أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة    جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية    مكاسب جنونية.. 130 جنيها زيادة في أسعار الذهب اليوم 20 أكتوبر    مصر وروسيا تؤكدان الطابع الاستراتيجي للتعاون المشترك بين البلدين    ترامب: الولايات المتحدة تمتلك أسلحة متطورة لا يعلم الآخرون بوجودها    الخطيب يهنئ «رجال يد الأهلي» ببطولة إفريقيا    سان دييجو المملوك للمصري محمد منصور يصنع التاريخ في الدوري الأمريكي ويتأهل لأبطال كونكاكاف    ميكا ريتشاردز يدعم قرار سلوت باستبدال محمد صلاح في مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد: "لا أحد أكبر من الفريق"    التحفظ على والد المتهم والنيابة تطلب تحليل DNA للطفل    إنقاذ الأرواح نجاة أسرة من حريق بالطابق ال 16 فى عقار بالإسكندرية    كل شىء جاهز |استعدادات غير مسبوقة فى محيط المتحف    تامر هاشم يدعم صديق عمره أمير عيد في عزاء والدته    إقبال جماهيري كبير وتوافد محبي الموسيقى لحفل عمر خيرت في مهرجان الموسيقى العربية    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يفتتح الملتقى الثاني لعُلماء باكستان "تنسيق المواقف ووحدة الكلمة"    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    روني: لن أتفاجأ برحيل صلاح عن ليفربول    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    رئيس جامعة كفر الشيخ يتفقد معامل ومدرجات الطب البيطري لمتابعة أعمال التطوير    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    محافظ أسوان يتفقد مركز الأورام ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    نساء 6 أبراج تجلبن السعادة والطاقة الإيجابية لشركائهن    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    تكريم ستة فائزين بمسابقة المنصور الجامعة للأمن السيبراني    المغرب يستضيف بطولة للكرة النسائية بمشاركة تاريخية لمنتخب أفغانستان    «القومي للبحوث» يناقش تطوير علم الجينوم بمشاركة خبراء من 13 دولة    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مصدر من الأهلي ل في الجول: ننتظر حسم توروب لمقترح تواجد أمير عبد الحميد بالجهاز الفني    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    ملتقى شباب المخرجين.. أبطال «بين ثنايا الحقيقة» عن العرض: رؤية جديدة للنص الكلاسيكي    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    المنظمات الأهلية الفلسطينية: الوضع كارثي والاحتلال يعرقل إدخال المساعدات لغزة    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    أسعار البقوليات اليوم الاثنين 20-10-2025 في أسواق ومحال محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى تحارب الدول؟
تطور الاستراتيجيات يغير المفهوم العسكري
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 09 - 2014

لعب استراتيجيات الدول الكبرى لتحقيق مصالحها العليا الدور الاكبر فى إشعال الصراعات بينهما، وهذه الصراعات تختلف بطبيعة الحال باختلاف القدرات العسكرية لبعض الدول، فى الوقت الذى تشهد فيه منطقة الشرق الاوسط نوعا جديدا من الحروب والصراعات، ليست كما هو متعارف علية فى الاستراتيجيات العسكرية، ولكن تكتيكات جديدة ظهرت على الساحة للدول الكبرى من خلال إنشاء تنظيمات إرهابية مسلحة تسعى فى المقام الاول الى زعزعة استقرار الدول.
لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ان التنظيمات الارهابية الجديدة تم تسليحها باحدث الاسلحة لمواجهة الجيوش النظامية التابعة للبلاد المراد استهدافها، فى الوقت الذى تحاول فيه الولايات المتحدة الابتعاد عن المشهد، بسبب فشلها فى المواجهات العسكرية التى خاضتها فى باكستان وأفغانستان وكبدتها خسائر جسيمة، لذلك أصبح قرار الدخول فى مواجهة مسلحة بين الدول يحتاج لعدد من الاجراءات الحاسمة.
يمر العالم فى الفترة الحالية بالعديد من الصراعات والخلافات وتتطور تلك الصراعات الى تهديدات وتصريحات، ومحاولات إظهار القوة عن طريق الإعلان عن اسلحة جديدة، او إجراء مناورات ضخمة على حدود الدول المتنازعة، ومع امتداد الصراع، واتساع مناطق النفوذ ومحاولات سيطرة الدول العظمى على الوضع العالمي، اصبحت الحروب لا تعتمد على الحروب الشاملة، ولكنها تشمل الخاطفة منها، اى عن طريق ضربات صاروخية او هجمات جوية، او الحروب بالوكالة عن طريق دولة اخرى او جماعات إرهابيةمنظمة، او عن طريق الحرب الاقتصادية على الدول المراد استهدافها.
وتقع منطقة الشرق الاوسط فى قلب الصراع العالمى فى الوقت الحالي، وتحاول الكثير من الدول العبث بمقدرات تلك الشعوب، فى محاولة لإعادة تقسيم منطقة الشرق الاوسط، وتدمير جيوشها للحفاظ فى المقام الاول على التفوق العسكرى الاسرائيلي، ثم الحفاظ على المصالح الغربية واهمها تأمين إمدادات الوقود لتلك الدول.
إن قرار خوض حرب شاملة او تنفيذ عمليات عسكرية، ليس بالامر السهل على اى دولة مهما بلغت قوتها ونفوذها، وذلك لانه يتطلب العديد من الإجراءات من اعداد القوى الشاملة للدولة، وتوجية الاقتصاد الى اقتصاد الحرب، وإعادة تدريب وتسليح القوات المسلحة، مع المطالبة بدعم دولى لاى عملية عسكرية قد تنفذ، حتى لا يؤثر ذلك على الوضع الدولي، بجانب تماسك الجبهة الداخلية خلف القيادة السياسية التى ستتخذ قرار شن الحرب حتى لا يحدث انشقاقات، او ظهور الطابور الخامس، كما حدث فى الحرب العالمية الثانية فى بعض الدول.
ولكن الحقيقة ان هناك بعض فئات فى شعوب بعض الدول تحاول ان تضغط على قيادتها السياسية بخوض اى حروب تحت مسميات عديدة، الا ان القيادة الرشيدة التى تعلم القدرات والمتغيرات هى التى تستطيع السيطرة على الوضع وعدم الرضوخ الى تلك الفئة للمصلحة العليا للبلاد.
والحقيقة ان الدول القادرة على خوض معركة وتحقيق النصر فيها لا يمكن ان تقدم على خطوة غير مدروسة بشن حرب شاملة على دولة اخري، فامتلاك القوة الحديثة والتدريب العالي، وتماسك الجبهة الداخلية، تلك العناصر هى اكبر رادع لاى عمليات عسكرية من اى دولة اخري.
ولكل دولة فى العالم اهدافها القومية ومصالحها الحيوية، واسبقيات تلك الاهداف تنعكس عل استراتيجيتها العسكرية، وسياستها القومية، ومن المعروف ان حالات اللا سلم واللاحرب لاتعنى تطابق الاهداف وتماثل السياسات بين الدول ومن ثم تتعرض العلاقات الى اختلافات فى المصالح، وتناقض فى الاهداف، ومن اهم عوامل الردع بين الدول هو امتلاك قوة عسكرية حديثة ومتطورة قادرة على حسم اى صراع يجبر الدول على خوضه وهناك نقاط محددة قد تدفع بالازمات إما للحرب او السلم، ومن اهمها، نوايا الاطراف المحيطة او الدول من خارج المنطقة والتى لها مصالح فى المنطقة واى غموض فى النوايا قد يؤدى الى الحرب، مع تنامى الامكانات العسكرية للدول المحيطة او الدول التى تتمركز فيها قواتها فى المنطقة، والغموض فى فى هذه الامكانات قد يؤدى الى نشوب حرب.
اضافة الى ذلك طبيعة التحالفات والمحاور العسكرية، وما هو التهديد الذى تضعة هذه التحالفات ، بجانب سرعة ونوعية اتخاذ القرار السياسى باستخدام القوة المسلحة..
وبالنسبة الى الجبهة الداخلية والامان الاجتماعى فهما يلعبان دورا استراتيجيا مهما فى نظرية الردع ، والقدرة العسكرية هى قوة محورية تحتاج وتعتمد بالدرجة الاولى على كفاءة الامن الاجتماعى والتماسك، والتعاظم الاقتصادى والدبلوماسية المرنة والهادفة والاعلام المتوازن، والإيمان الراسخ، والتعليم المتكامل وديمقراطية البناء والعطاء والحوار.
ان كل ماسبق هو البناء الحقيقى للدولة قبل تنفيذ اى عمل عسكرى ضد دولة اخرى او حماية الارض والسماء والحدود من اى عدوان خارجى يتطلب خوض معركة حربية شاملة، وفى جميع الاحوال فان خوض حرب شاملة او خاطفة، فان ذلك يؤثر بشكل كبير على الدولة اقتصاديا واجتماعيا ويتطلب تماسكا قويا للجبهة الداخلية.
واذا نظرنا خلال السنوات الماضية وبالاخص فى منطقة الشرق الاوسط نجد ان حرب اكتوبر المجيدة 73، هى الحرب الوحيدة التى حققت اهدافها، والمخطط لها بعد ان تم الاعداد لها بعناية فائقة، وكان هناك هدف واحد لها، وهو اعادة الارض والكرامة بعد ما حدث فى يونيو 67، اما الحروب التى تلتها فجميعها كانت دون اهداف وكانت بتخطيط غربى من اجل تفتيت القوى فى المنطقة، وأولاها حرب الخليج الاولى بين ايران والعراق التى استمرت اكثر من 8 سنوات ومحصلتها النهائية صفر، ولم يحقق أى من الطرفين اى شيء سوى مئات الآلاف من القتلى والجرحى وتدمير الاقتصاد، والعودة الى الخلف بدلا من التقدم للانطلاق العلمى والتكنولوجي، وجاءت تلك الحرب من اجل تدمير القدرة العسكرية لكل من العراق وايران، وعندما استشعر الغرب ان الدولتين خرجتا من الحرب تمتلكان قدرات عسكرية، اوعزت الولايات المتحدة لصدام حسين باحتلال دولة الكويت، حتى يتم القضاء على قدرته العسكرية كاملا، وايجاد شرعية لتواجد قوات عسكرية امريكية فى الشرق الاوسط خاصة فى الكويت وقطر، من اجل السيطرة على إمدادات الوقود وحماية مصالحها، اما بالنسبة الى ايران فنفذ ولا يزال عقوبات اقتصادية عليها حتى الان، مع فشل ادخالها فى صراع مسلح مع دول الجوار.
والحرب الاخيرة هى احتلال العراق فى عام 2003، عندما نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا، حربا شاملة ضد القوات العراقية، مع العلم انه لم تكن هناك مقاومة تذكر من القوات العراقية وكأن القوات الامريكية كانت فى نزهه، وذلك بسبب الحصار الاقتصادى والعسكرى الذى كان مفروضا على العراق، بجانب حرب الاستنزاف التى نفذت عليها خلال 12 عاما متصلة، وتدمير قدرتها العسكرية.
وفى الوقت الحالى ومع تطور الاستراتيجيات العسكرية، والنظريات والاهداف ظهرت على السطح انواع جديدة من الحروب، فبعد ان فشلت الولايات المتحدة فى حروبها وتدخلها فى منطقة الشرق الاوسط، بدأت فى تكوين جماعات إرهابية ساهمت بشكل كبير فى تسليحها من اجل دخولها فى صراعات مسلحة مع جيوش بعض دول منطقة الشرق الاوسط مثلما يحدث فى سوريا وليبيا، وكان مخططا ان ينتقل السيناريو الى مصر، وبذلك تبتعد الولايات المتحدة عن الصورة ولا تثير الكثير من تحفظات الرأى العام الداخلي، اضافة الى ذلك حروب الجيل الرابع، والاستخدامات الحديثة للتكنولوجيا.
ان الحروب الشاملة لا يمكن ان تحدث الا فى حالات الاعتداء على الارض أو محاولات المساس بالامن القومى للدول، فى الوقت الحالى وحتى مع تماسك الجبهات الداخلية او القوة الاقتصادية للدول فذلك لن يعطى شرعية للقيادة فى اى دولة من خوض حرب شاملة، واكبر دليل على ذلك ما يحدث بين الكوريتين ،وايضا التهديد المباشر اليومى من كوريا الشمالية للولايات المتحدة الامريكية، ولايوجد اية ردة فعل امريكية سوى التهديدات بعقوبات اقتصادية، اما بالنسبة للعدوين باكستان والهند، وبعد خوضهما 5 حروب شاملة الا ان الردع النووى بينهما أوقف التفكير فى شن أى حروب قادمة.
..وكيف تستعد لخوضها؟
قبل البدء فى أى عمليات عسكرية أو حروب بين الدول يجب أولا أن تخضع الدولة المحاربة الى عملية إعداد شامل، وذلك من خلال تطوير واستخدام جميع القدرات والإمكانات المتيسرة للدولة، فى جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والبشرية، من أجل تحقيق النصر.
وتتطلب عملية إعداد الدولة للحرب مشاركة أجهزة ومؤسسات عديدة، واشتراك القيادات، بكل مستوياتها، ومشاركة الشعب بمختلف طوائفه، وإنفاق المال والجهد، واستخدام كل الإمكانات المتاحة، والطاقات الممكنة، الفعالة والكامنة فى كل أبعاد قوى الدولة المادية والمعنوية.
ويقول اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية العليا إن مفهوم إعداد الدولة للحرب متسع ومتشعب، ولكن إذا توافرت مع هذا الإعداد حسن الإرادة والقيادة الرشيدة, فإن الدولة تضع نفسها فى صفوف الدول المتقدمة، وأن عملية الإعداد تشمل ستة محاور هى الإعداد السياسي، والاقتصاد الوطني، وإعداد القوات المسلحة، وإعداد أرض الدولة كمسرح للعمليات، وتهيئة الشعب، وإعداد أجهزة الدولة.
وأشار إلى إن دور إعداد الدولة للدفاع يشمل عملية التطوير والاستخدام الجيد للقدرات المختلفة للدولة، وهى ما تعرف ب "القدرات الشاملة للدولة" وتتمثل فى (الكتلة الحيوية، والقدرة العسكرية، والقدرة الاقتصادية، والقدرة الدبلوماسية الخارجية، والقدرة المعلوماتية، والامكانات التكنولوجية، والقدرة الإعلامية، والقدرة السياسية الداخلية).
وأوضح اللواء الغبارى أن هناك عدد من الاعتبارات يجب على الدولة وضعها فى الاعتبار أثناء فترة الاعداد، أهمها المتغيرات والتوازنات والتكتلات الدولية والإقليمية، وأهدافها ومصالحها فى المنطقة أو بمعنى أدق "المسرح السياسى الدولى والإقليمي" ويجب دراسة هذا "المسرح" دراسة جيدة قبل اتخاذ قرار الحرب، فمثلا إذا اتخذنا قرارا بالحرب مع إسرائيل فإنه لا يمكن أن تتجاهل الدولة وجود تحالف بين إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوروبي، وكذلك أيضا يجب الوضع فى الاعتبار التغيرات التى تحدث فى خريطة التكتلات والقوى السياسية، فمثلا كان هناك ما يسمى بالاتحاد السوفيتى كقوة عظمي، الا أنه لا وجود له الآن.
وقال إن الدولة فى مرحلة الإعداد يجب أن تنظر أيضا الى طبيعة التهديدات والتحديات المنتظرة من هذا القرار، وتقوم القيادة السياسية للدولة بعمل دراسات مستفيضة وتجهيزها بشكل مفصل قبل خوض الحرب لرصد التهديدات التى كانت تواجه خطة الحرب، والتى بناء عليها يتم اتخاذ القرار، وأشار الى أن عملية الإعداد ترتبط أيضا بمدى قدرة وكفاءة وإمكانات ودرجة استعداد القوات المسلحة للدولة، فمثلا إذا كنا بصدد الحرب مع إسرائيل، فإنه لايمكن أن يتم اتخاذ قرار الحرب دون جاهزية القوات وقدرتها على المواجهة العسكرية والدفاع عن تجهيزاتها وتحصيناتها على أرض العمليات التى يتم تجهيز المعدات طبقا لظروفها التى تختلف من مكان الى آخر، فإذا كانت هناك حربا مع دولة أخرى فإن طبيعة مسرح العمليات تكون مختلفة من موقع الى آخر، سواء كانت رملية أو طينية أو صخرية، وبالتالى يتم تجهيز القوات المسلحة بأسلحة تتناسب مع طبيعة كل مسرح عملياتي.
وأضاف الغبارى أن موقف وتقييم "قوى الدولة الشاملة" ومدى تحقيق التفوق والتوازن مع القوى المضادة للعدو أحد أهم ركائز إعداد الدولة وكذلك أيضا الإرادة الوطنية وروح التحدى وحرية اتخاذ القرار السياسى والعسكري، والقدرة على مواجهة صور الصراع الحديث المتمثلة فى استخدام المعلومات والجواسيس المسماة "حروب الجيل الرابع، والحروب الاجتماعية والثقافية والأيديولوجية.

أشكال الحروب
تتغير الأسس الاستراتيجية للحرب كثيرا مع مرور الزمن، بل إن معظم العناصر الرئيسية للاستراتيجية تبقى قابلة للتنفيذ على المدى الطويل، كما يمكن الخروج من تحليل واستقراء المعارك الحربية بدروس يمكن الاستفادة منها فى التخطيط لمعارك حديثة فى الوقت الحاضر، وسنعرض هنا نوعين من الحروب كان لهما الأثر الكبير فى التاريخ العسكرى الحديث، وهما: الحرب الخاطفة، والحرب الشاملة.
أولا: الخاطفة
تُعرف الحرب الخاطفة بأنها: "أسلوب خاص فى تكتيكات القتال يقوم على استخدام الطيران والقوات المدرعة والقوات الميكانيكية فى تحقيق اختراق عميق داخل جبهة العدو، من أجل قطع خطوط إمداداته وتدمير مراكزه القيادية والإدارية وتطويق دفاعاته". وأول من اعتنقها ودعا إليها فى عشرينيات القرن الماضى البريطانى (ليدل هارت)، الذى أطلق عليها: "استراتيجية الاقتراب غير المباشر"، و البريطانى (جون فولر) الذى أخذ ينشر أفكاره التكتيكية التى ركّزت على ضرورة استخدام الدبابات فى تعاون وثيق مع طائرات الإسناد التكتيكى المباشر لقطع خطوط مواصلات العدو، وإيقاع الفوضى فى مناطقه الخلفية.
ويرى الخبيران البريطانيان (فولر) و (هارت) أن الاختراق الأوّل للجبهة يجب أن يتم بواسطة التعاون الوثيق بين حشود المدرعات التى ترتكز على واجهة ضيّقة قد تصل إلى عدة كيلومترات، وبين القاذفات المقاتلة التى تقدّم دعماً تكتيكياً، إضافة إلى الدعم الجوى غير المباشر المتمثل فى قصف خطوط مواصلات العدو ومراكزه الإدارية والقيادية فى العمق العملياتي. وتتطلب عمليات الحرب الخاطفة درجة عالية من التفوّق الجوى وسرعة الحركة من ضباط يتحلّون بقدر كبير من الخبرة والمرونة، مع الاعتماد على عنصر المفاجأة وبطء رد فعل العدو، وضعف سيطرته الجوية، مع استغلال عامل السرعة فى التخطيط والتنفيذ كسلاح نفسى لزلزلة العدو، وزرع الاضطراب والفوضى فى هيكل أوضاعه الميدانية، علاوة على الغموض فى عمقه ومؤخرته.
ثانيا: الشاملة
تحاول الجيوش تحقيق الحسم عن طريق الحشد فى ميدان المعركة، ولكن ظهور الحرب الشاملة المزوّدة بأسلحة الثورة الصناعية وأحدث التكنولوجيات جعل من العسير تطبيق ذلك المبدأ، حيث إن قوة الفتك التى تتميز بها الأسلحة الجديدة أصبحت قادرة على تحقيق التدمير الشامل، كما اتضح أن حشد الجيوش يجعل منها لقمة سائغة للعدو بمجرد اكتشافها، وتحديد مواقعها، إضافة إلى صعوبة توفير الإمداد والتموين للجيوش كبيرة الحجم لمدة طويلة.
وتُعرف الحرب الشاملة بأنها: "الحرب التى لا تفرِّق بين الجبهة والداخل، وتطبع جميع نواحى وأنشطة الحياة بطابعها، فهى لا تفرِّق بين الحرب العسكرية على الحدود والحرب على الجبهة الداخلية التى تشمل الناس، وطرق المواصلات، والجسور، والموانئ، والمرافق".
وفى الحرب الشاملة، تستغل الحرب النفسية من أجل زعزعة معنويات المدنيين والعسكريين بضرب المدن والعواصم، حتى تضطر الخصم إلى سرعة الاستسلام، كما تُسخَّر فيها كل الأسحلة والمخترعات العلمية من طائرات، وحاملات طائرات، وغواصات، ومظليين، وحتى القنابل الذرية فى خدمة المعارك، إضافة إلى الحرب الاقتصادية التى يتم فيها القصف الجوى للمراكز الصناعية بهدف تدمير القاعدة الاقتصادية التى يعتمد عليها المجهود الحربى لدى العدو، فى الوقت الذى يتم فيه تجنيد جميع الموارد البشرية والاقتصادية والتكنولوجية للدولة، لتوفير متطلبات الحرب الشاملة.
وتعتبر الحرب العالمية الثانية أوضح مثال للحرب الشاملة، وأكثرها كلفة فى تاريخ البشرية، وذلك نظرا لاتساع رقعة الحرب وتعدد مسارح المعارك، وسقوط ما يقرب من خمسين مليوناً من الضحايا بين عسكريين ومدنيين، وقد بدأت هذه الحرب بنزاع دولى فى آسيا فى يوليو من عام 1937، وانتقلت إلى أوروبا فى سبتمبر، ثم انتهت فى عام 1945 باستسلام اليابان وهزيمة دول المحور وانتصار الحلفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.