ضعف الأحزاب السياسية وفشل التحالفات الانتخابية وظهور المال السياسى الفاسد والارهاب الذى يحيط بالدولة من كل جانب واضطراب الشارع السياسى أسباب بدت واقعية ومنطقية لتأجيل الانتخابات البرلمانية لبعض الوقت خاصة أن هذا التأجيل لا يتعارض مع نصوص الدستور التى وضعت مواعيد تنظيمية ليست ملزمة ولا يترتب على مخالفتها بطلان مجلس النواب القادم. نعرض فى هذا الملف وجهتين للنظر احداهما تطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية مستندة فى ذلك للأسباب التى ذكرناها والأخرى تطالب باجرائها دون تأجيل مهما كانت المخاطر والتحديات .. وهنا نطرح سؤالا .. ما هو المفيد للدولة المصرية الأن اجراء الانتخابات أم تأجيلها؟.. واذا تم اجراؤها فى هذه الظروف فهل ستنجب برلمانا يقوم بدوره المنشود .. أم سيكون عبئا على الدولة ويصبح مجلسا لتصدير الأزمات؟ .. مجرد سؤال. ----------------------------- المواعيد المقررة فى الدستور تنظيمية ولا يترتب على مخالفتها البطلان محمد عبد الحميد المادة 230 من الدستور نصت على أن «يجرى انتخاب رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقا لما ينظمه القانون على أن تبدأ اجراءات الانتخابات الأولى منها خلال مدة لا تقل عن ثلاثين يوما من تاريخ العمل بالدستور ، وفى جميع الأحوال تبدأ الاجراءات الانتخابية التالية خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور.» هذه المادة اثارت العديد من التساؤلات حول وجود مخالفة دستورية من عدمه بشأن اجراء الانتخابات البرلمانية خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور .. توجهنا بهذا السؤال إلى خبراء القانون لتفسير هذه المادة فكانت اجابتهم كالتالى. أكد الدكتور محمد نور فرحات الفقيه الدستورى أن تأخير اجراء الانتخابات البرلمانية لا يعد مخالفة دستورية كما يعتقد البعض ، مشيرا إلى أن المواعيد التى وردت فى المادة 230 من الدستور مواعيد استرشادية من الممكن مخالفتها فى حدود وليست مواعيد ملزمة ، وتسمى فى القانون مواعيد تنظيمية اراد المشرع الدستورى أن يناشد الجهات المختصة بالاسراع فى اجراء الاستحقاق الانتخابى. وقال أن المشكلة ليست فى المواعيد بقدر أنه فى غيبة البرلمان سنتحول من نظام حكم مؤسسى تراقب فيه السلطة التشريعية السلطة التنفيذية إلى نظام حكم تتحكم فى مقدرات الوطن السلطة التنفيذية وحدها دون رقابة ولا اعتقد أن هذا النظام هو ما عناه دستور 2014 أو أى دستور أخر. وطالب فرحات بسرعة اجراء الانتخابات مستشهدا بأن الدولة المصرية مرت بمراحل أكثر حرجا ولكنها استطاعت تأمين الاستفتاء والانتخابات الرئاسية ، منوها فى الوقت نفسه أن المشكلة الكبرى تكمن فى قانون مجلس النواب الذى اعتبره اسوأ قانون صدر لانتخابات المجلس التشريعى فى مصر ووصفه بأنه قانون «تأمرى» نظرا لاقرار نسبة 20٪ قائمة و80٪ فردى ، والاخذ بنظام القوائم المطلقة والتى تهدر كل ماحصلت عليه القوائم الأخرى ، وقال أن هذا النظام مطعون عليه دستوريا ، ودعا إلى تعديله والعودة إلى نظام القوائم النسبية. وشدد الفقيه الدستورى على أن مشروع قانون مجلس النواب المقترح يهدد بعودة الاخوان والسلفيين ، معنى هذا انه اذا نجح الاخوان وحلفاؤهم فى حصد مقاعد تزيد عن ثلث البرلمان القادم فانهم قد يعترضون على قانون انتخابات الرئاسة عند مراجعة نصوصه الامر الذى يؤدى إلى بطلان هذه الانتخابات. واتفق فى الرأى الدكتور رمضان بطيخ الفقيه الدستورى ورئيس قسم القانون العام بجامعة عين شمس قائلا أن الدستور حدد مواعيد لاجراء العملية الانتخابية لكن هذه المواعيد تسمى فى القانون بالمواعيد التنظيمية بمعنى أن مخالفتها لا تؤدى إلى بطلان ما ترتب على أى اجراءات تتم بعدها. وقال أن الميعاد التنظيمى مخالفته تأتى اذا نص فى الدستور أو القانون على جزاء أو عقوبه أو بطلان فى الاجراءات التى حددت ، ولكن فى هذه الحالة تأخير الانتخابات البرلمانية لا يعتبر مخالفة دستورية. وعن كلمة «اجراءات» التى وردت فى المادة 230 من الدستور والتى حددت أن تبدأ الاجراءات خلال مدة لا تجاوز الستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور ، قال الدكتور رمضان بطيخ أن كلمة اجراءات تعنى كافة الاجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية بدءا من تشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات وحتى اعلان النتيجة ، وبالتالى ليس هناك مخالفة دستورية حيث أن اللجنة تم تشكيلها بالفعل ، ولكن كان من المفترض أن تبدأ فى ممارسة عملها وتحديد موعد فتح باب الترشح وموعد الانتخابات البرلمانية ، ولكن عدم صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية من قبل الحكومة هو السبب فى التأخير. ومن جانبه أكد الدكتور عمرو حسبو رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة طنطا أن المحكمة الإدارية العليا ارست مبدأ قانونيا هام وهو مبدأ أن المواعيد تعتبر عملية تنظيمية وليست عملية قانونية يترتب عليها بطلان الانتخابات ، ولكن الأفضل هو احترام المواعيد. ولكنه قال أن ظروف الوطن الحالية غير مناسبة لاجراء الانتخابات البرلمانية فى المرحلة الحالية مشيرا إلى ضعف الاحزاب وفشل التحالفات الانتخابية ، والأعمال الإرهابية التى تتبناها الجماعة الارهابية ، وقال أن سلامة الدولة أهم من أى شىء. وأكد حسبو أن الضرورات تبيح المحظورات والدولة تجد أن الظروف غير مواتية لاجراء الانتخابات فى الوقت الحالى وربما يكون تأخيرها أفضل ، خاصة مع الترسيم الجديد للحدود الذى لم يصدر بشأنه قرار رسمى من رئيس الجمهورية والذى سيترتب عليه اجراء تعديلات فى قانون تقسيم الدوائر لضمان تمثيل عادل ومتوازن فى البرلمان لجميع محافظات الجمهورية.