سؤال يطرح نفسه فى ظل الغياب الحكومى المصرى عن أهم المنتديات العالمية للإستثمار فى إفريقيا .. الخليج العربى ومن بوابة دبى هل يمكن أن يكون الشريك الإستراتيجى لمصر فى إفريقيا داعما لأمننا القومى بالقارة الأم؟ وهل يمكن للإستثمارات العربية أن تكون الذراع القوية لتوليد فرص وربح وإقامة مشروعات بنية أساسية تربط شمال القارة بجنوبها ومحققة أرباحا كبيرة لمنطقة الخليج تعوضها خسارتها فى أسواق أوربا وأمريكا. كلها أسئلة تثور خاصة وأن مصر قبل ثورة يناير كانت صاحبة الريادة فى عقد أول منتدى للأعمال بين الإستثمار العربى بقيادة دبى ومجموعة دول الكوميسا بشرم الشيخ ، تلاه منتدى أخر فى دبى لتعاود دبى إطلاق أول منتدى لها منذ عامين تحدث خلاله الفريق مهاب مميش، وعقد المنتدى الثانى قبيل عيد الأضحى المبارك تحت رعاية وبحضور الشيخ محمد بن راشد أل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى والذى وجه بضرورة عقد الملتقى بصفة سنوية بدلا من عقده كل عامين. الغياب المصرى عن المنتدى فيما عدا حضور الفريق مهاب مميش كضيف شرف يدعو للأسف خاصة وأن الدور المصرى لربط الخليج بالقارة كان تاليا للدور المصرى لربط الصين بالقارة عبر منتدى أعمال مصرى صينى فى إفريقيا توقف أيضا عن الإنعقاد؟؟ ثلاثة رؤساء دول إثيوبيا ورواندا وغانا إضافة لنائبى رئيس دولة وخمس رؤساء حكومات و14 وزيرا من 62 دولة شاركوا فى المنتدى ورسموا خطوطا واضحة لكيفية إتحاد المال مع الثروات الطبيعية لصناعة مستقبل أفضل. ومن أكثر الكلمات التى أوجزت الإمكانات الواعدة فى القارة
كانت كلمة هبة سلامة مديرة وكالة الاستثمار الإقليمية للكوميسا حيث أشارت إلى أن إجمالى الناتج المحلى للقارة الأفريقية سيتجاوز 1.4 تريليون دولار بحلول 2020 مع تعداد سكان يصل إلى مليار نسمة، ونمو الإنتاجية 3% على أقل تقدير، مع معدل عوائد على الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمعدل 29%. وأضافت أن قطاعى الصناعة والزراعة تعدان من أكثر القطاعات نموا فى أفريقيا، فيما تحتضن أفريقيا 60% من إجمالى الأراضى الصالحة للزراعة فى العالم. وفى القطاع المالى فى القارة أكدت أن هناك 23 سوقا مالية فى القارة الأفريقية بزيادة 18 سوقا مالية خلال السنوات العشر الأخيرة طبقا للموقع الإلكترونى (إنفست إن أفريكا)، ومنذ عام 2012 فإن كل من موريشوس وناميبيا وجنوب أفريقيا وأوغنداوزامبيا سجلت عوائد على الاستثمار بنحو 27%، فيما توفر زامبيا عوائد على الاستثمار بنحو 57% وهناك 200 شركة للأسهم الخاصة تستثمر فى أفريقيا. وعلى صعيد الصناديق السيادية تمتلك أفريقيا 14 صندوقا سيادياً إضافة إلى 3 صناديق جديدة فى أنجولا ونيجيريا مع خطط لتأسيس صندوق سيادى آخر فى تنزانيا. وعلى مستوى القوى العاملة، ذكرت هبة سلامة أن إجمالى القوى العاملة فى أفريقيا يصل إلى 382 مليوناً فيما سيرتفع تعدادهم إلى 500 مليون بحلول 2020 وبحلول 2035 سيتوازى تعداد القوى العاملة فى أفريقيا مع نظيرها فى أميركا وأوروبا. وفيما يتعلق بالبنية التحتية قالت إن 72 مليار دولار تستثمر سنوياً من قبل الحكومات الأفريقية ومن القطاع الخاص مؤكدة إمتلاك إفريقيا ثروات هائلة من الذهب والنحاس والكوبلت والألماس والفوسفات والبلاتين كما تمتلك أفريقيا نحو 10% من إجمالى احتياطات النفط الخام والغاز الطبيعى فى العالم ومع الاستكشافات الأخيرة فى غاناوتنزانيا وكينيا وأوغندا تصبح فرص الاستثمار أكبر. وأكدت سلامة الفرص الكبيرة فى السوق الأفريقية، مشيرة إلى أن الطبقة الوسطى فى أفريقيا تقدر بنحو 313 مليون مستهلك فيما تعدى الإنفاق الاستهلاكى لهم ترليون دولار. استقطب المنتدى إليكو دانجوتى أغنى أغنياء إفريقيا والذى تحدث فى الجلسة الأولى مطمئنا المستثمرين العرب والأجانب بأمان الإستثمار فى إفريقيا ، مشاركا محمد الشيبانى الرئيس التنفيذى لمؤسسة دبى للإستثمارات الحكومية والذى دعا الدول الإفريقية لإستخدام دبى كمنصة إنطلاق لباقى دول العالم . والجلسة التالية تحدث خلالها سلطان أحمد بن سليم رئيس موانئ دبى العالمية والذى أكد قدرة دبى على وصل إفريقيا بالعالم من خلال التعاون فى مجال التجارة عبر موانئ دبى وموانئ القارة. وفى الجلسة الثالثة من اليوم الاول تحدث ثلاثة رؤساء أفارقة عن الفرص الواعدة فى القارة السمراء بدأت بكلمة للدكتور مولاتو تيشومى رئيس إثيوبيا والذى أكد أن معدل النمو فى إثيوبيا بلغ 11.2% مؤكدا أن إفريقيا تحتاج امرين هما الديمقراطية والحوكمة، فيماأكد نظيره بول كاجامى رئيس رواندا أن تحول إفريقيا إقتصاديا أمرا ممكنا مشيرا لمعدل نمو رواندا الذى بلغ 7% ولافتا لأهمية الاستثمار فى البنية التحتية، وشاركه جون درامانى ماهاما رئيس غانا رؤيته مشيرا إلى تحول معظم دول إفريقيا من إقتصادات تسيطر عليها الحكومات إلى إقتصادات تتيح مجالا أوسع للقطاع الخاص. وأكد أماما أمبابازى رئيس وزراء أوغندا، أهمية الاستفادة من الخبرة التى اكتسبتها دولة الإمارات فى مجال الأعمال، معتبرا أن الفرصة متاحة أمام القارة الأفريقية للاستفادة من خبرة الإمارات والشراكة الناجحة بين القطاعين العام والخاص. واستعرض أمبابازى عدداً من التحديات التى تواجه قارة أفريقيا والتى تتصدرها ضعف البنية التحتية اللازمة وعدم تطور أسواقها الداخلية، معتبرا أن الحكومات الأفريقية تعمل على تذليل هذه العقبات، من خلال رؤية تطويرية شاملة. وأضاف أن أفريقيا بدأت فى التعرف على العقبات وأن القطاع الخاص بدأ فى التوسع وفى أن يتقبله الجميع مشيرا إلى أن الاقتصاد الأفريقى نما بنسبة 6% خلال العام الماضى. سلطان المنصورى، وزير الاقتصاد خلال كلمته التى افتتح بها المنتدى أكد إن استضافة دبى لأكبر تجمع أفريقى على الإطلاق فى دبى يؤكد مكانتها على الساحة الدولية كمدينة عالمية جاذبة للاستثمارات من جميع أرجاء العالم، كما يعكس حجم رغبة مجتمع الأعمال فى الدولة بالتواجد الفعال فى أسواق القارة الأفريقية. ووصف المنصورى القارة الأفريقية بالوجهة الاستثمارية الواعدة، مشيرا إلى أن الاستهلاك فى الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى سجل نمواً سنوياً بنسبة 3.5% خلال العقدين الماضيين، فى حين يبلغ عدد سكان القارة حوالى مليار نسمة، 200 مليون نسمة منهم يتراوح معدل أعمارهم بين 15-24 عاماً، مما يجعل القارة الأفريقية صاحبة أصغر معدل أعمار للسكان فى العالم، مع توقعات بتضاعف هذا الرقم بحلول العام 2045. وأضاف المنصورى أن دبى التى تقع بين أكثر من 150 خط شحن بحري، وتمتلك بنية تحتية لوجستية متطورة تغذى أسواق المنطقة، تعتبر ثالث أكبر مركزٍ لإعادة التصدير فى العالم بعد هونج كونج وسنغافورة، ويمكنها أن تكون بوابة الشركات الأفريقية إلى أسواق المنطقة والعالم. قام بتنظيم الملتقى غرفة تجارة وصناعة دبى ، وعلى هامش اللقاء عقد حمد بو عميم مدير عام الغرفة مؤتمرا صحفيا أكد خلاله أن قيمة تجارة دبى غير النفطية مع إفريقيا بلغ فى النصف الاول من العام الجارى 60 مليار درهم توازى 16.3 مليار دولار، مؤكدا أن دولة الإمارات تعد الشريك التجارى للقارة بين دول الخليج وأن 80% من واردات الامارات من إفريقيا تتمثل فى المواد الخام والمنتجات الغذائية. وأضاف بأن هناك 38 وجهة إفريقية لطيران الإمارات حاليا، وأن عدد الشركات الإفريقية المسجلة لدى غرفة دبى نما إلى 8000 شركة العام الماضى. وقال أن للغرفة فروعا فى إثيوبيا وغانا ورخصة لفرع فى موزمبيق وستعمل على التوسع بإقامة فروع جديدة خلال السنوات المقبلة. وحول سؤال للأهرام عن الدور المصرى الشريك لدبى فى القارة أكد أن الدور المصرى مهم ورائد وأن ملتقى هذا العام ركز على الدول الإفريقية جنوب الصحراء ، وأن الملتقيات المقبلة سيكون للدور المصرى أهمية كبيرة كشريك مشيدا بالدور المصرى الفاعل فى السابق. مصر أيضا كانت الحاضر الغائب فى الحديث عن الإستثمارات فى إفريقيا ، ففى الجلسة قبل الأخيرة أكد محمد العبار رئيس "إيجل هيلز" ومن أكبر الشركات الإماراتية إستثمارا فى مصر أنه لم يواجه أية مشاكل فى مصر، وأن إستثماراته فى مصر حققت أعلى معدلات ربحية ، وأشاد باستثمارته فى إفريقيا والهند، وحول سؤال عن علاقة رجال الأعمال بعيدا عن السياسة قال أنه من منطقة الشرق الأوسط وتعامل مع النظام فى مصر قبل الثورة وبعدها، وتم التدقيق فى ملفاته من قبل حكومة الرئيس السابق مرسى ولم يعثروا على شئ ،مؤكدا بأنه على المستثمر دائما الحرص على أن تظل أعماله نظيفة وبعيدة عن الفساد، وأنه عندما يذهب للإستثمار فى أى بلد يحترم ثقافته. على الحكومة المصرية العمل الجاد للإستفادة من الجهود التى بذلتها دولة الإمارات العربية لتنشيط الشراكة العربية الإفريقية ، فوجود شريك عربى قادر على الإستثمار يحمى أمننا القومى فى إفريقيا، ويواجه أطرافا أخرى قد تعمل ضد مصر.