عندما يتهم مسئول عربى الولاياتالمتحدة بتمويل الإرهاب وتأسيس «داعش» وخلق بؤر التوتر والصراع فى المنطقة، فطبيعى ألا نصدقه ونتهمه بأنه يتبنى نظرية المؤامرة ويلقى بكل مساوئنا ومشاكلنا وعيوبنا على أمريكا، وهى عادة عربية قديمة بألا نتحمل المسئولية ونلقى التهم جزافا على الآخرين ونتهمهم بأنهم سبب تخلفنا عن الركب. ولكن أن يتبنى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين نفس المواقف ويتهم أمريكا صراحة بالوقوف وراء «داعش»، فنحن هنا أمام رؤية مغايرة وحقائق وأدلة بالطبع ليست بعيدة عن ذهن بوتين وهو يتحدث هكذا عن الولاياتالمتحدة. فهو انتقد فى ختام أعمال منتدى فالداى تحت شعار «النظام العالمى الجديد قواعد جديدة أم لعبة من دون قواعد؟»، جوانب عديدة فى السياسة الخارجية الأمريكية. و قال إن واشنطن تقف وراء ظهور الكثير من بؤر التوتر والإرهاب فى العالم، ومنها تأسيس «داعش» مثلما سبق ووقفت وراء ظهور طالبان و«القاعدة» فى أفغانستان بعد انسحاب القوات السوفيتية. لماذا كان بوتين صريحا هكذا فى توجيهه اللوم للسياسات الأمريكية؟. فهو على يقين بسبب ما يملكه من حقائق بأن الولاياتالمتحدة وحلفاءها بدأوا بتمويل وتسليح المقاتلين بشكل مباشر، وتساهلوا مع انضمام المرتزقة من مختلف الدول إلى صفوفهم وامدادهم بالمال والسلاح والخبراء العسكريين.. حتى تحولت «داعش» الى شبه جيش نظامى فى دولة افتراضية تقترب لتكون واقعا جديدا فى المنطقة . ثم نأتى لأهم ما ذكره بوتين، وهو أن الجهود التى بذلتها القاهرة وحدها سمحت بتفادى الفوضى فى مصر. وقد قرأ بوتين بخبرته كرئيس سابق للمخابرات الروسية وما لديه من ملفات كرئيس لروسيا حقيقة ما يجرى بالمنطقة من تدابير، وما كان سينال مصر منها إذا لم تتخذ مواقف صارمة ضد الإرهابيين. ولكننا نعلم أن الطريق طويل، فالإرهاب متجذر ولن تستطيع دولة مكافحته بين ليلة وضحاها. حماك الله يامصر من شر الفتن. لمزيد من مقالات محمد أمين المصري