يبدو أن السلطان عبد الحميد الثاني، آخر السلاطين العثمانيين الكبار، كتب مذكراته التى تحمل اسمه لهدفين لا ثالث لهما: الأول هو ابراء ذمته بعwد أن سقطت الخلافة الإسلامية فى عهده، والثانى هو التحذير من المؤامرة الكبرى التى تعرض لها العالم الإسلامى - من اليهود والصليبيين - أو أنه كان يقتبس من ألبير قصيرى فى رائعته «العنف والسخرية» حين قال: «شيئان فى غاية البساطة، أما الباقى فلا أهمية له: الأول هو أن العالم الذى نعيش فيه تحكمه عصبة نبيلة من الأنذال التى لطخت الأرض.. الثانى أنه يجب ألا نأخذ الأمر على محمل الجد، لأن هذا هو ما يرغبون فيه». والمذكرات لم تكن بصيغة اليوميات المرتبة زمنيا، وإنما حسب الأحداث المهمة من وجهة نظر كاتب المذكرات.. وهو عبد الحميد بن عبد المجيد الثانى السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية وآخر من امتلك سلطة فعلية منهم. تولى الحكم عام 1876م.. ثم أبعد عن العرش عام 1909م بتهمة الرجعية، ووضع تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته فى 10 فبراير 1918م. وتلقى السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد تعليمه بالقصر السلطانى واتقن من اللغات: الفارسية والعربية وكذلك درس التاريخ والأدب.. أظهر السلطان روحاً إصلاحية، وعهد بمنصب الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) إلى مدحت باشا، أحد زعماء الإصلاح، فأمر بإعلان الدستور وبدء العمل به، وقد كان الدستور مقتبساً من دساتير دول أوروبية مثل: (بلجيكا وفرنسا وغيرهما). وضم الدستور 119 مادة تضمنت حقوقا يتمتع بها السلطان كأى ملك دستوري، كما صدق الدستورعلى تشكيل مجلس نواب منتخب سمى بهيئة المبعوثان. وعبد الحميد يعرفه البعض ب(أولو خاقان) أى ( «الملك العظيم») وعرف فى الغرب باسم «السلطان الأحمر» أو «القاتل الكبير» بسبب مذابح الأرمن المزعوم وقوعها فى فترة توليه منصبه. ويمكن القول إن السلطان خسر عرشه فى سبيل أرض فلسطين التى رفض بيعها لزعماء الحركة الصهيونية، وعبر عن ذلك بقوله: “انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية فى هذا الموضوع فإنى لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهى ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبى فى سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حى فإن عمل المبضع فى بدنى لأهون عليّ من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون. إنى لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة. وهذه بعض أهم عناوين فصول الكتاب: الديون فى عهدى هبطت من 300 مليون إلى 30 مليون ليرة أنفقت من مالى الخاص على منكوبى الحرب الروسية مدحت باشا لم يفهم من الديمقراطية إلا تقليد الغرب لن يقدرونى حق قدرى إلا بعد موتي لماذا لم ألجأ إلى الحرب لحل مسألة مصر وتونس؟ أعدائى من رجال تركيا الفتاة كلهم من المحفل الماسوني طريقة الغرب فى فصل أجزاء الدولة العثمانية الصحف الأوروبية ضدي سر سياستي الوضع المالى فى الدولة اليهود يطلبون منى فلسطين الإنجليز يبحثون عن الآثار فى العراق منعت الإنجليز من استخراج بترول الحجاز وسوريا جهاز مخابراتى : لماذا؟ أدخلت التلغراف بجهودي الفرق بين اليابان والدولة العثمانية عندما تكون القومية أعلى من الدين الضباط يسجنون خليفة المسلمين فى قصر يهودي حرمونى من قراءة الصحف أجبرت على التنازل عن ثروتي أملى مذكراتى من منفاى الثاني كل ما يحزننى نكبة بلادي لا يمكن اتخاذ قرار سليم والمخابرات غير سليمة ليس لنا إلا الإيمان بالله
الكتاب: مذكرات السلطان عبد الحميد المترجم : الدكتور محمد حرب الناشر: دار الحياة بالقاهرة الصفحات: 256 صفحة