من الصعب جدا أن يصدق مصرى أو يتخيل مدى التقدم الصناعى والاقتصادى والحضارى الذى أحرزته »دولة« أو جزيرة أو مدينة سنغافورة التى لاتزيد مساحتها الاجمالية عن 710 كيلو مترات مربعة، ولا يزيد عن سكانها عن 5،5 مليون نسمة ويبلغ اجمالى الناتج القومى لهذه الجزيرة وهؤلاء السكان الذين لا يزيدون عن سكان حى شبرا نحو 300 مليار دولار فى عام 2013، فى حين نكاد تصل إلى 90 مليون نسمة ولا يزيد إجمالى الدخل القومى لمصر عن 272 مليار، أى أقل من سنغافورة بنحو 30 مليار دولار. وليس لدى سنغافورة من الموارد الطبيعية والبشرية 5% مما لدينا وليس لديها المناخ الرائع الذى لدينا، ولا نهر النيل ولا الأرض المنبسطة الطيبة المنتجة التى تتمتع بها وتهدرها حاليا. ولكن من ناحية أخرى لديها عقول واعية متعلمة، ورغبة سياسية وشعبية عارمة فى التطور والتحضر أفضل من الولاياتالمتحدةواليابانواستراليا الدول التى دائما ما تقارب سنغافورة نفسها بها، ولدينا عقول خاملة، وعمالة كبيرة لا لزوم لها لإنها غير متعلمة وغير مدربة، ولم يكن لدينا خلال ال 40 عاما الماضية رغبة سياسية أو اقتصادية فى التطور أو التقدم إلا إذا كان هذا التطور والتقدم سوف يخدم مصالح مصر وهى لا تخدم إلا مصالحها الخاصة. منذ بداية الاستقلال فى عام 1965، وضع الأب المؤسس »لى كوان يو« فى اعتباره أن تقدم سنغافورة أولا وأخيرا على البشر على أبنائها المتعلمين والمدربين، ونجحت خطة »لى كوان يو« فى التقدم لاندرك على ضرورة تطوير البنية الأساسية لبلاده أولا، وإعتمد على أربعة محاور أساسية، هى التعليم والطرق والاتصالات والطاقة وسوف نعرض ما أنجزه فى التعليم والطرق فقط نظرا لضيق المساحة!فقد أدرك لى كوان يو أنه بدون تعليم وتدريب الشعب على الحرف والخدمات وفقا للمستويات العالمية، وكما هو موجود فى بريطانيا التى كان يفخر بها وتعليم فيها واليابانوالولاياتالمتحدة، فإن بلاده سوف تظلا ترزخ تحت نير الجهل والفوضي، وسوف تكلفها الأخطاء البشرية وجهل العمالة خسائر إقتصادية فادحة، ثم نظر إلى شبكة الطرق والميناء، وقال انها لا تصلح لدولة ترغب فى التقدم، فأنشأ طرقا جديدة وجعل من ميناء سنغافورة »كعبة« لكل السفن العابرة سواء إلى ماليزيا أو أندونيسيا أو استراليا أو اليابان والصين وأوروربا وأمريكا، وعندما شاهد الميناء من الطائرة سوف تجد مدينة أخرى »عائمة« فى المحيط ربما أكبر من مدينة سنغافورة ذاتها من السفن التى ترسو حتى تحصل على خدمات أو ينزل ركابها إلى البلاد للسياحة. لمزيد من مقالات منصور أبو العزم