صيانة وتشجير قبل انطلاق العام الدراسي الجديد.. الشرقية ترفع شعار الانضباط والجمال    رئيس «الصرف الصحي»: حل أزمة مجمع مدارس حلوان خلال عام    «الخارجية»: لم نتلق أي رد رسمي من إسرائيل بشأن مقترح الهدنة    المساهمة العاشرة في 50 مباراة.. الساعي يسجل مجددا مع المصري ضد بيراميدز    محمد الشناوي وعائلته فى مستشفي 6 أكتوبر لاستلام جثمان والده.. فيديو    جمهور القلعة يرقص على أنغام "خطوة" و"100 وش" فى حفل مصطفى حجاج    مي عمر تخطف الأنظار بفستان جذاب.. ما دلالة اختيارها ل اللون الأصفر؟    أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    «الأهم تدعوا لها».. محمود سعد يرد على شائعات تدهور حالة أنغام الصحية    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    القومي للمرأة يشارك في قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي    كرم جبر يكتب: مصر والعرب.. الحكمة في زمن الارتباك!    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    علاء عبدالوهاب يكتب: .. وينساب الوفاء نيلاً    4 أبراج لا تستطيع بدء يومها بدون قهوة.. القوة المحركة لهم    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    مصرع طالب غرقًا في سمالوط بالمنيا    بالصور.. رفع 4 حفارات أعلى الأبراج المخالفة ب"اللبيني" في الجيزة لإزالتها    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد أوساسونا في الدوري الاسباني    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    طاهر النونو: مقترح بتشكيل لجنة مستقلة لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار لتسهيل إعادة الإعمار    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    إبراهيم فايق يعلن عودة برنامجه في هذا الموعد    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    بالصور العرض الخاص لدرويش في الرياض بحضور عمرو يوسف والفيلم تجاوز 10 ملايين جنيه في أربعة أيام عرض بمصر    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط (433) قضية مخدرات وتنفيذ (84109) حكم قضائي خلال 24 ساعة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلف الناتو وخطورة المتغيرات الاستراتيجية

شهدت تسعينيات القرن الماضي حروب التفكيك الأمريكية ذات الطابع الامبريالي , ولعل المتضرر الأكثر هو العالم العربي الإسلامي لأنه يقع في مركز لوحة الاستهداف والموارد , ولعل أبرز متغير هو مشاركة حلف الناتو بالعمليات العسكرية خارج أراضي الحلف الأطلنطي في حروب أمريكا , ومؤشر سلبي يلقي بظلاله على الأمن والسلم الدوليين , ويقود إلى مجتمع فوضوي , ولعل أبرزها تلك الحروب في البلقان وأفغانستان والعراق وأفريقيا واليمن .. الخ , ناهيك عن الوجود العسكري والأمني والتدريبي والمعلومات في الخليج العربي , وبقية الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة , والمرتبطة بمعاهدات عسكرية مختلفة تحت يافطة مظلة الحماية والحرب على الإرهاب , ويجد الخبراء أن هذا التماس الحربي في أراضي خارج النطاق الجيوسياسي لأوروبا يعد خرقاً جوهرياً لأبجديات التشكيل والعقيدة العسكرية للحلف , والتي تنص على الدفاع عن دول الحلف حصراً , وبالتأكيد يمكن للحلف خرق كل شيء اليوم في ظل المجتمع الفوضوي الذي تقوده حليفته أمريكا , والتي تتحكم بالمؤسسات الأممية ضمن فلسفة "الهيمنة الكونية" وتشرعن من خلاله حروبها المدمرة , ولا تعترف بالشرعية الدولية والمجتمع الدولي , وقد مني الحلف بخسائر مادية وبشرية كبيرة في أفغانستان , ويعاني من ترهل حربي يلقي بظلاله على تماسك الحلف , ويبدوا أن غايته الحربية قد انحرفت عن الغاية المحورية وهي الدفاع , ولا يزال هذا الحلف مثار جدل واسع حول مستقبله وتمويله وطبيعة مهامه الحربية , والتي بدورها تخلق حزمة من التداعيات ستؤول إلى تفتيته أو المطالبة بتفكيكه أو انهياره , وأضحت الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع الحلف كذراعها العسكري في أوروبا , ووسيلة ردع ضد دول التقاطع الاستراتيجي في أسيا وأفريقيا , ويعمل كلاهما بقوة على منع قيام أي حلف عسكري أخر أو مشابه وعلى سبيل المثال حلف عربي إقليمي أو حلف آسيوي أو إفريقي فعال .
حلف شمال الأطلنطي - الناتو
تأسس حلف شمال الأطلنطي - الناتو عام 1949م بناءً علي معاهدة شمال الأطلنطي والتي تم توقيعها في "واشنطنالولايات المتحدة الأمريكية" في الرابع من نيسان عام 1949م , ويقع مقر قيادة حلف الناتو في بروكسل عاصمة بلجيكا , وللحلف لغتان رسميتان هما الإنكليزية والفرنسية ، والعقيدة العسكرية تحدد الدور العسكري الرئيسي للحلف , وهو حراسة حرية الملاحة , وحماية الدول الأعضاء من أي اعتداء عسكري عليها باستخدام حشد القوة العسكرية المتحالفة . ولعب الحلف دوراً محورياً في الأزمات السياسية , وساهمت كافة الدول الأعضاء في حشد القوات وتوفير المعدات العسكرية لتشكيل حلف عسكري يعد الأكبر من نوعه في العالم ، وهناك دول أخرى ذات علاقات وطيدة بحلف الناتو إلا أنها ليست جزءاً من تشكيلته الرسمية , ويطلق عليها لقب "حليف رئيسي" لحلف الناتو . وهناك خمس دول مسئولة عن منح الألقاب التعريفية وهم الولايات المتحدة الأمريكية - المملكة المتحدة - نيوزلندا - كندا - استراليا وتسمى "لجنة التوحيد والتنسيق الجوي" , وتعد تلك الدول اللوبي المهيمن على القرار الحربي وشكل العمليات العسكرية للحلف ويتسق مع المفاهيم الحربية المشتركة والمهام ذات الطابع السياسي لعقيدة تلك الدول .
تعد أبرز دوافع تشكيل الحلف هو صراع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقاً , وسعت الولايات المتحدة الأمريكية من أمركة أوروبا سياسياً وعسكرياً , وحشدها ضد الاتحاد السوفيتي , وأطلقت على حلفائها تسمية الأنظمة الديمقراطية , وتمكنت بعد انتهاء الحرب الباردة من أمركة دول شرق أوروبا (أوروبا الشرقية) وتفكيكها عبر الحروب والانقلابات العسكرية والسياسية , والتي خلفت تقسيم دول أوروبا الشرقية المتاخمة لقارة آسيا إلى دويلات يسهل السيطرة عليها ضمن أسلوب القضم الجيوبوليتيكي والتفكيك السياسي , لتدمجها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً مع دول غرب أوروبا مؤسساتياً واقتصادياً وتجعل من دولها قواعد عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ استراتيجية , وبذلك تحقق التفوق الأمريكي الساحق في قارة أوروبا وآسيا . وللحلف أهداف عسكرية معلنة هلامية , وتتسق مع المنهجية الأمريكية التوسعية الساعية للتواجد والقضم نحو دول التقاطع الاستراتيجي في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وهي : حماية دول العالم بشكل عام , وحماية الدول الأعضاء فيه بشكل خاص , وحفظ الأمن والاستقرار , ويبدوا واضحاً من خلال هذين الهدفين ذات المنحى الاستراتيجي السياسي والعسكري , هلامية الأهداف وتعويم الغايات التي تتيح حرية الحركة والمناورة الحربية في أي بقعة , وكذلك حشد ونقل القطعات العسكرية والمعدات , نحو دول الاستهداف الاستراتيجي المنتخبة في اللوحة الاستراتيجية العليا لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية .
المشاركة النووية
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية مصطلح "امتلاك ونزع السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل" , كعقيدة استراتيجية سياسية ذات منحى عسكري , وهي جوهر المحتوى الاستراتيجي , وفي الغالب تستخدمها في شن حملاتها الحربية وغزواتها الاقتصادية , وعلى سبيل المثال جرى غزو العراق وفق مبرر "نزع أسلحة الدمار الشامل" ولم تكن موجودة بالأصل , خصوصاً بعد أن ضخمت دوائر الاستخبارات التهديد وطورت وسائل الدعاية والإعلام من خطر العراق , وربطته بأحداث 11 ايلول2001 , رغم علم رموز الإدارة السابقة بزيف ذلك , ورغم ذلك لا تزال الحرب مستمرة في العراق التي راح ضحيتها ملايين من العراقيين دون مسائلة , ويعد التعاطي النووي منهجية حربية استراتيجية متفق عليه مع حلف الناتو , ضمن ما يسمى "سياسة الردع النووي" التي تشمل البلدان الأعضاء بغض النظر عن الأسلحة النووية الخاصة بهم , فإن الأسلحة النووية الأمريكية والصهيونية يسمونها سلاح ردع دفاعي , وإن امتلكتها دول أخرى تصبح أسلحة دمار شامل يستوجب نزعها بالوسائل السياسية أو العسكرية والاقتصادية , وذلك ضمن فلسفة الحرب الاستباقية والوقائية كامتداد لها كما حصل مع العراق ودول أخرى , وتشارك دول الحلف في تخطيط واستخدام الأسلحة النووية بشكل جماعي , وتنص الاتفاقيات على أن القوات المسلحة للدول الأعضاء يجب أن تشارك في حشد الأسلحة النووية في حال استخدامها من قبل الحلف أو أحد أعضاء الحلف في حرب أو حملة عسكرية , مما يعني وجوب الاشتراك في أي حرب نووية أو استباقية بالمفهوم الأمريكي , وتشكل الولايات المتحدة الأمريكية المتزعمة الحلف المشارك الأكبر في الحلف , وهي التي تحدد السياسات والاستراتيجيات العسكرية للحلف , خصوصاً إذا علمنا أن القوات المسلحة الأمريكية تعتبر من أكبر الجيوش المشاركة في الحلف , وتقع عليها المسئولية العسكرية وتليها بريطانيا وفرنسا واستراليا .
الدور والتكليف بعمليات خارج إطار المهام
شكل حلف الناتو لغرض تنفيذ مهام استراتيجية عسكرية ذات منحى سياسي واقتصادي خططت لها الولايات المتحدة لمدى بعيد , ويعتبر الحف الظهير العسكري الساند للولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا وقوة ردع لآسيا وأفريقيا ضمن فلسفة الصراع القاري , وكان الغرض المعلن من تشكيله التصدي للقطب الثاني في العالم آنذاك "الاتحاد السوفيتي" ضمن استراتيجية الحرب الباردة , ويعتبر هذا هو الهدف والغاية الاستراتيجية من التشكيل , ولكن الملفت للنظر التحول في العقيدة العسكرية للحلف خصوصاً بعد انتهاء التهديد وتفكيك الاتحاد السوفيتي , وقد ترك أعضاء الحلف الباب مفتوحاً أمام مهام حربية مستقبلية هلامية تطال كافة بقع الأرض , ونشهد دور عسكري متعاظم للحلف في "أفغانستان" و"العراق" والخليج وأفريقيا واليمن , والتقرب الناعم نحو القوقاز ودول آسيا , هو خارج الإطار الاستراتيجي الذي تأسس من أجله الحلف في بداية النصف الثاني من القرن الماضي والذي ينتهج العقيدة الدفاعية , ولكن المثير للجدل وما يثير الريبة والشك لدى عدد كبير من المفكرين هو عملية التحول من العقيدة العسكرية الدفاعية (دفاعي عن أوروبا) إلى العقيدة العسكرية الهجومية وتنفيذ مهام حربية هجومية في كافة دول العالم , في محاولات توسعية للهيمنة على مقدرات وثروات الشعوب , وإعادة العالم والمنطقة إلى مفهوم الاستعباد والاستعمار القاسي والناعم , وشهدنا فتح أسواق صناعة ونقل واحتكار النفط والغاز في كل مكان بالقوة , وترويج واسع لسوق السلاح , والسماح بصناعة الإرهاب وتجارة الأمن والمرتزقة في دول العالم الثالث , وكذلك غزو المنتجات الأمريكية في العالم وآسيا والعالم العربي الإسلامي , وكثيرون ينظرون إلى السياسة الأمريكية أنها تذكي الصراع بين المسلمين وتقسمهم عامودياً إلى سنة وشيعة وتتلاعب بهم كجزء من استراتيجية أكبر في هذه المجال , وهذا جاء متناغماً مع ما أوصى به فريق "بلتشلي2" وأعضاءه من المحافظين الجدد في أمريكيا , وقد أعد وثيقة من سبع صفحات أطلق عليها تسمية "دلتا الإرهاب" التي تستهدف تقسيم وتفتيت دول العالم العربي والإسلامي .
متغيرات تكنيكية لأغراض استراتيجية
أجرت الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول أوروبا الأعضاء في حلف الناتو عدد من المتغيرات التكنيكية للأغراض صيانة الاستراتيجية ذات الطابع السياسي العسكري , خصوصاً بعد الأزمة المالية وتردي جاهزية القوات الأمريكية من جراء غزو العراق وأفغانستان , وكان عدد من مراكز الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية قد أعدوا مشروعاً للتعاون الاستراتيجي أطلق عليه تسمية (مشروع واشنطن الخاص بالناتو) , ويتسق مع مطالب عدد من الدول الأوروبية ذات النزعة الكولينالية والطامحة للعب دور عسكري عالمي يتسق مع الاستراتيجية العسكرية للهيمنة على العالم , خصوصاً إذا علمنا أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تستنزف قوتها الصلبة تميل إلى استخدام استراتيجية "الاقتراب الغير مباشر" عبر سياسة التحالفات باستخدام القوة الناعمة والذكية واستخدام القوة أو التلويح بها , أو عبر فرض القوة من خلال طرف ثالث (الحرب بالوكالة) , والاتكاء على حرب الأشباح , ويمكن رصد عدد من المتغيرات والمطالب والتوصيات لتعزيز الشراكة الاستراتيجية السياسية والعسكرية بين الطرفين , ويبدو أنها وصفة علاج لإيقاف الانهيار والفشل السياسي والعسكري "لحلف الناتو" والقوات الأمريكية في أفغانستان والعراق وكشف مخططات التقرب الناعم إلى قوقاز واعتبرها محاولة الهروب إلى الأمام مرة أخرى :
1. يستعد حلف الناتو لتدشين قوة التدخل السريع التابعة للحلف في أقرب وقت ممكن , والدعوة لزيادة ميزانية الحلف العسكرية (تأمين تمويل كافي للمهام الحالية) .
2. إنشاء ذراع مواصلات جوي للنقل الاستراتيجي لقوات الحلف بحيث يتمكن من نقل القوات السريع إلى مناطق الحرب المنتخبة من خلال أسطول جوي مميز .
3. إدماج القسمين المدني والعسكري لموظفي الناتو الدوليين ، وإدخال تعديلات على اللجنة العسكرية في الحلف (وحدة القيادة والاقتصاد بالجهد) .
4. توسيع نطاق الحلف بالتعاون مع شركاء عالميين مثل اليابان وأستراليا وتفعيل خطط ضم دول أوروبية جديدة إليه حيث يضم حالياً 28 دولة بالفعل , وانضمام دول مثل ألبانيا ومقدونيا إلى الحلف , وإشارة أقل بشأن انضمام دول مثل جورجيا وأوكرانيا خوفاً من رد فعل روسي , وكانت الأحداث الأخيرة بين جورجيا وروسيا قد بينت مدى قدرات الحلف للولوج إلى القوقاز وآسيا (القضم القاري الناعم) .
5. تأسيس فريق استشاري بحثي , وأطلقوا عليهم تسمية "مشروع واشنطن الخاص بالناتو" ، ويهدف الفريق كما يعلنون , "إيجاد الحلول والسبل الكفيلة بإعادة إحياء دور الناتو في تأمين الحماية والأمن للتحالف الأمريكي الأوروبي" ، بالإضافة إلى التفكير في الأدوار التي يمكن أن يلعبها في التأثير على مسرح الصراع العالمي .
6. دمج كافة القدرات لكل من أمريكيا وأوروبا وفقاً ل "المفهوم الاستراتيجي للناتو" والسعي إلى أنشاء جهاز قيادة من ثلاث مستويات - استراتيجي - عملياتي – وحدة القيادة وتقليص عدد مقرات الانتشار المشتركة إلى ثلاثة فقط عوض الستة المتواجدة حالياً .
7. السعي لتعزيز القوات التقليدية القابلة للانتشار ، والتي تشمل قوات المدرعات الخفيفة والثقيلة ، وقوات التدخل السريع مثل "قوات الاستجابة للناتو" , هذا بالإضافة إلى تعزيز أنظمة الدعم الاستراتيجي والتي تشمل الاتصالات والاستخبارات والاستطلاع , والتركيز على أنظمة الدفاع الصاروخية نظراً لأهميتها في سياسة الردع ضد أي تهديد صاروخي محتمل (حرب النجوم) , وتعزيز أداء أنظمة الإنذار المبكر والدفاع الجوي والأرضي .
خارطة طريق دمج القدرة العسكرية
اتجهت أمريكيا مؤخراً إلى دمج "حلف الناتو" وتغيير عقيدته العسكرية من الدفاع إلى الهجوم وإشراكه في غزواتها وحروبها وجعله الظهير الاستراتيجي العسكري لها في العالم ومنها آسيا وأفريقيا والعالم العربي تمهيداً لمزاوجة القدرات العسكرية واندماجها بالكامل خلف مفاهيم أيديولوجية متشددة "حرب العقائد والأفكار" , وخرقت بذلك السياقات الأساسية المعتمدة في تشكيل الحلف , وبالمقابل فشلت الدول العربية (الجامعة العربية) والإسلامية (منظمة المؤتمر الإسلامي) ودول العالم الثالث (منظمة دول عدم الانحياز) من تشكيل حلف عسكري متكامل مماثل يحقق مقومات الأمن والدفاع للدول والشعوب والأمم , وباتت تابعة بشكل كامل لإرادة أمريكا والغرب مما أحدث خرقاً كبيراً في ميزان القوى وتوازن المصالح , والذي حقق السيادة الامبريالية الاستعمارية لأمريكيا على دول المنطقة والعالم , وبات التحالف الثلاثي الولايات المتحدة والحليف الاستراتيجي إسرائيل ومن خلفهم الظهير الأوربي (حلف الناتو) حقيقة ملموسة وقد حقق عدد من الأهداف الاستراتيجية أبرزها :
1. إذكاء الصراعات الدموية في العالم العربي والإسلامي وتقسيمهم بشكل عامودي سنة وشيعة وتقسيمهم أفقياً إلى طوائف ومذاهب وأعراق وتكرار تنميط الإسلام والعرب بالعنف وما يسمونه (الإرهاب) ونسف منظومة القيم الوطنية والدولية بما فيها الدينية والقومية .
2. تحنيط القضية الفلسطينية وتقزيم الصراع العربي الصهيوني إلى صراع إسرائيلي فلسطيني , تتجه ملامحه إلى تهويد القدس وتوسيع سياسة الاستيطان والتغيير الديموغرافي وطمس حقوق الشعب الفلسطيني بالكامل وزيادة روح الانشقاق ضمن الجسد الواحد .
3. تدمير وتفكيك العراق (القوة الصلبة العربية) وتصفير دولته وقواته المسلحة واستبدالها بمنظومات ومؤسسات هشة غير قادرة طيلة السنوات الماضية من تحقيق الغاية من وجودها , مع إرساء منظومة مفاهيم وقوانين هجينة تفتقر إلى التجانس مع البيئة المؤسساتية والاجتماعية العراقية ولا تخدم المصلحة العليا للعراق (الدستور- قوانين الاستثمار والخصخصة – قانون مكافحة الإرهاب , المحاكم الخاصة .. الخ) , مما تلقي بظلالها على البنية التحتية العراقية وتجعل من العراق مقسماً مفككاً ضعيفاً تسوده النزاعات وصراع المغانم الفئوية والطائفية والشخصية , وترسيخ المفاهيم الاستعمارية التي تروجها الشركات الكبرى وهو مطلب صهيوني .
5. المباشرة بتطبيق مفهوم الشرق الأوسط الجديد عبر محاولات التقسيم في السودان والعراق ولبنان واليمن والصومال ومصر لتفكيك الوطن العربي تمهيداً لجعله 56 دويلة بدلاً من 22 قطر عربي وهو مشروع صهيوني , لإخراج العرب من معادلة الصراع .
6. التقرب والقضم الناعم نحو القوقاز والقارة الأسيوية .
قسمت الولايات المتحدة الأمريكية العالم إلى رقع مختلفة ضمن لوحتها الاستراتيجية الشاملة , ومن الحقائق التي لا تقبل الشك أن الحليف الاستراتيجي الأول لها إسرائيل وحلف الناتو في تحالف ثلاثي بغيض , يسعون من ذلك مزاوجة القدرات السياسية والعسكرية مع إسرائيل والظهير الاستراتيجي "حلف الناتو" الذي تحول منذ مطلع القرن الحالي من المهام الإقليمية للدفاع عن دول أوروبا الغربية "عقيدة عسكرية دفاعية" إلى مهام الحروب والغزوات العالمية الهجوم "العقيدة العسكرية الهجومية" وفي الغالب هم يحشدون وفق تخطيط أيديولوجي وفق توصيات فريق "بلتشلي2" وجميع أعضائه من المحافظين الجدد في أمريكيا , والذي أعد وثيقة من سبع صفحات أطلق عليها تسمية "دلتا الإرهاب" التي تستهدف دول العالم العربي والإسلامي وتخصص مدة زمنية لإنجاز تلك المهام , وتقول تلك الوثيقة "أن الولايات المتحدة قد دخلت حرب ضد الإسلام ربما ستستمر إلى جيلين وستبدأ من العراق" , تلك هي المخططات الاستراتيجية الأمريصهيونية للحرب الكونية الأمريكية .
* تم نشر هذا البحث في المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية
اتجهت أمريكيا مؤخراً إلى دمج "حلف الناتو" وتغيير عقيدته العسكرية من الدفاع إلى الهجوم وإشراكه في غزواتها وحروبها وجعله الظهير الاستراتيجي العسكري لها في العالم ومنها آسيا وأفريقيا والعالم العربي تمهيداً لمزاوجة القدرات العسكرية واندماجها بالكامل خلف مفاهيم أيديولوجية متشددة "حرب العقائد والأفكار" , وخرقت بذلك السياقات الأساسية المعتمدة في تشكيل الحلف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.