مرة أخرى تشير واقعة النائب الشاب زياد العليمى فى حق المشير طنطاوى والشيخ محمد حسان وردود أفعال أغلبية المصريين تجاه ما قاله أن هناك شرخاً لازال يزيد ولاينقص بين الشباب الذى أخرجتهم ثورة يناير وطفوا على سطح الحياة السياسية وبين تحقيق التلاحم بينهم وبين رجل الشارع العادى فالتجربة أثبتت أن رجل الشارع ربما لايعبأ كثيرا بتربيطات السياسة وتعقيداتها وأدوات ضغطها.. ولايمكنه أيضاً أن ينظر إلى حماسة الشباب وعنفوان رغبتهم فى التغيير وسرعته ومسارات هذا التغيير إلا فى إطار أخلاقى مادام الأمر لايخرج عن كونه إختلاف فى سياسة أو خلاف فى الرأى أوحتى فى مشاحنات يومية المفروض أن هدفها النهائى هو صالح هذا البلد لكن كل على رؤيته ..! إننا فى مصر تربينا ولازلنا رغم كل فورانات المجتمع التى بات يشهدها الآن على أن صغيرنا لابد أن يوقر كبيرنا مهما إختلف هذا الصغير مع ذلك الكبير فى الرأى وهى قيمة محمودة مادامت لاتحقر من هذا الصغير ولاتأتى على حقه فى العيش وحقوقه الإنسانية داخل مجتمعه وربما كانت هذا هى الفكرة الأساسية التى خرج بها الشباب فى يناير قبل الماضى وتبعهم باقى الشعب الذى شعر بنفس إحساسهم. وكان من الطبيعى للثورة التى بدأها الشباب أن تجعلهم أكثر قدرة على التعبير والعزم على التغيير متجاوزين أسوار الصمت التى كست العديد من الأجيال التى سبقتهم.. وكان طبيعياً أيضاً أنهم فى سبيل تحقيق ذلك أن يصبحوا أكثر قدرةعلى التعبير والحركة والديناميكية التى قد تصل بهم إلى درجة التمرد على السابق حتى لوكان هذا السابق هو أفكار الآباء فى معالجة الحاضر وتصورهم للمستقبل والآباء فى مصر قد يقبلون ذلك وهم بالفعل قبلوه سعداء بحماسة الشباب التى تهدف الى البناء الجديد, لكن أن يكون هذا البناء على حساب التجاوز الأخلاقى واللفظى وإطلاق الإهانات فى مواجهة الكبار فهذا أمر لايقبله معظم المصريين حتى لو كانوا يختلفون فى بعض ممارسات هذا الكبير . وهذا خطأ واضح وقع فى رأيي فيه الكثيرون من شباب الثورة خاصة هؤلاء الذين بقوا على السطح متحدثين بإسم شبابها وساعدهم على ذلك محرضو الفضائيات الذين يريدونها ناراً مشتعلة طوال الوقت لتستمر برامجهم زاعقة حتى لو كانت على حساب دق طبول الحرب بين الشباب والكبار بدعوى مساندة الثورة والثوريين المتحمسين فى مواجهة إستمرار بقايا النظام البائد واعتبروا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو أحد أركان هذا النظام ووصل بهم الأمر إلى إعتباره هو من يقود مايطلقون عليه بالثورة المضادة, وللأمانة فقد نجح هذا الإعلام وببراعة فى تحقيق الهدف بالتفرقة بين جناحى إنتصار الثورة "الشباب والجيش" ليعانى الجميع من تداعيات هذه التفرقة ! لانبالغ كثيراً أيضاً وسط كل هذا إذا قلنا أن المصريين أو كثيرأ منهم لازالوا يفضلون الأدب عن العلم وعن الحماسة وربما عن الوطنية والثورية أيضاً! أما بعض الشباب الذى يرى فى نفسه روح الثورية يظن أن تجاوزه القيد الأخلاقى والتبجح وإطلاق الشتائم والسباب على من يقود البلاد والآخرين المخالفين معه فى الرأى يمثل بطاقة عبور سريعة وسهلة للدخول الى عالم الثورية والشهرة والفضائيات ولكنه لا يدرك أن هذا الشعب لن يقبل منه هذه الثورية ولايريدها" ولو ملئت كل السمع والبصر لأنها ثورية تقوم على " قلة أدب " ولم نعرف فى تاريخنا أن ثواراً وزعماءاً كان معروفاً عنهم أنهم " قليلو الأدب" لقد جاء الوقت أن يعيد شباب الثورة ترتيب أوراقه فى خطابه السياسى الذى أرى أنه ينأى بهم فى أحوال كثيرة عن رجل الشارع وأضاع الكثير من تلاحمهم معه فى بداية طريقهم , وألايكتفوا بتشجيع الفئات النخبوية لهم .. إن تلك النخبة أيها الشباب لو كانت فالحة لفلحت منذ زمن فلاتجعلوهم يركبون موج حماستكم ليصلوا هم إلى بر أمانهم فى" السلطة " وتبقون أنتم تصارعون الأمواج حتى الغرق !! المزيد من مقالات حسين الزناتى