يمر العالم بالعديد من الصراعات ، وتلعب القدرة العسكرية للدول الدور الاكبر في حسمها -ايا كانت- فالسلاح هو الورقة الرابحة، وفي الشرق الاوسط تتعرض تلك المنطقة الحيوية لهجمة شرسة من الارهاب المنظم، وحروب داخلية وثورات، ومؤامرات خارجية عديده لتقسيمها و تدمير جيوشها وجاءت هذه الصفحة لتلقي الضوء على تلك الصراعات وتكشف العديد من الحقائق التي تؤثر بشكل ايجابي على الامن القومي. حرب عالمية جديدة تدور رحاها فى منطقة الشرق الاوسط وقد تمتد الى مناطق اخرى من العالم، ولكن هذه الحرب تأخذ شكلا جديدا لا تنفذ فيها الخطط والاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية لمواجهة جيوش نظامية، بل تطورت الى جماعات ارهابية مسلحة تدخل فى صراعات مسلحة مع الجيوش النظامية للدول من اجل تحقيق اكبر خسائر ممكنة، ولتنفيذ الاجندة الغربية لاعادة تقسيم منطقة الشرق الاوسط، والبداية تكون من تدمير الجيوش النظامية، وهو ما يحدث الان فى اغلب دول المنطقة. فمن المعروف عسكريا ان الجيوش النظامية لا يمكن لها ان تدخل فى حروب شوارع، او ضد عناصر ارهابية مسلحة، فالتدريبات والمعدات والاسلحة للجيوش النظامية تهدف الى مواجهة جيش اخر مسلح ومدرب ايضا، والمواجهة مع العناصر الارهابية المسلحة تستنزف الجيوش، كما انها تحدث اضرارا جسيمة بالمدن والبنية التحتية، نظرا لثقل الاسلحة وقدرتها التدميرية العالية، والنموذج على ذلك ما يحدث فى سوريا. ومن المعروف ان الولاياتالمتحدةالامريكية وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى سعت ان تكون القوة الوحبدة الفاعلة على مستوى العالم مع تقويض دور الدول الاخرى وبخاصة روسيا من خلال توسيع العضوية فى حلف الناتو ليضم دولا جديدة، من المعسكر الشرقى والتى كانت ضمن حلف وارسو الحليف الاول للاتحاد السوفيتي، وليكون حلف الناتو هو الاداة الحقيقية او الشرعية التى تنفذ من خلالها الولاياتالمتحدة اهدافها على مستوى العالم. وحاولت الولاياتالمتحدة وحليفها حلف الناتو ان تظهر قوتها فى تسعينيات القرن الماضى عندما شنت هجمات جوية على القوات اليوغوسلافية ومساندة بذلك للانفصال، لتؤكد للعالم انها اصبحت القوة الوحيدة القادرة على شن هجمات واعادة تقسيم العالم كما فعلت مع الاتحاد السوفيتى ودول شرق اورويا والتى اعيد تقسيمها بعد الانهيار، ومن بعدها الانضمام لحلف الناتو ليكون الولاء لامريكا، ومحاصرة روسيا وعدم اعطائها الفرصة للدخول فى تحالفات مع دول الجوار. ومع بداية الالفية الثانية وبالتحديد بعد هجمات 11سبتمبر، كانت الولاياتالمتحدة تضع استراتيجياتها للسيطرة على منطقة الشرق الاوسط والدخول الى تلك المنطقة وفرض سيطرتها اكثر، من خلال اسقاط الانظمة العربية الحالية واضعاف جيوشها، الا انه كانت هناك مهمة يجب ان تنهتى وهى استكمال محاصرة روسيا، والسيطرة على بترول البحر الاسود، وكانت البداية بحرب مزعومة ضد الارهاب فى افغانستان، وكان ظاهرها القضاء على حكم طالبان وتنظيم القاعدة الذى يتخذ من افغانستان مقرا له، علما بأن القاعدة صنيعة امريكية، ولكنها ذريعة لدخول المنطقة وللاسف مع مرور الوقت لم يتم القضاء على حركة طالبان بل تم ازاحتهم من الحكم فقط، ولا يزال الملا عمر واتباعه موجودين فى الجبال وكذا قيادات تنظيم القاعدة وحتى بعد مقتل بن لادن، وجعلت من شريكها وذراعها العسكرية –حلف الناتو- الدور فى اعادة الاستقرار والامن هناك ولكنة فشل ايضا، ولكن الخطة اتضحت تماما. وفى عام 2003 خاضت الولاياتالمتحدة حربا وهمية من طرف واحد ضد دولة العراق واستطاعت ان تحتلها فى اقل من شهر، لتكون العراق اول دولة تحتلها الولاياتالمتحدة، بمساعدة بريطانيا، ونظرا لخبراتها الضعيفة فى احتلال الدول، فبدأت باتخاذ قرارات فاشلة ادت الى اقتتال داخلى فى العراق على اساس مذهبي، بجانب تنامى الدور الايرانى فى العراق بشكل كبير مما اثر بشكل مباشر على امن واستقرار الدول المجاورة للعراق وبخاصة دول الخليج العربي، واصبحت الدولة فى مهب الريح، ولم تقدر القوات الامريكية من السيطرة على الوضع بشكل ايجابي، فقررت الانسحاب منها فى عام 2010، لتترك خلفها دولة هشة مليئة بالصراعات وعلى وشك الانهيار. وعندما شعرت الولاياتالمتحدةالامريكية بفشلها فى المنطقة، وانها لن تستطيع القيام بعمليات عسكرية فى جميع دول المنطقة، اقرت فى عام 2004 مشروع الشرق الاوسط الكبير فى قمة الدول الصناعية الكبرى ومن بعدها قمة اسطنبول لحلف الناتو، وقامت من خلال ذلك بتدريب عناصر من دول الشرق الاوسط لاثارة الفتن وقلب انظمة الحكم فى دول المنطقة ومحاولاتهم الدخول فى صراع مسلح مع جيوش الدول حتى يتم اضعافها لتكون الدول لقمة سائغة لتقسيمها واعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة. هذا ما تم بالفعل فى بداية الثورات العربية فى تونس ومصر و ليبيا واليمن وسوريا، واستطاعت القيادة العسكرية المصرية ان تحتوى اى صدام مع الشعب بالرغم من العديد من المحاولات لجر الجيش الى صدام مع الشعب فى احداث ماسبيرو والعباسية ومجلس الوزراء ابان فترة حكم المجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية، اما بالنسبة الى الدول الاخرى- عدا تونس- فقد دخلت فى صدام بين الجيش النظامى وعناصر مسلحة، والبداية من ليبياعندما قام حلف الناتو بتنفيذ هجمات جوية ضد مواقع عسكرية ليبية، مع تسليح قوات المعارضة باحدث الاسلحة، لمواجهة الجيش النظامى والاستيلاء على سلاحه ومراكزه وقواعده العسكرية لتدخل ليبيابعدها فى صراع من نوع اخر وهو من يصل الى كرسى الحكم فى البلاد. فى الوقت نفسه الذى تدار معارك شديدة بين الجيوش النظامية والمعارضة –خاصة فى سوريا- ظهرت على السطح جماعات ارهابية مسلحة باحدث الاسلحة وتعيد الى اذهاننا بدايات تنظيم القاعدة الذى ساندته الولاياتالمتحدة لمواجهة الغزو السوفيتى لافغانستان فى ثمانينيات القرن الماضي، وهذه الجماعات امثال داعش وجبهة النصرة وانصار بيت المقدس وغيرها كثر، وبالطبع فان اولهم جماعة الاخوان الارهابية فى مصر. هذه الجماعات بدأت فى الظهور ولكن اهدافها غير معلومة فقد بدأت فى محاربة الجماعات الاخرى التى تقاتل الجيش النظامى السوري، فى مشاهد وحشية فى اطار التطهير المذهبي، واستطاعت بعد ذلك ان تدخل فى صراعات مسلحة للسيطرة على بعض المناطق لفرض نفوذهم عليها معتقدين بذلك انهم قادرون على فرض امر واقع حتى عندما يتم اعادة تقسيم المنطقة ان يكون لهم حصة من الكعكة لخلق دولة جديدة لهم، تضم عناصر ارهابية من العالم باسره. خطة الولاياتالمتحدةالامريكية لادارة الازمة فى الوقت الحالى هى مساندة العناصر الارهابية حتى يتم القضاء على الجيوش النظامية فى دول الشرق الاوسط لاعادة تقسيها إلى دويلات صغيرة غير قادرة على اتخاذ قرارهاوغير قادرة على حماية حدودها، وفى الوقت نفسه فان دول المنطقة تمتلك العديد من الثروات مثل البترول فتكون الولاياتالمتحدة المسيطرة على مصادر الطاقة ومنافذ مرورة بالكامل. ان ما يحدث فى منطقة الشرق الاوسط هى حرب عالمية بشكل وتكتيكات جديدة ومختلفة تبتعد فيها الولاياتالامريكية عن المشهد ولكنها تعمل فى الخفاء، من خلال دعمها جماعات ارهابية ضد الانظمة والجيوش النظامية، لخلق فوضى جديدة فى الشرق الاوسط كما حدث بعد الحربين العالميتين السابقتين، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى الذى كان نقطة الانطلاق للولايات المتحدة للعبث بمقدرات شعوب العالم [email protected]