منذ أيام قليلة احتفلت الدولة بعيد «الفلاح»..وهو يوم التاسع من سبتمبر الذى تلقى فيه الفلاح حقه من الإصلاح الزراعى وتم اعتماده يوما تاريخيا ليذكره دوما بالأيام الخوالى ..أيام الانتصار لمطالبه.. لكن تلك الايام لم تدم طويلا ولم يعد عيده يحمل له السعد كما كان .. فقد مرت السنون وتشابهت الأيام عليه ولم يعد يميز للعيد طعما وهو ذلك المغلوب المحارب فى رزقه الذى أثقلته أسعار الأسمدة التى ترتفع كل يوم ينافسها ارتفاع أسعار السولار واهمال الدولة له وتركه فريسة لجشع التجار وسوء التسويق لتصبح محاصيله التى أشقاه الصبر على زراعتها طوال العام عبئا مكدسا فى المخازن والمنازل تنتظر من يشتريها ولو بالبخس ولاتجد حتى تحصيل مقابل الجنى وليس ربحه ليخرج من عامه الزراعى الذى أنفقه كدا وصبرا مدينا . وفى الوقت نفسه تتوالى تصريحات المسئولين عن دعم الفلاح وأهمية الزراعة وفرص تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية وأحلام استصلاح أراض مترامية الأطراف لزراعتها .. فإذا كانت الدولة جادة فى سعيها لدعم مهنة الزراعة وتشجيع شباب الخريجين عليها..فكيف بها تهمل الفلاح الذى زرع وحصد بالفعل ؟! السادة المسئولون فى كل مكان .. إننا ندعوكم لمطالعة وجه ذلك الفلاح الذى أحرق محصوله كفرا بالزراعة فى دولة ضيقت الخناق عليه حتى أشعل فى محصوله النيران بيده ، وندعوكم لمطالعة الفلاحين الذين أقسموا أن يكون ذلك العام هو عام وداع زراعة القطن احتجاجا على تكدس محاصيلهم وتدنى سعر الشراء مع ارتفاع اسعار الأسمدة والسولار والمبيدات اللازمة لزراعته وغياب الدعم .. ندعوكم للمطالعة فحسب ..لعل الفلاح يجد فى دعم الدولة عيدا جديدا له . واستكمالا لما بدأناه ..سنجد أن الأمر لم يختلف كثيرا فى محافظاتالدقهلية والغربية والمنيا وبنى سويف عن مثيلاتها التى طالعتموها سابقا. فى الدقهلية تتكدس ألاف القناطير من القطن فى منازل الفلاحين وتصبح معرضة للسرقة والتلف ،حيث اغلقت الشركات التابعة لقطاع الاعمال العام ابوابها فى وجوه الفلاحين واحجمت عن استلام القطن ، بينما تساوم شركات القطاع الخاص والتجار الفلاحين على شرائه بأبخس الاسعار الذين يصرخون لمن نلجأ ولمن نتوجه ومن يحل مشاكلنا بعد ان تراكمت الديون وأصبحنا بين مطرقة الحكومة وسندان التجار ؟ أحمد مرزوق رئيس لجنة تسويق المحاصيل الزراعية بنقابة الفلاحين بالدقهلية قال ان الفلاحين اوشكوا على الانتهاء من جنى محصول القطن هذا الموسم فى مساحة قدرها 45 الف فدان من صنف جيزة 86 وقاموا بنقل الاقطان وتخزينها بمنازلهم ورغم ما تكبدوه من تكاليف الجنى الباهظة التى وصلت الى اكثر من 500 جنيه للقنطار الواحد فإنهم فوجئوا بإحجام شركات قطاع الاعمال العام وهى الاسكندرية التجارية والشرقية وبورسعيد لتجارة الاقطان ومصر لتصدير الاقطان ومصر لحليج الاقطان والدلتا لحليج الاقطان عن شراء القطن من الفلاحين وما زاد «الطين بلة « ان احدى شركات القطاع الخاص بدأت فى شراء القطن من الفلاحين بأسعار متدنية تصل الى 950 جنيها للقنطار مما جعل بعض الفلاحين لا يلجأون الى «الجنية » الثانية لارتفاع التكاليف وطالب مرزوق الحكومة بضرورة وقف استيراد الاقطان الاجنبية ودعم الفلاح المصرى حتى لاتضيع سمعة القطن المصرى أكثر من ذلك وقال ان الحكومة دعمت منتجى القطن المصرى فى العام الماضى بمبلغ 350 جنيها للقنطار حيث تسلمته المغازل بمبلغ 950 جنيها فيما تحملت الدولة مبلغ 350 جنيها دعما للفلاح وطالب مرزوق بضرورة استمرار دعم الفلاح كما حدث فى العام الماضى . وقال أحمد مرزوق: الحكومة ليس لديها اى ذريعة فيما يتعلق بالمبالغ التى تمثل الفارق بين سعر القطن الحقيقى وقيمة الدعم حيث من الممكن فتح باب تصدير الارز بما يحقق نحو 7 مليارات جنيه فى حالة تصدير مليون طن ارز فقط . وفجر مرزوق مفاجأة من العيار الثقيل عندما قال ان بعض الفلاحين المحتاجين يلجأون الى بيع القطن للمحالج الخاصة التى تقوم بدورها بتحويلها الى «مراتب وأغطية» وهو ما يمثل خسارة للدولة على جميع الاتجاهات . وقال مرزوق إن الاقطان المستوردة لا تصل فى مستواها الى مستوى القطن المصرى حيث ان نسبة العادم فى الاقطان الاجنبية تصل الى 40% فى حين تصل نسبة الاقطان المصرية 8% فقط . وقال فؤاد بركات البيبة «لسا الجمالية « : استجبنا هذا العام لدعوة مديرية الزراعة فى التوسع فى زراعة القطن من صنف جيزة 86 طويل ورفيع التيلة وقمنا بإنتاج محصول جيد هذا العام حيث بلغت الانتاجية نحو 7 قناطير للفدان ولكن بعد مرور شهر من الجنى وتخزينه بالمنازل فوجئنا بتقاعس الشركات عن شرائه وتساءل بركات اين نذهب بهذه الاقطان ؟ حيث ان السعر المعروض من قبل التجار لا يحقق اية ربحية مشيرا الى ارتفاع تكاليف الزراعة من مقاومة واسمدة ورى وعمالة بلغت 40 جنيها لفرد الجنى لمدة 3 ساعات فى اليوم وطالب بركات بضرورة قيام شركات تصدير الاقطان المصرية بشراء القطن من الفلاحين والتعاقد مع شركات الغزول الاجنبية لتصديره او ان تتدخل الدولة كمشتر لشراء الاقطان من الفلاحين وتطوير المغازل المصرية حتى تتناسب مع الاقطان فائقة الطول والنعومة . فيما قال نسيم البلاسى نقيب الفلاحين بالدقهلية ان القطن المصرى فى انهيار منذ تحرير تجارته..اى منذ نحو 10 سنوات وانخفضت المساحة المزروعة الى 300ألف فدان فقط بعد ان كانت تصل الى 3 ملايين فدان فى عام 1990 وقال ان الفلاح مظلوم ظلما بينا فالاسعار المعروضة لا تتناسب ابدا مع تكاليف الانتاج واشار الى ان احد المزارعين واسمه نسيم الحديدى من قرية العمارنة مركز المنزلة رفض جنى القطن «التوانى « وترك الاقطان على الاشجار بسبب ارتفاع اجر العمالة وعدم جدوى عملية الجنى وطالب الحكومة بضرورة الاعلان عن اسعار المحاصيل قبل الزراعة مثلما حدث بالنسبة للقمح واشار البلاسى الى ان الفلاح المصرى يتلقى كل يوم ضربة تلو الاخري، مشيرا الى عدم اعلان الحكومة عن اسعار شراء محصولى القطن والارز وقرار زيادة اسعار الاسمدة ومن قبل ارتفاع اسعار السولار وقال البلاسى متعجبا انه لاتوجد جهة واحدة مسئولة عن الفلاح فقد تاهت قضايا الفلاحين بين طواحين وزارات الزراعة والتموين والتجارة والمالية . وقال المهندس انور احمد سالم وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة ان الحكومة لم تقم حتى الآن بتحديد سعر ضمان لشراء القطن من المزارعين حيث تم تحديده فى العام الماضى ب 1200 جنيه للقنطار .