أساس «الفساد» هو: أنانية الفاسدين من أجل الحصول على مكاسب بغير وجه حق (غير قانونية أو شرعية) دون اكتراث بما يصيب الغير من ضرر أو يلحق الخسائر بالوطن. وتتعدى الأعمال الفاسدة (النهج الفاسد)، بدءا من: «السرقة، والغش، والنصب والتدليس.. إلى الابتزاز والسطو على العام والتهرب الضريبي».. ومن: «قهر النساء والتحرش بهن.. إلى خطف الأطفال وكذا استغلال وإيذاء الأحداث».. ومن: «إصدار تراخيص البناء بغير وجه حق أو التغاضى عن البناء المخالف أو بدون ترخيص.. إلى اغتصاب أراض الغير والاستيلاء على أراض الدولة».. ومن: «قطع الطريق وإرهاب الآمنين إلى القتل وتدمير المنشآت العامة والخاصة».. ومن: «تهريب السلع والسلاح والمخدرات.. إلى الاتجار فى الممنوعات».. وهذه الأعمال الفاسدة العامة وغيرها يصعب حصرها، إلا أن الفساد فى النظام الإدارى محدد المضمون ويتمثل فى ظاهرة «الرشوة»، ظاهرة «الطناش» .. فالأولى (الرشوة) أبطالها من الفاسدين كل من: الراشى والمرتشي، وقد يكون بينهما وسيط أو وسطاء من الفاسدين!!.. وفى العموم، فإن الرشوة فى الغالب تفرض (وتدفع للمرتشي) من أجل تحقيق عمل غير قانونى أو شرعى لمصلحة الراشي، وفى كثير من الأحيان تكون (الرشوة) من أجل تسهيل أو لسرعة إنجاز العمل القانوني، أو لتجنب محاولات إيجاد معوقات.. حينئذ يطلق على الرشوة مسمى «الهدية» أو «الإكرامية»، إلا أن القانون يمنع ذلك، ويدرج أيضا تحت مسمى الرشوة.. أما «الطناش» فهى الظاهرة الثانية للفساد البيروقراطي، والتى ابتدعها الموظفون الفاسدون.. حيث التظاهر بالاستغباء (يسميه رجل الشارع: الاستعباط)، أى الإهمال وعدم البت فى الأمر، وكما يقال (ودن من طين وودن من عجين)، وذلك حتى يفهم صاحب الحاجة الإدارية ويدرك بأن عليه دفع المعلوم (أى مبلغ الرشوة) المناسب. وكلمة «طناش» ليست عربية الأصل، غير أن نطقها يتكون من مقطعين.. هما: «طنا»، «إش».. وفى المعاجم العربية، فإن كلمة «طنا» تعنى الموت، أما «إش» فتعنى «الشيء» فى العامية المصرية (مثل: بلاش أى بلا شيء).. أى أن «طناش» تعنى موت الموضوع.. وكأنه لم يكن. .. ومما يجب ذكره أن الصين تقدمت صناعيا وازدهرت اجتماعيا (بعد تخلف سنين عديدة)، وذلك بسبب تطبيق قانون الحزم والشدة فى معاقبة الراشى والمرتشي، وكذا المقصر فى أداء واجبات عمله.. وكثير من كبار المسئولين الفاسدين فى الصين تم إعدامهم بعد إدانتهم. أما فى مصر القديمة (قبل سبعة آلاف عام) فكان عقاب الراشى والمرتشى جدع (بتر) أنف كل منهما، وكان معظم من يجدع أنفه يفضل الانتحار غرقا فى النيل، إذ أنه من العار أن يعيش بين الناس بلا أنف، ويشار إليه بأنه فاسد. وكما أن زراعة الأرض تتطلب تطهيرها من الآفات.. فإن تنمية مصر وتقدمها اقتصاديا واجتماعيا يتطلب تطهير المجتمع من الفساد.. فهل لنا من الصين قدوة، ومن قدماء المصريين عبرة؟!. مهندس استشارى أحمد هاشم عضو جمعية المهندسين المصرية