سعر الدولار اليوم الخميس 29 مايو 2025 أمام الجنيه المصري في البنوك    الخارجية الأمريكية تخطر الكونجرس بخطة لإعادة الهيكلة تشمل خفضا في البرامج والموظفين    قيادي بحماس: لا صحة للأخبار التي تتحدث عن مؤتمر صحفي لخليل الحية    ترامب ومركزية قرار السياسة الخارجية الأمريكية    البيت الأبيض: نأمل أن تنخرط موسكو وكييف في مفاوضات مباشرة الأسبوع المقبل بهدف تسوية الأزمة    يوسف: ريبيرو من اختار النحاس.. وسيتم إضافة عنصرين مصريين لجهازه    يوسف: طلبات ربيعة فاقت الميزانية التي رصدناها له    البحث عن جثة طفل غرق بشاطئ شهر العسل في الإسكندرية    حلا شيحة تطلق محتوى قرآن كريم على اليوتيوب    10 مسلسلات تتنافس فى موسم الصيف    «حماية المستهلك»: رقابة مشددة على الأسواق وزيارة 190 ألف منشأة وتحرير 44 ألف مخالفة    كلمات تهنئة للحجاج المغادرين لأداء فريضة الحج    رئيس البنك الزراعي يتفقد الأعمال النهائية بمقر العاصمة الإدارية    القبض على عامل خردة بتهمة قتل زوجته في الشرقية    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على اقتراح وقف إطلاق النار والمناقشات مستمرة مع حماس    أحمد السعدني عن حصد الأهلي لبطولة الدوري: "ربنا ما يقطعلنا عادة    لجنة تفتيش تطمئن على جاهزية تشغيل مطار سفنكس    دعاء تهنئة بعيد الأضحى المبارك 2025.. أفضل الأدعية    والدة غادة عبد الرحيم: يجب على الجميع توفير الحب لأبنائهم    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    قصور الثقافة تختتم عروض مسرح إقليم شرق الدلتا ب«موسم الدم»    صدمته سيارة.. تشييع وكيل الإدارة العامة للمرور في مسقط رأسه بالمنوفية (صور)    «تود سوردي» يقود ثورة الذكاء الاصطناعي في الفضاء التجاري    ميلانيا ترامب تنفي شائعة رفض "هارفارد" لبارون: "لم يتقدم أصلاً"    تعليقًا على بناء 20 مستوطنة بالضفة.. بريطانيا: عقبة متعمدة أمام قيام دولة فلسطينية    المطارات المصرية.. نموذج عالمي يكتب بأيادٍ وطنية    الحكومة: استراتيجية لتوطين صناعة الحرير بمصر من خلال منهجية تطوير التكتلات    تقارير: مانشستر سيتي يبدأ مفاوضات ضم ريان شرقي    الإفتاء: توضح شروط صحة الأضحية وحكمها    أجمل ما يقال للحاج عند عودته من مكة بعد أداء المناسك.. عبارات ملهمة    "حقيقة المشروع وسبب العودة".. كامل أبو علي يتراجع عن استقالته من رئاسة المصري    إحباط تهريب صفقة مخدرات وأسلحة في نجع حمادي    البورصة: تراجع رصيد شهادات الإيداع للبنك التجاري ومجموعة أي أف جي    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    رواتب مجزية ومزايا.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    مجلس جامعة القاهرة يثمن قرار إعادة مكتب التنسيق المركزي إلى مقره التاريخي    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة- صور    إنريكي في باريس.. سر 15 ألف يورو غيرت وجه سان جيرمان    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    انهيار نهر جليدى فى سويسرا يدمر قرية جبلية ويثير مخاوف من تداعيات التغير المناخى    «أحد سأل عني» ل محمد عبده تتجاوز المليون مشاهدة خلال أيام من طرحها (فيديو)    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    «أوقاف الإسكندرية»: تجهيز 610 ساحات لأداء صلاة عيد الأضحى 2025    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    الإسماعيلى ينتظر استلام القرض لتسديد الغرامات الدولية وفتح القيد    نائب رئيس الوزراء: قصر العينى أقدم مدرسة طبية بالشرق الأوسط ونفخر بالانتماء له    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بوحدة طوسون    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد إقليمية لانتخابات تونس
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 10 - 2014

لا أعرف ما إذا كانت الحرب مع «داعش» فى المشرق العربى ستترك للإعلام الغربى ومراسليه فسحة لمتابعة حدث بأهمية الانتخابات التونسية المقرر ان تجرى برلمانية فى 26أكتوبر الحالى ورئاسية فى 23 نوفمبر المقبل.
لكن مجرد اجراء مثل هذه الانتخابات فى المنطقة العربية التى تعصف بها رياح «داعش» واخواتها وتعانى بالأصل من أمراض الديكتاتوريات المزمنة يعد بمنزلة مبرر كاف لكى ينظر العالم الى تونس ويقارن. وعلى اى حال فقد استبق الأمين العام للأمم المتحدة ابان كى مون « هذه الانتخابات بأقل من أسبوعين وزار تون»، وتحدث عن اتجربة تفيد بان الديمقراطية ممكنة عبر التوافق.
ولكن هذا الحديث الشائع حاليا عن «التجربة التونسية» أو «النموذج التونسى» كما ذهب رئيس حزب النهضة الاسلامى التونسى «راشد الغنوشي» فى محاضرته بجامعة « يال الأمريكية» نهاية سبتمبر الماضى يحمل فى باطنه مخاطر الإقرار باستثناء غير قابل للتكرار أو المشابهة، صحيح ان لمثل هذا الاستثناء حيثياته كارتفاع نسبة التعليم وقوة المجتمع المدنى ودرجة التفاعل مع أوروبا وثقافاتها. فضلا عن تطور الإسلام السياسى ومدى تقبله للحداثة وللتراث الحقوقى الانسانى . لكن هكذا دعاء للاستثناء التونسى يعيد علينا دروسا عنصرية فى الاستثناء العربى من الديمقراطية. وكأنه قدر العرب اللانهائى ان يعيشوا نظما استبدادية باسم الوطنية أو الدين أو كليهما معا, وخارج التاريخ.فلا تلحقهم تغييرات اجتاحت مختلف قارات العالم مع الثورات العالمية من عصر الصناعة الى عصر الإنترنت. ولا يمسهم سقوط الديكتاتوريات وانتشار الديمقراطية فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية على مدى الربع قرن الأخير. بحكم الجوار الجغرافى تقع تونس الصغيرة المساحة بين جارين عربيين عملاقين يتمتعان بثروة نفطية ( ليبيا والجزائر). الأول يعيش مخاض حرب أهلية طويلة وبحكومتين والعديد من ميليشيات القبائل والعشائر و المناطق المتناحرة. والثانى خرج من حربه الأهلية مع الاسلاميين فى عقد التسعينيات بنحو مائتى ألف قتيل. ولينتقل الآن الى مستقبل مفتوح على مجهول رئيس مريض أعيد انتخابه للمرة الرابعة و مجتمع بديمقراطية منقوصة مشوهة يحكمه الجنرالات. وفوق هذا وذاك فإن حدود تونس مع جاريه الاثنين عرضة للاختراق من الجماعات الإرهابية. ومع هذا المحيط الجغرافى المضطرب لاتخلو برامج أبرز الأحزاب التونسية التى تتقدم الى الانتخابات من تعويل على تعاون اقليمى لمكافحة الإرهاب الذى ضرب تونس ذاتها فى السنوات الثلاث الأخيرة على نحو لم تعرفه منذ عقود سبقت. لكن الرهان المراوغ على تعاون إقليمى يأتى هذه المرة مصحوبا بقناعة مفادها أن الحل الأمنى وحده ليس كافيا، وبأن الحلول الاقتصادية والسياسية والثقافية لتأمين تماسك النسيج الداخلى للبلاد لاتقل أهمية.
أحلام جانب كبير من الطبقة السياسية فى تونس كما تعكسها العديد من برامج الانتخابات تدور حول بلد يصبح بمنزلة مركز إقليمى عالمى لاقتصاد الخدمات يربط بين افريقيا وأوروبا. لكن توافر الأمن والاستقرار السياسى شرط لازم للمضى نحو هذا الهدف. وهذا الأمر ينبه الى حلقة دائرية تتشابك فيها جهود مكافحة الإرهاب مع تهيئة المناخ لانطلاقة اقتصادية، وعلى نحو يتبادل فيه السبب والنتيجة المواقع.
بالقطع فإن الإرهابيين بمختلف تنظيماتهم ومدارسهم بما فى ذلك السلفية الجهادية أعداء نجاح التجربة التونسية فى الانتقال الى الديمقراطية. لكنهم ليسوا وحدهم. فهناك قوى ودول إقليمية لا يروقها كسر ثنائية الاستبداد والارهاب. ويزعجها كثيرا تقديم نموذج ديمقراطى ناجح فى المحيط العربى . ولأسباب داخلية فى هذه الدول أيضا. لكن الحصافة التونسية تقتضى أخذ واقع النظام الرسمى العربى فى الاعتبار . وتجنب الانزلاق الى خصومات تحمل شبهات تدخل المسئولين التونسيين المنتخبين ديمقراطيا فى شئون الدول الأخرى. وفى هذا السياق يمكن فهم تعهد الجبهة الشعبية اليسارية المرشحة لتحتل المرتبة الثالثة فى الانتخابات البرلمانية بتونس باعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق خلال المائة يوم الأولى فى حال مشاركتها فى الحكم .
صحيح انه من الصعب التنبؤ بدقة بنتائج الانتخابات التونسية وبالتالى مردودها على الإقليم . لكن لاعتبارات داخلية محلية ولأخرى تتعلق بهبوط وتراجع المنحنى العام للإسلاميين فى الحكم من العراق الى المغرب فإن المرجح ان يخرج حزب النهضة الإسلامى أضعف مما كان عليه بعد انتخابات المجلس التأسيسى عام 2011. وإن كان هذا لا يستبعد تماما فرص مشاركته فى حكومة ائتلافية جديدة مع أحزاب علمانية. وفى كل الأحوال فإن الحصاد الأرجح للانتخابات يعطى درسا مهما فى امكان هزيمة الاسلاميين أوتقليص نفوذهم عبر صندوق انتخاب حر ونزيه. كما قد يفضى هذا الحصاد الى المزيد من ترشيد السياسة الخارجية للدولة التونسية. وبالمضى فى خطوات تحسين العلاقات مع دوله كمصر .وهو تحسن بدا ملموسا مع تعاون حكومتى البلدين فى معالجة ازمة العمالة المصرية التى لجأت الى تونس قادمة من ليبيا.
وإذا كان الكاتب الفرنسى الصديق «آلان جريش» يرى فى تونس فرصة لتسوية تاريخية بين القوى السياسية الإسلامية والعلمانية مستلهما التسويات التاريخية التى عرفتها القارة الأوروبية بين قوى اليسار واليمين بما فى ذلك الشيوعيون والمسيحيون الديمقراطيون ، فإن جاذبية النموذج التونسى فى انجاز مثل هذه التسوية التاريخية لها أهميتها. وهذا بصرف النظر عن الوزن النسبى لتونس فى النظام الإقليمى العربى. وحقائق المحدودية النسبية لعدد السكان و الامكانات المتوافرة لدول اخرى أكثر محورية وتأثيرا. ولعل الدرس التونسى الأهم يكمن فى ان الديمقراطية صعبة لكنها ممكنة.
لمزيد من مقالات كارم يحيى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.