لاتزال الأسئلة مطروحة بالحاح عن التحالف الدولى الذى جرى تشكيله بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية لمحاربة الإرهاب فى الشرق الأوسط، وهى اسئلة تتعلق بالمبالغة فى تصوير حجم الإرهاب ومخاطرة العالمية مما يستدعى استنفار دول العالم للانضمام إلى التحالف، كما تطول الأسئلة الأهداف المباشرة والحقيقية من حرب تتجند لها قوى إقليمية ودول لاصلة لها بالأصل فى محاربة الإرهاب لتصل الأسئلة المطروحة إلى الاثمان التى ستدفعها الشعوب العربية لقاء هذا التجييش غير المسبوق لتصل الأسئلة ايضا إلى تساؤل جوهرى وهو من أى رحم سياسى ولدت هذه الجماعات الإرهابية؟! تريد الولاياتالمتحدةالأمريكية تصوير ظاهرة داعش على أنها مجموعة إرهابية سقطت فجأة من السماء والمطلوب من العالم أن يتحد لمواجهتها دون أن يبحث احد فى الاسباب التى جاءت بها ومكنت لها وجودها فى المنطقة لانها تعلم جيدا انها ساهمت بصورة أو بأخرى فى ظهورها وتناميها ولانبتعد عن الحقيقة إذا ذهبنا إلى انها صنيعتها كما هى الحال بالنسبة لظاهرة القاعدة وطالبان التى اعترفت هيلارى كلينتون الأسبوع الماضى فى خطاب لها أمام إحدى لجان الكونجرس بانهما صنيعة الولاياتالمتحدة وجاء على لسانها أن أمريكا ابان حكم رونالد ريجان قررت منع ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتى من التمدد داخل اسيا الوسطي، وبالتالى اتفقت مع المخابرات الباكستانية وصرفت مليارات الدولارات لانشاء وتمويل مجموعة مناهضة لتدخل الاتحاد السوفيتى فى افغانستان واضافت انهم استخدموا من أجل ذلك «الوهابية» شعارا للإسلام ضد الشيوعية وبالتالى جلبوا المجاهدين من المنطقة العربية خاصة السعودية حيث تأسست منهم بالفعل طالبان، وبعدها القاعدة وقد نجحتا بالفعل فى ارغام الاتحاد السوفيتى على الانسحاب من افغانستان.. وبما ان أمريكا استحضرت عفريت الجماعات الإرهابية ممثلة فى القاعدة وطالبان فقد رسخت الايدويولوجيات الدينية المتطرفة وكان من الطبيعى ان ننقلب عليها ونحاربها فى افغانستان وخارجها. وما صدمنى فى هذا الخطاب هو ان الولاياتالمتحدة تعترف بما ارتكبته من ألاعيب لخدمة اجندتها الخاصة على حساب الدول الضعيفة وبعدها تعيد الكرة وتعلن عن تحالف دولى جديد انضمت إليه الدول العربية بحماس شديد ودون تردد! وطبعا هى تعلم جيدا ان العرب لايتعلمون من اخطائهم وبالتالى لن يؤثر اعترافها هذا فى خططها الشيطانية المستقبلية وفى مقال لمهاتير محمد بجريدة النيوزويك الأمريكية أشار فى بدايته إلى ان الرأى العام الغربى اصيب بالرعب بسبب عمليات قطع رءوس ثلاثة من الصحفيين الغربيين المسالمين على يد تنظيم داعش واعترف بأنه هو شخصيا أصيب بالرعب والخوف لان الإسلام وفق خبرته ومعرفته به لايبشر بعنف ولايحبذ الإرهاب والقرآن الكريم يؤكد ذلك فى الآية «لا إكراه فى الدبن» وبعد ذلك يطرح السؤال المحير لماذا يفعل التنظيم ذلك؟ ويجيب مهاتير محمد بقوله منذ فترة وجيزة ارتكبت إسرائيل ضد مواطنين مسلمين ومسيحيين مجازر جماعية ذهب ضحيتها اطفال وعجزة وابرياء لكن هذه الفظائع لم تحرك شفقة الأوروبيين والأمريكيين بل بالعكس.. وهبت أمريكا ربيبتها إسرائيل، المال والسلاح لكى تتمكن من مواصلة تدمير المنازل على رءوس ساكنيها وبعد استعراض سلسلة المظالم التى ارتكبت بحق الفلسطينيين ينتقل مهاتير إلى العراق ليتحدث عن الكذبة المفبركة، التى بررت غزو الأمريكيين لذلك البلد العربي، وانتقل إلى استحضار معارك البوسنة وكيف حصدت فى النهاية 12 الفا ثم خلص إلى محصلة مفادها ان العدالة والانصاف واحترام مشاعر الشعوب ودياناتها ومعتقداتها ومقدساتها هى وحدها التى تلغى داعش وأمثاله وهى وحدها السكين التى تقطع رأس الإرهاب والعنف فى العالم العربى والإسلامي، وفى رد المعلقين على اطروحات مهاتير فإن المبررات التى قدمها إلى المنظمات الإرهابية فى العالمين العربى والإسلامى لاتحمل الأحكام التخفيفية على اعتبار ان خطأين لايساويان صوابا. وفى نفس الأسبوع قرر الممثل الأمريكى بن افليك نظرية العلاقة بين الإرهاب وانتفاء العدالة خلال جدل محتدم بينه وبين الفيلسوف سام هارس الأمريكى من أصل يهودى فى برنامج تليفزيونى وعندما انتقد سام الإسلام واتهمه بأنه يقف وراء الجماعات الإرهابية تصدى له بطل فيلم «أرجو» بالقول هناك مليار شخص مسلم ليسوا متطرفين ولايسيئون إلى المرأة ويحرصون على تحصيل العلم فى المدارس .. هؤلاء وإمثالهم لايمارسون الأعمال التى تدعى أن المسلمين يمارسونها فلقد قتلنا يقصد الغرب المسيحى من المسلمين أكثر مما قتلوا من صفوفنا بفارق كبير.. هذا وقد أثار ذلك الجدل موجة من ردود الفعل تفاوتت بين التأييد والانتقاد وكان من حصيلة النقاش الحاد الذى طرحه الممثل الأمريكى عبرة تقول إنه لايجوز أخذ المسلمين كلهم بجريرة فئة ضالة شاءت أن تدعى الخلافة لتمرير مشاريعها السياسية هى ومن يقفون وراءها. وإذا كانت هناك علاقة سببية قوية بين الإرهاب وانتفاء العدالة فإن الأخطار المشينة التى ارتكبها الغرب المسيحى بحق مسلمين لاتعطيهم الحق فى الخروج على القوانين الدولية كما لاتعطى القاعدة وداعش ومن يقف وراءهما الحق فى استغلال الدين واستثمار غضب الشعوب لتكرار جرائم المستعمرين. د. عماد إسماعيل