إذا كان الإقدام على نشر كتب للكبار هذه الأيام يستحق الشكر فإن المغامرة بنشر كتب للأطفال تعد مخاطرة تستوجب الشكر ألف مرة. لماذا؟ لأن كتب الطفل- بجانب كونها مكلفة جدا حيث تتطلب تجهيزا خاصا لتحقيق الإبهار والدهشة- فإنها تقتضى تأليفا من نوع خاص، يلائم سن الطفل، ومعرفة فائقة بنفسيته، وطبيعة ذهنيته. واحدة من مبادرات النشر لكتب الأطفال، هى السلسلة التى قدمها المؤلف والمترجم المصرى نزيه جرجس مؤخرا.. وتتضمن عدة كتب مطبوعة طباعة فاخرة جدا وبشكل جذاب وجميل. وهذه الكتب- عندما تراها للوهلة الأولى- ستلحظ فيها ملحوظات أربع غاية فى الأهمية. أولا: هى فخمة جدا.. ومبهرة.. ومليئة بالرسم المبهج الألوان.. إلى الحد الذى سيدهش الطفل ومن ثم يدفعه دفعا إلى قراءتها. وثانيا: أنها مكتوبة بلغة سلسة بسيطة سهلة.. وببنط كبير لا يرهق عين الطفل.. وجاءت اللغة فى صورة جمل قصيرة رشيقة مشوّقة الحكى والسرد.. دون بهرجة لفظية لا لزوم لها.. ولا استطرادات تثير الملل. وثالثا: أن النص الحكائى مكتوب باللغتين العربية والإنجليزية معا.. وكما أن العربية سهلة فإن الإنجليزية جاءت سهلة هى الأخرى.. ومن ثم فإنه حتى الطفل المبتدئ فى تعلم الإنجليزية سوف يستطيع استيعابها بسهولة. وهكذا يتمتع الطفل بحكاية لذيذة.. ويتعلم لغة جديدة بالمرّة! ورابعا- وهذا هو الأهم- أن القصة التى يحتويها الكتاب تتضمن معلومات مفيدة لحياة الطفل.. الآن وفى المستقبل. سنجد فى القصص على سبيل المثال؛ إرشادات عن قواعد المرور.. وآداب تناول الطعام.. والمأكولات الضارة التى يجب أن يتجنبها.. ومعلومات عن الموسيقى والوعى البيئى وترشيد استهلاكه للماء.. وعلى سبيل المثال، سيقرأ الطفل حكاية «بيتر والذئب».. وهى مقطوعة موسيقية شهيرة جدا عبارة عن حكاية خيالية.. وضعها الموسيقار الروسى سيرجى بروكوفييف، المولود عام 1891 وتوفى عام 1953وهنا فإن نزيه جرجس ينتهز الفرصة ليشرح للأطفال طريقة عمل كل آلة موسيقية؛ كالبوق، والكلارينيت، والفلوت، والباصون، والطبلة. وفى حكاية «حديقة الدلافين».. يروى المؤلف حكاية ثلاثة دلافين.. راح واحد منها يتناول المأكولات السريعة، كالهامبورجر والشيبسى والبيبسى.. فأصابته السمنة المفرطة، وترهل، فلم يعد قادرا على الرقص وإمتاع الأطفال.. ثم عاد إلى رشده، وتوقف عن أكل تلك الأطعمة، فعادت له حيويته وصحته.. وعاد يرقص من جديد.. وهى حكاية توضح للأطفال خطورة تلك المأكولات الضارة. ومن بين قصص هذه السلسلة أيضا، مهرجان الحيوانات، والفيل حكيم، والملكة مياه. إن كتب هذه السلسلة تأتى بمثابة تنبيه لنا جميعا بضرورة العودة إلى نشر كتب الأطفال إذا كنا نريد تنشئة جيل واع نابه يخدم مجتمعه فيما بعد!