم ننام لنصحو على إرهاب جديد للإهمال. لمزيد من مقالات جمال نافع