ثمانية أشهر مرت على الأسرة المكلومة كالدهر بعد اختطاف طائر الجنة من بين احضانهم.. وخلا البيت الكبير من أصوات ضحكاته وانفرطت عقود الفرحة فى ابيار الشجن ودوت أصوات الصراخ والعويل فى أركان المكان لتهز القلوب الموجعة وانطفأت قناديل المنزل وسكنته العتمة بعد اختفاء البرعم الصغير وسكن الحزن قلوب الأسرة الصغيرة وباتت الحناجر لاتعرف سوى مرارة العلقم وانحشرت الكلمات داخل الصدور وروت دموع الوحشة والفراق جميع الوديان المجدبة. ولم تجد الأسرة البائسة أمامها سبيلا سوى التلفح بالصبر والتضرع إلى الله بالدعاء بعد أن ضرب مسئولو مركز شرطة كرداسة بأوجاع وآلام الاسرة عرض الحائط ولم ينتفضوا لتوسلات أم اختفى طفلها من بين احضانها منذ ثمانية أشهر ورغم أن المتهم باختطافه معلوم لدى رجال المباحث وعلى مرأى ومسمع من اعينهم إلا أنهم تقاعسوا عن أداء واجبهم ولم يفكروا حتى فى القبض عليه وتركوا تلك المهمة الصعبة والمستحيلة عليهم لأسرة الطفل المختطف رافعين شعارهم الجديد» الشعب فى خدمة الشرطة«، السطور التالية تكشف مأساة إنسانية ورحلة محفوفة بالشقاء والألم والمرارة عاشتها أسرة بمدينة كرداسة بالجيزة بعد اختطاف ابنهم الاصغر منذ ثمانية أشهر على يد معلومين لجهات الشرطة والمأساة الكبرى مافعله رجال الوزارة العريقة حماة أرض الكنانة والمسئولون عن توفير الأمن والأمان وكانت الفجيعة الكبرى فيهم ابشع بكثير من مأساة طائر الجنة المختطف. بداية مسلسل الأحزان عندما خرج الطفل محمود لطفى 10 سنوات من منزله كعادته لأداء صلاة العصر فى المسجد القريب من منزله بكرداسة وتأخر فى العودة واعتقدت أمه أنه يلعب مع رفاقه فى الشارع ومرت الساعات حتى جاء موعد صلاة العشاء وفوجئ الأب ان فلذة كبده لم يقف إلى جواره كعادته فى أثناء الصلاة وفتش عنه فى المسجد دون جدوى وكاد عقله يذهب وهرول إلى منزله وجمع اهله والجيران للبحث عن محمود الذى كان يستحوذ على عشق كل من حوله وفتشوا فى المستشفيات وكل جحر فى منطقة كرداسة والأماكن المحيطة بها وكأن الأرض انشقت وابتلعت الصغير. خاصم النوم عيون الأهالى والجيران وقضوا ساعات الليل فى البحث عن الطفل الغائب واخترق صوت البكاء والعويل جرس هاتف والد الصغير الحاج لطفي، واذا بصوت مملوء بالغدر والكراهية يبادره قائلا: ياحاج لطفى ابنك محمود عندى وبعدها انهى المكالمة. توقف الأهالى عن البحث وادركوا ان الصغير تم اختطافه وبدأت المفاوضات مع الخاطف يوم 5 ديسمبر عام 2013، وطلب مبلغ 50 ألف جنيه لاطلاق سراح الصغير وفى لمح البصر جمع الأب الملكوم ماطلبه الجانى وهدده بقتل ابنه إذا ابلغ رجال المباحث وتم تحديد الموعد 6 ديسمبر كى يتسلم الجانى مبلغ الفدية ويعيد محمود لأسرته. توجه الأب بمفرده بناء على رغبة وتهديد الخاطف لاحد الأماكن النائية بقرية»برطس« بالجيزة وطلب منه الجانى وضع المبلغ بجوار شجرة وبعدها يتوجه إلى احد الأماكن بكرداسة لتسلم طفله وهنا كانت الطامة الكبرى أن الخاطف استولى على الفدية ورفض إعادة الصغير لأسرته. وهرول الأب إلى مركز شرطة كرداسة لتحرير بلاغ باختطاف ابنه واعطى الضابط المسئول وهو المقدم أشرف فايز عبد الكريم رئيس المباحث رقم هاتف الخاطف ومن خلال التتبع تبين أنه سائق من كرداسة ومقيم بجوار اسرة الطفل المختطف وعلى الفور تمكن الضابط الشهم من ضبطه واعترف الجانى بخطف الطفل داخل توك توك من أمام منزله وتسليمه لمسجل خطر بكرداسة مقابل مبلغ 50 ألف جنيه وامرت النيابة بحبسه على ذمة التحقيقات وسرعة ضبط شريكه الهارب. يبدو أن كفاءة ذلك الضابط واصراره على استعادة الطفل لم ترض رؤساءه فى مركز الشرطة وبقوة لايستهان بها وقرار جرىء جدا تم نقله لمحافظة الشرقية عقابا له على كفاءته فى عمله؟! وقعت الأسرة المكلومة فى براثن المقدم عطية نجم الذى تولى منصب رئيس مباحث مركز كرداسة ورغم أنهم قدموا له مستندات تفيد بأن المتهم الذى تم ضبطه اجرى 70 مكالمة تليفونية مع شخص واحد يوم اختطاف الطفل كما أنه تلقى من ذات الشخص 80 مكالمة هاتفية وتمكنوا من خلال احدى قريباتهم التى تعمل فى سنترال كرداسة من استدراج ذلك الشخص وقاموا بتسليمه للضابط المجتهد إلا أنه اطلق سراحه بعد دقائق لأنه اقسم انه لم يشترك فى عملية الخطف يعنى الشرطة تسير فى عملها «بكلمة شرف». بدأت الأسرة المنهارة تتردد ثانية على الضابط «الكفاءة» وتتوسل إليه بتنفيذ قرار النيابة العامة بسرعة القبض على المسجل خطر الذى اوعز للسائق المحبوس باختطاف الطفل وبادرهم بعذر اقبح من مليون ذنب وهو أن ذلك المتهم هرب من كرداسة لمكان لايعلمه إلا الله!! استمرت الأسرة فى البحث والتحرى وارشدت الضابط «النابغة» عن مكان اختباء المتهم بل وزاد الطين بله أنهم ابلغوه انه يتردد ليلا على منزل أسرته وأن عددا من اقاربه يحدثونه هاتفيا على مرأى ومسمع من أهالى القرية وكان رد الضابط «المعجزة» لو لقيتوه هاتوه وأنا على حبسه!! وراح يراوغهم ويماطلهم حتى جاءت حركة الشرطة وتم نقله منذ أيام وتولى آخر مكانه لتبدأ الأسرة المكلومة رحلة البحث من جديد عن خيوط تصل بهم إلى الجانى لاستعادة فلذة الكبد. والسؤال الذى نطرحه للواء كمال الدالى مدير أمن الجيزة واللواء مجدى عبد العال نائب مدير مباحث الجيزة هل لو اختفى طفل من أفراد عائلاتكم سيتم التعامل مع خاطفيه بهذا الدم البارد ارجو ان تضعوا أنفسكم مكان أم فقدت فلذة كبدها ولاتدرى هل هو على قيد الحياة أم قتله الجناة. أصوات بكائه تفزعها فى أحلامها وهو يناديها بأعلى صوته باكيا تعالى ياماما، واشقاؤه لم يغادروا منزلهم منذ ثمانية أشهر خشية ان ينالوا مصير شقيقهم الأصغر ووالده ترك أعماله للبحث عن عصاه التى كان يتوكأ عليها. اعيدوا الحياة لأسرة قتلها الحزن واللوعة على فراق الحبيب يرحمكم الله!!