رغم ان الجالية المصرية فى كندا تعد من الجاليات الحديثة نسبيا، حيث لم يتجاوز عدد أجيالها الثلاثة أجيال، إلا أن لها أنشطة ومحاولات تكوين تكتلات وقوى فاعلة داخل المجتمع الكندى، كما أن اقترابها من دوائر صنع القرار أمر ليس بالخفي. وقد برز هذا النشاط جليا خلال العام الحالى حيث تمت مناقشة إمكانية حظر جماعة الإخوان داخل البرلمان الكندى باعتبارها جماعة إرهابية، وهو الأمر الذى دفع اعضاء البرلمان لإجبار الحكومة الكندية على مراقبة أنشطة الجماعة داخل الاراضى الكندية. وهو جهد خالص لأعضاء الجالية المصرية الذين استطاعوا ايضا وعقب ثورة 30 يونيو العام الماضى عمل جلسة خاصة لمناقشة الوضع فى مصر وأصروا على توضيح حقيقة مايجرى من احداث على ارض مصر، والتأكيد على ان ال30 من يونيو هو ثورة حقيقية من الشعب المصرى ضد الفاشية الدينية. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يشهد هذا العام الانتخابات الكندية على مستوى البرلمان والمحليات حيث يترشح ثلاثة مصريين للحصول على مقاعد فى المؤسسات النيابية الكندية والمرشحون الثلاثة هم شريف منصور المرشح لعضوية البرلمان عن حزب المحافظين فى مدينة أوتاوا، وشريف سبعاوى المرشح عن الحزب الليبرالى فى مدينة ميساساجا، واخيرا غادة مليك المرشحة لعضوية المجلس المحلى فى نفس المدينة. ورغم اختلاف الدوائر وطبيعة الناخبين التى يسعى كل من المرشحين الثلاثة للحصول على اصواتهم إلا أن ثلاثتهم اتفقوا على أن نجاحهم فى الحصول على مناصب رسمية داخل كندا يأتى أولا من إيمانهم بضرورة تمثيل حقيقى للجالية المصرية داخل المؤسسات الكندية.. فيقول شريف سبعاوى انه نظرا لان المجتمع الكندى مجتمع مهاجرين بالاساس فإن ذلك منعكس بشكل كبير على وعى المواطنين الكنديين بالقضايا الخارجية، وذلك لان اغلب الجاليات الاخرى لها تمثيل بالفعل داخل البرلمان الكندى ، اما بالنسبة للجالية المصرية والتى تحمل طبيعة خاصة نظرا لتنوعها ما بين المسلمين والمسيحيين فلها بكل تأكيد متطلبات خاصة، وينبغى ان تحظى بمن يمثلها فى دوائر صنع القرار. فى حين يؤكد شريف منصور مرشح حزب المحافظين وهو الحزب الحاكم حاليا ان للجالية المصرية تأثيرها على صناعة القرار فى كندا بالفعل، وأن المصريين ضربوا مثالا رائعا لكيفية توضيح حقيقة ما حدث فى مصر فى السنوات الثلاث الاخيرة، ليس فقط للحكومة الكندية بل للمجتمع الكندى ككل وعبر وسائل الاعلام المختلفة، لكنه يعود ليؤكد ان وجود اعضاء فى البرلمان من اصل مصرى لن يسهم فقط فى التأثير على ايجابية الصورة التى يمكن ان يتم نقلها عن مصر بل سيدعم تقديم طلبات التعاون المشترك بين كندا و مصر فى المجالات التى تتمتع فيها كندا بتقدم تكنولوجى مثل الزراعة والتعدين و المفاعلات الذرية وتنقية وتحلية المياه، وهى مجالات مصر تحتاجها بشدة . ويضيف سبعاوى مرشح الحزب الليبرالي: إن فتح سبل للتعاون بين مصر وكندا يجب ان يمتد ليشمل المنح التعليمية واتفاقيات التعاون بين الجامعات المصرية والكندية فعلى سبيل المثال استطاعت الجالية الهندية ان تحصل على العديد من اتفاقيات التعاون بين الجامعات الهندية والجامعات الكندية. ويضيف سبعاوى كندا ليست من الدول التى تقدم مساعدات مادية كبرى للخارج لكنها من اكثر الدول التى تقدم مساعدات فى مجال التعليم والتدريب ونقل الخبرات وهذا ما لم تستفد منه مصر حتى الآن. وهذا ما تحاول غادة مليك التأكيد عليه من خلال خوضها معركتها فى انتخابات المحليات حيث تقول : رغم ان عضوية المجلس المحلى تقوم فى الاساس على تقديم خدمات مجتمعية للناخب إلا أن الفائدة غير المباشرة من الفوز بهذا المنصب ستكون فى إيجاد قيادة مدنية يتجمع حولها الشباب والمعنيون بالعمل العام من أبناء الجالية، ثم فيما بعد فى إيجاد صوت قوى وموحد يعبر عن المصريين والعرب فى كندا. وهذا تحديدا ما يسعى شريف منصور لتحقيقه اذا ما حصل على مقعد فى البرلمان الكندى حيث يقول : المصريون لديهم عدد من التجمعات داخل كندا لكنهم يحتاجون لمن يلم شملهم جميعا تحت مظلة واحدة، وبما اننى فى حال فوزى سأكون فى خدمة هذه التجمعات فسيكون سهل لنا جميعا تنشيط التفاعل بين كل المصريين. ويضيف سبعاوى قائلا للأسف الثقافة المصرية لم تعتد فكرة العمل الجماعى وهذا ما نسعى للتدرب عليه ومحاولة تفعيله ، فللأسف عديد من الجمعيات الاهلية المصرية يتم انشاؤها لكنها بعد فترة تنهار، لان فكرة الجمعيات الاهلية هنا تقوم أساسا على العمل التطوعى والجماعي، وهو امر بعيد لحد ما عن الثقافة المصرية المعتادة. وقد سبق واثبتنا اننا قادرون عليه هنا فى كندا فقط عندما يكون الهدف واحدا وواضحا يجتمع عليه اعضاء الجالية المصرية، كما حدث فى ثورة 30 يونيو التى ساندها جميع ابناء الجالية المصرية منذ اللحظة الاولى.