الكرة النسائية.. الزمالك يخطف نقاط المقاولون بهدف نظيف    شرح تفصيلى ل "حبيبة عمر" بشأن نظام الدفاع الجوى HQ-9: قوة ردع باكستانية أمام الهند    بوتين: مصر أهم شريك تجارى لروسيا فى أفريقيا    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    تداول 24 ألف طن بضائع بمواني البحر الأحمر    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    حملات مكثفة لتطهير الترع والمصارف بالفيوم حفاظًا على الزراعة وصحة المواطنين    محمد صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي    الأرصاد: غدًا طقس شديد الحرارة نهارًا معتدل ليلًا    حريق في عدد من المنازل بعزبة البهنساوى ببنى سويف بسبب ارتفاع درجات الحرارة    عمرو سلامة عن تعاونه مع يسرا: «واحد من أحلام حياتي تحقق»    نانسي عجرم تفاجئ جمهورها بإحياء حفلاً غنائيًا في إندونيسيا | صورة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    إدارة القوافل العلاجية بالمنوفية تحصد المركز الثاني على مستوى الجمهورية    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    الزمالك يحدد جلسة تحقيق جديدة مع زيزو    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    تراجع جديد في أعداد قاطني مخيم الهول السوري    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    سجل الآن.. الوطنية للتدريب تطلق مبادرة "أنا أيضًا مسئول" لبناء وعي القيادة والمسؤولية لدى الشباب    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    ارتفاع توريد القمح المحلى إلى 128 ألف طن وزيادة التقاوى ل481.829 طن بالدقهلية    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    تكنولوجيا التطبيب "عن بُعد".. إطلاق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    عاجل.. الزمالك يُصعّد: نطالب بحسم مصير "القمة" قبل 13 مايو لضمان العدالة في المنافسة على اللقب    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    لجنة المشاركة السياسية بالمجلس تنظم ندوة لتوعية الشباب بجامعة بورسعيد    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة الفلسطينية ومأزقها الإستراتيجى (3)
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 09 - 2014

إذ نستأنف نقاشنا المأزق الاستراتيجى للثورة الفلسطينية من واجبنا أن نؤكد بداية أن إننا إزاء قضية التحرر الوطنى الكبرى فى عالمنا اليوم، ولعلها القضية الأعقد والأكثر استحكاما وصعوبة منذ بداية عهد ما بعد الاستعمار فى عقب الحرب العالمية الثانية، وتشاء المفارقة التاريخية أن تأتى التجربة الاستعمارية الأشد وطأة فى زمن كانت فيه بلدان المنطقة والعالم الثالث بأسره بصدد إزاحة السيطرة الاستعمارية المباشرة عن كاهلها
فى إطار من تشكلها القومى وصياغتها لدولها القومية فى كل مكان. انبثقت الثورة الفلسطينية كما سبقت الإشارة عن هزيمة يونيو 67 ردا على الهزيمة وتأكيدا لاضطلاع الشعب الفلسطينى نفسه بمهمة تحرره الذاتي، وطرحا لطريق استراتيجى جديد للتحرير، بديلا للرؤية الاستراتيجية السائدة منذ الخمسينيات، وهى التى طرحت تحقيق الوحدة العربية الشاملة سبيلا لتحرير فلسطين على أيدى الجيوش العربية.
هذا ويمكننا إعادة تلخيص الطريق الاستراتيجى الجديد للتحرر الوطنى الفلسطينى فى محاور أساسية أربعة: أولها، وهو الذى لعبت حركة فتح دور الريادة فيه، هو اضطلاع الشعب الفلسطينى نفسه بمهمة التحرير مدعوما من الشعوب العربية، ليستبدل بتصور الوحدة العربية سبيلا لتحرير فلسطين، طرح تحرير فلسطين طريقا لتحقيق الوحدة. كما تمثل المحور الثانى فى طرح حرب الشعب طويلة الأمد، بداية بتكتيكات حرب العصابات،والمستوحاة وقتها من تجارب الصين وفيتنام وكوبا، باعتبارها الأسلوب الأمثل للتحرير، بديلا للجيوش النظامية العربية، ولتصور لحظة صفر ما تقوم فيها تلك الجيوش بمهمة التحرير.
أما المحور الثالث فتمثل فى النظر لدولتى اللجوء الفلسطينى الأكبر (الأردن ولبنان)، كساحات انطلاق للعمل الفلسطينى المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكنوع من الأرض المحررة تبنى عليها القوة المسلحة الفلسطينية المستقلة وينطلق منها العمل الفدائى عبر الحدود، مستفيدا ضمنيا إن لم يكن صراحة من الهشاشة النسبية للدولة فى هذين البلدين، على الأقل فى السنوات الأولى بعد الهزيمة. وتمثل المحور الرابع فى صياغة الهدف النهائى للتحرر الوطنى الفلسطينى فى شعار: الدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية كدولة لكل سكانها، مسلمين ومسيحيين ويهودا، وهو ما عكس إدراكا أوليا لكل من أهمية التفوق الأخلاقى للقضية الفلسطينية من ناحية، ولضرورات كسب أو تحييد كتلة حرجة من يهود إسرائيل، فضلا عن الرأى العام العالمي، من ناحية أخري، بإعتبارهما شرطين ضرورين للتحرير.
غير انه سرعان ما دخلت هذه الاستراتيجية فى مأزق مستحكم على جميع أصعدتها، وبخاصة فى عنصرها الأهم إطلاقا، وهو المتعلق بميدان انطلاق العمل المسلح نفسه، أو أرضه المحررة. فقد كان من المحتم للوجود المسلح الفلسطينى على الأراضى الأردنية بداية ثم لبنان بعدها، وبقدر نموه واتساعه وصلابة عودة أن يخلق حالة من ازدواج السلطة لم يكن لسلطة دولة أن تطيقه طويلا، وبخاصة فى حالة دول تشكلت فى إطار التقسيم الاستعمارى للمنطقة، معتمدة اعتمادا تاما على روابطها الغربية، ولا طاقة لها أو رغبة فى الدخول فى صدام مع الدولة الصهيونية.
حاولت حركة فتح، وقد صارت الحركة الكبرى على الساحة الفلسطينية، أن تتفادى الصدام المحتوم بطرح شعار عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية بوجه عام، والدول «المضيفة» للمقاومة بوجه خاص، غير انه فى حالة كل من الاردن ثم لبنان لم يكن هذا الشعار غير انكار للوقائع على الأرض، حيث شكلت فتح وغيرها من المنظمات الفلسطينية سلطة مسلحة غير خاضعة لسلطة الدولة «المضيفة» وتحظى بولاء قسم كبير من سكان البلد، وتبسط سلطتها على قسط غير صغير من أراضيها. كانت المنظمات الفلسطينية اليسارية المنحدرة من حركة القوميين العرب (الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش والجبهة الديمقراطية بقيادة نايف حواتمة) أكثر إدراكا لحتمية الصدام ولكن لا يبدو أن أيا منهما امتلكت تصورا قريبا من التبلور لكيفية معالجته، أو حسمه، لتجد نفسها أمام مفارقة بدت وقد أعادت وضع عربة «الثورة العربية» (على الأقل فى دولتى اللجوء) أما حصان «الثورة الفلسطينية».
ليس فى وسعنا هنا الخوض فى التفاصيل الحافلة لتجربة الأردن، انتهاءً بمجزرة أيلول الأسود وتصفية الوجود المسلح الفلسطينى هناك، وليس فى وسعنا بالأحرى الخوض فى التجربة الأكثر تعقيدا فى لبنان، حيث تداخل الوجود الفلسطينى المسلح مع هشاشة صيغة دولة المحاصصة الطائفية بما تشمله من روابط عميقة للدولة والطوائف والطبقات اللبنانية إقليميا ودوليا، لتدفع بالبلاد لحرب أهلية دامت قرابة 15 عاما، وضعت أوزارها خمس سنوات بعد أن قامت إسرائيل، متحالفة مع اليمين اللبناني، بمجازر تصفية الوجود المسلح الفلسطينى هناك عام 82.
كانت حتمية ازدواج السلطة فى دولتى اللجوء هى المأزق الأهم لاستراتيجية الثورة الفلسطينية هذه، غير انها لم تكن المأزق الوحيد. التكافؤ السكانى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتفوق العسكرى والتنظيمى والتكنولوجى الساحق للدولة الصهيونية كغرس غربى فى قلب الأرض العربية، والدعم الغربى غير المحدود لإسرائيل، والتراجع الشامل لحركة التحرر الوطنى العربية، فضلا عن الصغر المتناهى للساحة الجغرافية للصراع، هذه العوامل وغيرها كثير كان من شأنها أن تحيط استراتيجية للتحرير قوامها حرب الشعب طويلة الأمد بمعوقات كبرى تشرف على الاستحالة.
نقاش الاستراتيجية يتسم بالبرودة مع الأسف، ولكن يبقى انه فى ظل استراتيجية حرب الشعب هذه، سجل الشعب الفلسطينى ملحمة تاريخية مجيدة تحفل بأسمى آيات البطولة والتضحية والصمود، ونتابع.
لمزيد من مقالات هانى شكرالله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.