وزير التعليم العالي يعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    محافظ الجيزة يتابع انتظام انتخابات مجلس النواب    ضبط شخصين لإصطحابهما ناخبين إلى اللجان بالبحيرة    الهيئة الوطنية للانتخابات: السماح لأي ناخب بالتصويت حتى بعد إغلاق اللجان    «القابضة لمياه الشرب» تبحث مع محافظ جنوب سيناء خطة تطوير محطة دهب    وزير التعليم العالي يستعرض الرؤية الوطنية للبحث العلمي في مصر    لليوم ال11.. «التموين» تواصل صرف مقررات ديسمبر حتى 8 مساء    محافظ كفر الشيخ يتابع فعاليات حملة التوعية بالأمن السيبراني    المشاط»: 2.7 مليار يورو محفظة التعاون الجارية مع بنك الاستثمار الأوروبي    محافظ القليوبية يستجيب لأحد ذوى الهمم ويوفر مشروعا صغيرا لأخيه القائم على رعايته    الأمطار والبرد يفاقمان الأزمة الإنسانية في غزة    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    بيراميدز يتدرب بالكرة الرسمية لبطولة كأس القارات للأندية    توروب يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة إنبي في افتتاح كأس عاصمة مصر    المنتخب التونسي يعلن قائمة اللاعبين المشاركة في كأس أفريقيا 2025 بالمغرب    الداخلية تواصل حملاتها الأمنية المكثفة لمواجهة كافة أشكال الجريمة    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص لتوزيعهم أموالا بمحيط لجان انتخابات النواب بالمنيا    بعد 7 أيام بحث.. لحظة اصطياد «تمساح الزوامل» بالشرقية    النيابة تحقق في تعدي فرد أمن على أطفال بمدرسة بالقاهرة الجديدة    بعد تصدر فيلم الست شباك التذاكر.. «ولنا في الخيال حب» يتراجع للمركز الثاني    وزير الثقافة يلتقي سفير اليونان بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون بين البلدين    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن موعد دورته السابعة والأربعين    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    استخراج 58 حصوة من كلية مريض أربعيني خلال عملية دقيقة بمستشفى المعبر الجامعي في قنا    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الهلال الأحمر يدفع ب 9،800 طن مساعدات إنسانية ومستلزمات شتوية عبر قافلة «زاد العزة»    عدالة التقييم    ضبط صاحب مستودع غاز لتجميعه 55 ألف أسطوانة غاز مدعمة بالبحيرة    أكاديمية الشرطة تنظم محاضرتين للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    منتخب مصر يخوض تدريبا صباحيا استعدادا لأمم أفريقيا    صحيفة.. 24 ساعة تحسم مستقبل صلاح مع ليفربول    مباحثات مصرية - يونانية لتنفيذ برامج سياحية مشتركة    أكسيوس: ترامب يخطط لتعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار الدولية في غزة    سقوط طفل من الطابق الخامس ببورسعيد.. وجهود طبية مكثفة لإنقاذ حياته    ضبط شخص ظهر في فيديو يحمل سلاحًا ناريًا بالغربية    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف    53 مترشحًا يتنافسون على 3 مقاعد فردية فى دوائر أسوان المعاد الاقتراع بها    «الصحة» تعلن نجاح مصر في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية للعام الثالث على التوالي    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    تسليم 1146 بطاقة خدمات متكاملة لذوي الإعاقة بالشرقية    اليوم.. الكنيسة القبطية تحتفي بيوم الصحافة والإعلام في المقر البابوي بالعباسية    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لويس عوض:مذكرات طالب حلم
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 10 - 2014

منذ أن غادر قريته شارونة بصعيد المنيا للالتحاق بكلية الآداب جامعة القاهرة فى ثلاثينيات القرن الماضى وهو يحمل بين جوانحه حلم الذهاب إلى لندن لنيل شهادة الدكتوراه فى الأدب الإنجليزى من جامعة كمبريدج. وكان له ما أراد, ففى نهايات الثلاثينيات شد الرحال إلى انجلترا عقب تخرجه فى قسم اللغة الإنجليزية فى بعثة لحصوله على درجة الامتياز فى وقت عصيب, فالحرب العالمية الثانية لم تضع أوزارها بعد, ولكن لابد من لندن حتى وإن كان السفر فى سفينة فى البحر المتوسط معرضة لغارات المحور فى أية لحظة.
فى عاصمة الضباب
سجل الدكتور لويس عوض وقائع سنوات رحلته فى إنجلترا بخط يده، وفقد المخطوط إلى أن فوجئ بأن كتابه مذكرات طالب بعثة منشور فى كتاب بالإسكندرية بعنوان «كنارى» وعلى نفقة أحد الصحفيين هناك قام بإرسال نسخة من هذا الكتاب إلى لويس عوض وآخرين، فانتاب لويس الغضب لأن عملا من أعماله، قد نشر بدون إذنه، وكيف يصل هذا الكتاب إلى يده بعد ضياع 20 عاما، لكنه لم يجد بدا من مقابلة هذا الصحفى لأخذ أصول الكتاب الذى يعد تجربة جديدة فى الحياة الأدبية والنقدية فقد كتبه بالعامية تأثرا بتوفيق الحكيم فى حوار روايته الرائدة «عودة الروح» التى كتبها فى باريس (1927) وبيرم التونسي فى كتابه السيد ومراته فى باريس وهذا الكتاب بالتحديد فتح أمام ناقدنا آفاقا جديدة فى تجارب اللغة من حيث السرد والوصف والتحليل كانت «مذكرات طالب بعثة» ثمرتها المباشرة. وقد أتم لويس عوض كتابه عام 1942 وتم نشره فى الستينات, وحدث الشىء مع عمل رائد آخر كتب بالعامية وهو رواية الدكتور مصطفى مشرفة «قنطرة الذى كفر» الذى كتب هو الآخر فى الأربعينات ونشر فى الستينيات, ولا ندرى أيهما سبق الآخر, وأغلب الظن أن كلا منهما كتب عمله فى غفلة عن صاحبه. والكتاب يعد مصدرا مهما لمرحلة محورية فى حياة لويس عوض ولونا أدبيا سبقه إليه طه حسين فى«الأيام» وفى«أديب» وتوفيق الحكيم فى «عصفور من الشرق»، وقد حكى فيه عن مدى صرامة الدراسة فى كمبريدج وحرصها على التقاليد التى تلزم الطالب بالانضباط الشديد فيما يتعلق بارتداء الزى الرسمى للجامعة خارجها وداخلها وإنزال العقوبات على المخالفين مثلا. بل والأكثر غرابة أن الصورة السائدة لدى الإنجليز عن مصر وقتها تعود لنصوص التوراة : مجرد صحراء فى وسطها الأهرامات، وكان لويس عوض طالبا مجدا ينكب على المراجع بنهم و لكنه لم يحرم نفسه من متعة التعرف على المظاهر الحضارية فى بريطانيا
سارق النار
عاد ناقدنا الى مصر مدججا بأفكار تتعلق بضرورة العودة إلى الجذور سواء الفرعونية أو اليونانية القديمة وغيرها وتجلى هذا الاتجاه فى كتاب فن الشعر لهوراس ونصوص النقد الأدبى عند اليونان وترجمته لثلاثية مأساة أوريست لإسخيلوس، وعندما طلب منه الكاتب الفرنسى جان لاكوتير أن يعد فصلا عن الأدب المصرى ضمن كتاب «مصر بأقلام مختلفة» سارع وذهب إلى ريف الفيوم ليسجل المواويل من أفواه المنشدين, فسجل موال ناعسة وأيوب وترجمه إلى الفرنسية باعتباره حلقة من حلقات قصة إيزيس وأوزيريس فاسم إيزيس هو الصيغة الهلينية من الاسم أما الاسم المصرى القديم فهو عيزى.
أما أيوب وهو نسخة شعبية للمعذب للمبتلى فهو يختلف عن نبى التوراة, فهو أوزيريس الذى كابد الآلام, وكان يسمى فى مصر القديمة عوزير ومن مهامه الإلهية الخصب. وفى حين نجد ناعسة تتجول بجثمان أيوب من إقليم إلى إقليم بالمقابل نجد جثمان أوزيريس يبحر بمركب فى النيل، ومثلما كانت نساء مصر القديمة يقصصن شعورهن ويلطخن وجوهن بالنيلة فى فترة الحداد القومى على أوزيريس نجد ناعسة تقص شعرها وتبيعه، ومن هنا يعتقد الدكتور لويس عوض أن مضمون وقالب الموال وموسيقاه هى بقايا حية من الأدب الوثنى المصرى القديم عُربت وحُورت لتتماشى مع عقيدة التوحيد.
وعندما أعلن ناقدنا من ناحيته وفاة الشعر العربى القديم بعد ظهور أشعار أبو القاسم الشابى ومحمود حسن إسماعيل وغيرهما, كتب عدة قصائد نشرها فى ديوان بعنوان بلوتو لاند بدت فيه مكونات ثقافته المصرية القديمة. ثلاثة رموا عصا التسيار ذات أصيل فى حمى الأهرام / يا طيبة من كنف للسارى / مازال موئلا على الأيام أولهم على جواد أبلق / دعاه نور الحق والهداية راكبه يأمن شر الزلق مستوثقا لا يخطئ الرماية.
إلا أنه كان يؤمن بأن العامية هى لغة الشعر الحقيقية : نينى على البرانس، قاعدة تغزل / بينى وبينها عسكر الألمان وماما عند شط النيل بتغسل / بينى وبينها فيلق الطليان.
الراهب والثائر
ولا يزال ناقدنا على الدرب يسير, ولكن هذه المرة تعتلى مسرحيته «الراهب» خشبة ويرتدى مسوح الرهبان ويكتب المسرحية طبقا للقواعد الكلاسيكية. فهى صراع بين الحب والواجب أو الخير والشر من خلال الراقصة الماجنة مارتا التى تابت وعرفت طريق الهدى ودافعت عن وطنها من عسف الرومان، وعلى الجانب الآخر نجد الراهب الثائر أبا نوفر المنتمى إلى الحركة الوطنية لم يسلم من الزلل عندما خالف البطريرك وأحب مارتا. كما أن هناك رواية واحدة تدعى العنقاء أو تاريخ حسن مفتاح، كتبها فى لحظة حرجة فى تاريخ مصر المعاصر حفلت بسلسلة متصلة من الاغتيالات السياسية نفذتها جماعات سرية تتراوح ما بين اليمين واليسار هذه الأجواء انعكست على الرواية البطل والمضمون فهى تبدأ بانتحار فؤاد منقريوس صديق بطل الرواية حسن مفتاح الذى ينتمى إلى إحدي الجمعيات السرية اليسارية فهو يعيش حالة من عدم الاستقرار والخواء العاطفى ففى حين أنه يرتبط بفتاة ولكنه لا يستطيع الزواج منها لأنها لا تحتمل تبعة العمل السياسي، والبطل يرفض الانجراف نحو هوة العنف الذي انتهجته الجماعات السرية وكان يحلم باتحادها للوقوف صفا واحدا فى وجه الإنجليز والسراى. وتبقى روح لويس عوض بين دفات كتبه التى يقول فى أحدها: النقد ليس مجرد تعقيب على الأعمال الأدبية وإنما إشاعة تيار من الأفكار الصادقة الجديدة فى المجتمع التى يمكن أن تغنى عمل الأديب فتجعله أثقل فى الوزن وأقدر على التأثير فى الناس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.