صدر حتي الآن في أمريكا عشرات الكتب التي تتحدث عن تنظيم القاعدة وتحلل أحداث الحادي عشر من سبتمبر والحرب في أفغانستان والعراق وإدارة كل من بوش وأوباما لشئون الأمن القومي إلا أن ما يجعل كتاب "أطول حرب" لبيتر بيرجن، محلل سي إن إن لشئون الأمن القومي مميزا ومفيدا بشكل خاص هو تلك اللمحة الموجزة والمقنعة التي يقدمها الكاتب بالاعتماد علي عدد من الأعمال الصحفية فضلا عن إضافته لخبرته الشخصية ومقابلاته مع مجموعة واسعة من الشخصيات من بينهم مسئولون في مجال مكافحة الإرهاب وأعضاء من حركة طالبان وانتحارين فاشلون وأفراد من عائلة وأصدقاء أسامة بن لادن وكبار الضباط في الجيش الأمريكي. وقد كان المؤلف أحد أفراد الفريق التابع لشبكة السي إن إن الإخبارية والذي أجري مقابلة مع بن لادن عام 1997 كما أنه كتب كتابين عن زعيم القاعدة من قبل لذا فإنه يعطي صورة دقيقة يلتقطها بعين الخبير عن تنظيم القاعدة وطريقة عمله ويقول إنها منظمة بيروقراطية للغاية تعمل بلوائح وقوانين برواتب وبدلات وجداول للعطلات وعلي الرغم من أن بعض استنتاجات بيرجن مثيرة للجدل إلا أن تحليله المنطقي لها يضفي عليها المصداقية. وبشأن الأخطار التي تمثلها باكستان يقول بيرجن أن التزايد السريع في عدد السكان مع ارتفاع معدل البطالة سيلعب لصالح المتشددين لكن لن تكون الدولة تحت سيطرة الإسلاميين مثل حكم الشاه في إيران لأنه لا توجد شخصية دينية رئيسية تستطيع المعارضة الالتفاف حولها، وكذلك فإن تحالف الأحزاب الموالية لحركة طالبان المعروفة باسم مجلس العمال المتحد والتي وصلت إلي السلطة في اثنين من الأقاليم الباكستانية عام 2002 ونفذت بعض التدابير المتشددة مثل حظر بيع الكحول نهائيا حتي لغير المسلمين لم يثبتوا أي تأثير في انتخابات 2008، كما أظهرت استطلاعات الرأي زيادة معارضة الشعب الباكستاني للتكتيكات المستخدمة من قبل المسلحين حتي إن دعم الهجمات الانتحارية انخفض من 33% حتي 5% بين عامي 2005 و2008. كذلك يقول بيرجن إن التشكيك المتنامي في نجاح سياسة أوباما في أفغانستان يعود للمقارنة الخاطئة بين أفغانستان والعراق وفيتنام ويقول إن دعوات تقليل الوجود الأمريكي في أفغانستان خاطئة فقد فعلت الولاياتالمتحدة ذلك مرتين من قبل عندما تم تقليل التواجد الأمريكي هناك في أعقاب هزيمة الاتحاد السوفييتي هناك وهو الأمر الذي خلق تلك الفوضي التي تسببت في ظهور طالبان في التسعينيات والمرة الثانية عندما احتاج جورج بوش للقوات في العراق وقلل العدد في أفغانستان مما سمح لحركة طالبان بالظهور المؤثر مرة أخري. ويري بيرجن أن كلاً من أسامة بن لادن وجورج بوش ارتكب أخطاء استراتيجية كبري فكما خطئه بن لادن في تقدير عواقب هجمات سبتمبر وفقد بسبب خطأه تلك القاعدة الآمنة لمنظمته الإرهابية في أفغانستان فقد أخطأ بوش بقرار الحرب علي العراق والذي أضفي نوعًا من الشرعية علي القاعدة الإرهابية ودعم "حرب بن لادن المقدسة" وأثار فكرة الجهاد الإسلامي في جميع أنحاء العالم ولم تتسبب الحرب علي العراق في كسر تحالف صدام وبن لادن لأنه لم يوجد مثل هذا التحالف من الأساس، ولم تقتصر أخطاء بوش علي ذلك بل ارتكب من الأخطاء ما خلق "عاصفة من التمرد الدموي العراقي" وتسبب في نشر الإرهاب. والنقطة الأكثر سخونة في كتاب بيرجن هي رؤيته للنهاية الوشيكة للقاعدة إذ يقول إن تنظيم القاعد يعاني من أربع نقاط ضعف إستراتيجية من شأنها التأثير علي مستقبله علي المدي الطويل وهم أولا؛ تسبب القاعدة في مقتل للعديد من المدنيين وهو الأمر الذي نهي عنه القرآن بشدة، وثانيا؛ فشل القاعدة في توفير أي رؤية مستقبلية خاصة وأن حكم طالبان لأفغانستان في المستقبل ليست بالفكرة السائغة لمعظم المسلمين، وثالثا؛عدم قدرة المسلحين علي تحويل الحركة من جهادية إلي جماهيرية سياسية حقيقية لأن عقيدتهم تمنعهم من تقديم ذلك النوع من "التنازل" للانخراط في الحياة السياسية الطبيعية، ورابعا؛ تزايدت قائمة الأعداء والتي أصبحت تضم عددًا كبيرًا من المسلمين الرافضين لتلك الأصولية المتطرفة.