يبدو أن الموت قرر أن يسكن الطرق فى مصر، حاصدا المزيد من الارواح يوما بعد يوم، حيث باتت شبكة الطرق والتى يقدر طولها بنحو ب 24000 كيلو متر مصيدة للضحايا، وعذابا وآلاما لأسرهم. باتت الطرق فى مصرملونة بلون واحد هو لون الدم الأحمر القاني، بات الدم الغارق على الطرق دليل إدانة لكل من يتحمل هذه المسئولية من مرور أوهيئة طرق أوسائقين غابت عنهم عقولهم فتسببوا فى حرمان أطفال رضع من آبائهم، ونساء أرامل فى مقتبل شبابهن، وآباء وأمهات يموتون كل يوم حسرة على ضياع فلذات أكبادهم . منذ أيام حصد الطريق الصحراوى الغربى فى حادث واحد 30 شخصا , فضلا عن الإصابات و الإعاقات المختلفة التى خلفها ذلك الحادث الأليم , والذى جاء بمثابة صدمة لكل المصريين نظرا لبشاعته وكثرة ضحاياه , وقبل مرور 24 ساعة على تلك المذبحة حصد الطريق نفسه أرواح 3 أشخاص آخرين , هذا بخلاف أنه من أكثر الطرق التى تعد مسرحا دائما لأبشع حوادث السير على الإطلاق .. فما أسباب ذلك ؟ وما الذى ينبغى عمله للحد من نزيف الدم المستمر على طريق الموت الغربى . سألنا سعد الجيوشى رئيس هيئة الطرق والكبارى و الذى قال إن 80% من الحوادث هى بسبب العنصر البشرى و الذى قد يكون لديه رعونة فى القيادة أو تقدير خطأ للمسافات بينه وبين السيارات الأخرى أو أن يكون مشغولا بالتحدث فى التليفون وهناك أيضا من يكون مخمورا أو تحت تاثير المواد المخدرة , وكلها تندرج تحت سلوكيات قائد المركبة , و10 % من الحوادث تكون بسبب أمن ومتانة السيارة نفسها , فقد يكون الكاوتش مثلا فاقداَ لصلاحيته أوأن تكون السيارة غير مجهزة للسير من أساسه , وهناك 5 % بسبب العوامل الجوية المختلفة , و5 % بسبب حالة شبكة الطرق فطبقا للأحصائيات التى تمت لحوادث الطرق بحسب هيئة الطرق والكبارى فان 5% من عدد الحوادث تكون بسبب نقص وسائل التحكم على الطريق (العلامات التخطيط السطحى العواكس الارضية الحواجز) بسبب السرقات او التلف او نقص الاعتمادات المالية المقررة لذلك,والنقاط السوداء (اماكن تكرار الحوادث) فى المنحنيات والتقاطعات والمطبات العشوائية التى ينفذها الاهالى فى اماكن عبور المشاة والكثافات المرورية العالية وعند التقاطعات وإختلاط النوعيات المتعددة من السيارات والمركبات وسيارات النقل الثقيل أثناء السير على الطرق، إضافة إلى الحمولات غير القانونية للشاحنات والتى تجاوزت ثلاثة اضعاف الحمولات المقررة ، وانخفاض مستويات الصيانة وحالة الرصف لشبكة الطرق والكبارى . ويؤكد الجيوشى أن الهيئة تعتمد فى تمويلها على مواردها الذاتية فى الصيانة حيث لا يوجد مخصص مالى لهذا البند وإنما المخصصات المالية تُعتَمَد للانشاءات الجديدة فقط فأعمال الصيانة من عوائد الكارتة ( من بوابات التحصيل على الطرق السريعة ) والموازين وعوائد الاعلانات والايجارات والامتيازات والتى تقدر فى عام 2013/2014 ب 500 مليون جنيه فقط وهى لا تكفى عشر تكلفة الصيانة التى تقدر ب 5 مليارات جنيه ، وهناك نقطة أخرى مرتبطة بانهيار شبكة الطرق والكبارى وهى بسبب الانفلات الأمنى خلال السنوات الثلاث السابقة بوجود بلطجة مقنعة وعدم الالتزام بسداد رسوم التحصيل ورسوم الموازين عن الحمولات الزائدة من سائقى الشاحنات بالاضافة الى عدم التزام الوكالات الاعلانية القومية بسداد مستحقات الهيئة من عوائد الاعلانات والتى تقدر المديونية بمبلغ 150 مليون جنيه. ويشير إلى أن كل هذه العوائق متعلقة بتمويل صيانة شبكة الطرق والكبارى إضافة إلى أن السبب الرئيسى وراء تدهور شبكة الطرق وخاصة الكبارى الحمولات الزائدة التى تدمر الطرق والكبارى فعمر الطرق مصمم من 10 سنوات وحتى 15 سنة والحمولات الزائدة تجعل الطرق فى حالة الكهولة والعجز . أشار الجيوشى إلى أنه غير راض تماماً عن المطبات العشوائية المنتشرة على الطرق وهى بالفعل عشوائية فى التصميم والمكان وأن مثل هذه المطبات تسبب العديد من الحوادث الكارثية والزحام الشديد نتيجة التوقف التام للسيارة لعبور هذا المطب العشوائى وتعتبر سببا رئيسيا فى سرقة وتثبيت المواطنين ليلاً من المتجاوزين الخارجين عن القانون واكد أن الهيئة شكلت لجانا منتشرة بمواقع الطرق التى تم ترشيحها من المحافظات لتحديد هذه المطبات العشوائية واستبدالها (بالمطبات الصوتية) والتى تعمل على تهدئة السيارة او المركبة من سرعة 110 ك/س الى 30 ك/س ويبلغ ارتفاعها من 1سم الى 2 سم فقط وهى مكونة من 3 مجموعات من شرائح بعرض الطريق كل مجموعة مكونة من 5 شرائح تعمل على تنبيه السائق وذلك حفاظاً على ارواح المواطنين وسلامتهم وضمان السيولة المرورية . الدكتور عيسى سرحان أستاذ الطرق و المرور بهندسة عين شمس يرى ان ازدواج الطريق الصحراوى الغربى له الأولوية حاليا عن مخطط انشاء طرق جديدة , حيث انه يعتبر الشريان الرئيسى الذى يربط كل محافظات الصعيد بالعاصمة , ومنه بداية كل الطرق التنموية التى تتخلل الصحراء الغربية المقترح تنفيذها كالمنيا والواحات والفرافرة , وغيرها , فإذا لم يكن هذا الطريق على مستوى هندسى مقبول فسوف يؤثر سلبا على سلامة الحركة المرورية عليه , وهذه هى الأولوية فهذا الطريق هو عصب التنمية لمحافظات الوجه القبلى . ويؤكد عيسى أن الاسباب وراء تعدد الحوادث على هذا الطريق , منها اسباب هندسية يمكن تشخيصها وتنفيذ الحلول العاجلة لها وذلك من خلال الازدواج و تزويده باللافتات الارشادية , وحل جميع التقاطعات السطحية عليه بأسلوب هندسى مقبول , وتزويده بكل عناصر تأمين الحركة المرورية . ويشير الى انه لحين استكمال ما تم طرحه , هناك ضرورة قيام كل محافظة فى إطارها وتحت إشراف الادارة العامة للمرور بتكثيف التواجد المرورى على كامل الطريق , فكل سائق ميكروباص او مقطورة يرى هذا التواجد المرورى سوف يفكر الف مرة قبل عمل اى تجاوزات أو مخالفات على الطرق , فضلا عن ضرورة اعادة النظر فى التراخيص التى تمنح لقائدى الميكروباص والمقطورات , وذلك من خلال الكشف الدورى والسريع على هؤلاء السائقين , للتأكد من عدم تعاطيهم اى مواد مخدرة قد تؤثر على السلامة المرورية على مختلف الطرق السريعة . كذلك النقاط السوداء الموجودة فى الطرق وهى الاماكن التى يتكرر فيها وقوع الحوادث, ينبغى كما يوضح أستاذ الطرق ضرورة عمل خطة عاجلة لعلاج تلك النقاط على طول شبكة الطرق, سواء بالتواجد المرورى المكثف هناك, او من خلال توضيح الرؤية اذا كانت عكس ذلك, او رصف هذه النقاط والأماكن جيدا اذا كانت غير مرصوفة بشكل صحيح .