معركة ساخنة تلوح نذرها فى الأفق بين وزارة الثقافة ودار الافتاء، حول قضية «تجسيد الأنبياء» فى الأعمال الدرامية، سينمائية أو تليفزيونية، المعركة قديمة جديدة تنبثق من الجدل الممتد العاصف حول حدود الحرية والمسئولية فى الإبداع، بمختلف صوره. وآخر فصول هذا الجدل، تفجر بعد تصريح لوزير الثقافة جابر عصفور أمس، أبدى فيه موافقته على تجسيد الأنبياء فى الأعمال الفنية، بوصفهم قدوة حسنة للبشرية بما بذلوه من تضحيات وبطولات. على الجهة المقابلة، شن علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء هجوما حادا على الدعوة إلى تجسيد شخصيات الأنبياء فى الأعمال الفنية، وطالبوا بالتصدى لمن يبيح هذا الأمر، بدعوى حرية الإبداع أو لجمع الأموال أو الشهرة الإعلامية، وأكدت أمانة الفتوى بدار الافتاء أنه لايجوز شرعا تجسيد الأنبياء، وأن كل من يشارك فيه من الممثلين أو المنتجين أو المصورين آثمون، ومن يروج له أو يشاهده يقع عليه الإثم نفسه، موضحة أن الدعوة إلى تجسيد شخصية النبى محمد صلى الله عليه وسلم، تمثل تعديا صارخا على الثوابت الدينية، واستفزازا لمشاعر المؤمنين، وأكدت أمانة الفتوى، حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة، فنيا، مراعاة لعصمتهم ومكانتهم، باتفاق أهل العلم. يبدو أن صفحة الخلاف لن تطوى قريبا، بين المؤسستين الثقافية والدينية، نظرا للخلفيات التاريخية وارتباطها بمنظور كل منهما لحرية الإبداع وحدودها، بينما يرى البعض أن تفجر الخلاف فى وقت يحشد فيه المجتمع المصرى طاقاته لبناء غد أفضل، يعد «ترفا فكريا» يمنح طائفة من تجار الدين والمتطرفين فرصة لتوظيفه سياسيا فى الإثارة والعنف.