فى محاولة لضبط المشهد الدعوى ومواجهة الدخلاء على الدعوة، وبعد أن تمكنت وزارة الأوقاف من السيطرة على منابر المساجد، كان لابد من مواجهة غير المتخصصين، الذين يتصدون للفتوى عبر البرامج الدينية فى وسائل الإعلام. ووقعت الأوقاف بروتوكول تعاون مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون، لوضع خطة للبرامج الدينية، ينص على استضافة علماء الأزهر المتخصصين فى هذه البرامج، من أجل تنفيذ الخطة الدعوية للوزارة تحت مظلة الأزهر الشريف. علماء الدين من جانبهم، أكدوا أن الإعلام الدينى يلعب دورا كبيرا فى بناء الشخصية المسلمة، لكن الفترة الماضية شهدت الكثير من العشوائية والفوضى، نتيجة استضافة غير المتخصصين فى هذه البرامج، وطالبوا القنوات الفضائية الخاصة بضرورة الالتزام بهذا النهج، بهدف نشر الوسطية والاعتدال، ومواجهة التشدد والتطرف، لأن هناك الكثير من الشباب وقع ضحية لبعض الأفكار التى ظهرت عبر هذه الفضائيات، ولابد أن يتم توحيد هذه التجربة فى كل وسائل الإعلام، بهدف أن يعود الإعلام الدينى لدوره وتأثيره فى المجتمع .ووصف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، تلك المبادرة بأنها خطوة جادة لمنع غير المتخصصين من التصدى للفتوي، لأن علماء الأزهر والأوقاف لديهم القدرة على القيام بهذه المهمة على أكمل وجه، ومن خلال هذا التعاون ترشح الوزارة العلماء المتخصصين فى المجالات المختلفة، للتواصل مع الجماهير، وسيكون هذا الترشيح طبقا للتخصص الدقيق. وحول بنود ووسائل تنفيذ هذا البروتوكول يقول الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن الأزهر والأوقاف سيرشحان نخبة متميزة من كبار علماء الأزهر والأوقاف، لأداء خطب الجمعة والبرامج الدينية بالإذاعة والتليفزيون، وفق معايير واضحة ومحددة، ومن خلال جدول شهرى يرفع إلى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مع التنسيق فى أى تعديل يطرأ على الخطة، وتأكيد التزام جميع الخطباء بموضوع ووقت الخطبة الموحد، وأن يكون نقل خطبة الجمعة من القاهرة بالتناوب بين المساجد الكبرى وعلى رأسها الجامع الأزهر، ومساجد آل البيت: الحسين، السيدة زينب، السيدة نفيسة، وبعض المساجد الكبرى الأخري. دفعة قوية للبرامج الدينية من جانبه، يقول عبد الرحمن رشاد، رئيس قطاع الإذاعة، إن البروتوكول يمثل دفعة قوية للبرامج الدينية فى الإذاعة والتليفزيون، ومحاولة لضبط الخطاب الدعوى فى البرامج الدينية، بالتنسيق مع الأزهر والأوقاف، وتجديد الخطاب الدينى ليناسب الواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى تعيشه مصر حاليا، كما أن هذه الخطوة سيكون لها دور كبير فى اكتشاف نماذج متميزة من العلماء، وضخ دماء جديدة، وإيجاد مجموعة متميزة من نجوم الدعوة، لمواجهة غير المتخصصين فى الفضائيات والذين يطلقون على أنفسهم دعاة، وعلماء الأزهر والأوقاف فهؤلاء الأحق والأجدر للقيام بمهمة الدعوة وتصحيح المفاهيم ونشر سماحة الإسلام، كما ينص البروتوكول على أن ترشح وزارة الأوقاف بعض العلماء، للتحدث فى البرامج الدينية، وتحديد مضمون البرامج والضيوف، بالإضافة للإذاعات الخارجية والاحتفالات الدينية، والمؤكد أن هذا البروتوكول يدعم دور اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى نشر سماحة الإسلام، من خلال علماء الأزهر والأوقاف المتميزين، بما ينأى بالخطاب الدعوى عن التطرف والانغلاق، ويساعد على تحقيق الخطة الدعوية للأوقاف، والتى تتمثل فى نشر الوسطية ومواجهة التشدد. دور الإعلام الدينى فى سياق متصل يقول الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الإعلام الدينى يجب أن يبنى الإنسان فكريا وبشكل سليم، بهدف أن نقطع الطريق على أصحاب الفكر المتشدد، لأن هناك الكثير من الشباب تأثر بما يقدم فى بعض البرامج، وأصبح ضحية لهذه الأفكار المتشددة، وإذا كان ذلك مطلوبا على مستوى الإعلام الرسمي، فلابد أن تكون هناك نفس التجربة على مستوى الإعلام الخاص، والقنوات الفضائية الخاصة لابد أن تسير فى نفس الاتجاه، وأن تستضيف علماء الأزهر المتخصصين، وذلك بهدف أن يكون هناك مردود جيد ومتكامل لهذه الخطوة، وهذه القنوات الخاصة مطلوب منها أن تنهج نفس النهج، لدعم الفكر الذى يرسخ الخطاب الوسطي، الذى يؤمن بحق الجميع فى الوطن، والفكر الذى ينشد العمل والإنتاج لمصلحة الوطن، ولابد أن تعطى الفرصة لعلماء الأزهر المتخصصين للقيام بهذه المسئولية، وأن يعود للإعلام الدينى دوره فى بناء الشخصية المسلمة. التخصص والكفاءة ومن جانبه طالب الدكتور زكى عثمان، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، بوضع خطة واضحة للبرامج الدينية فى الإذاعة والتليفزيون، وتقوم الوزارة بدراسة هذه الخطة، وتضع برنامج عمل لها، ولابد أن يتم تحديد موضوع كل برنامج، وأن يكون هناك تنوع فى الموضوعات، ويكون اختيار العلماء بناء على موضوع البرنامج، بهدف أن نختار العالم المتخصص فى الموضوع المطروح للنقاش، لأننا كثيرا ما كنا نشاهد علماء على شاشات التليفزيون، لا يستطيعون الرد ولا المناقشة، وتكون ردودهم باهتة ومناقشاتهم عقيمة، لا تشبع الإنسان ولا تقنع عقله، بل تدع الفرصة للخصم أن ينجح، وطالب وزارة الأوقاف بأن تختار الجيد من العلماء، يمثل والذى يكون قادرا على التواصل مع الجماهير، ويعرف كيف يدار الحوار بداية ونهاية، وأن يكون اختيار العلماء وفقا للتخصص، فالحديث فى الدعوة يحتاج أستاذ دعوة وثقافة إسلامية، وهكذا فى الفقه والشريعة والحديث والتفسير.