من يقرأ كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، التى قالها خلال لقائه بوزراء العمل العرب أمس الأول، فسيجد بارقة أمل جديدة، ربما لم يلتفت إليها الكثيرون.. ونقصد بذلك قول الرئيس إن الزيادة السكانية ثروة حقيقية لمصر يمكن الاعتماد عليها فى بناء نهضة جبارة لهذا البلد. غير أن الرئيس وضع شرطا ضروريا كى يمكن الاستفادة من تلك الثروة، وهو أن نقوم بتأهيل وتدريب هؤلاء الناس تدريباً جيدا. وأشار الرئيس الى أن نحو 60% من المصريين الآن هم تحت سن الأربعين، بما يعنى أنهم فى ذروة قدرتهم على العطاء، وعلى العمل الذى لا يعرف الكلل. فأين بارقة الأمل فى كلام الرئيس ؟ يتمثل ذلك فى تفكيره المتعلق بالناس. إنه لا يرى فيهم عبئا، ولا يتنصل من المسئولية، كما أن ثنايا كلامه تشى بأنه عازم على الاعتماد على هؤلاء الناس، والاستفادة منهم، وتشغيلهم ليبنوا وطنهم. لقد اعتدنا، فى زمن مضى الى غير رجعة، أن نسمع الرئيس وهو يتأفف من كثرة عددنا، بل بلغ به الأمر أن سخر من شعبه، الذى ينجب رجاله بالستة والسبعة عيال »كالفريرة!« وكأن هؤلاء الناس ليسوا هم الشعب الذى جاء هذا الرئيس لخدمتهم والسهر على مصالحهم. وللعلم، لقد كانت هذه اللغة من الرئيس الأسبق أحد أسباب الغضب الشعبى عليه.. وقد عبر الشعب عن هذا الغضب المكتوم فى صورة قفشات لاذعة، ونكات حراقة، سمعناها جميعاً، ولاداعى لتكرارها ! اليوم، نحن أمام رئيس مختلف، لا يسخر من شعبه، ولا يرى فيه عبئاً عليه، ولا يتذمر من كثرة الإنجاب.. بل يؤكد عزمه على الاستفادة من كل فرد فى الشعب، كل حسب قدرته على العطاء والإنجاز. ثم إن المتعمق قليلا فى كلمات الرئيس سيجد قدراً كبيراً من الوعى والإلمام بحقيقة المشكلة السكانية : إن المشكلة ليست فى أن الناس ينجبون أطفالا، إذ أن من الطبيعى أن ينجبوا أطفالا، وإلا اختفت البشرية.. إنما المشكلة هى عدم حصول هؤلاء الناس على التدريب الكافي، والتأهيل الواعى لأسواق العمل.. وقبل ذلك وبعده، إيجاد المشروعات التى سيعملون بها، ومن الطبيعى أن المدخل لتحقيق هذا التدريب وذاك التأهيل هو «التعليم».. اقرأوا كلمات السيسى جيدا، ومابين السطور، لتعرفوا أنكم أمام رئيس مختلف عن كل الذين سبقوه.. ولسوف ترون ! لمزيد من مقالات رأى الاهرام