من ديوان صدر حديثا الشعر أن تلد القصيدة ربّها فى سكرة الشبق المعتق فى الألم والعشق أن تجد العشيقة نفسها صنما فتعبد من تعبد للصنم أحلى القصيدة أن تكون عشيقة حتى تلقنك الغناء فما بفم فأغرس حروفك فى البياض وروها لا موت للحرف الذى يسقى بدم مطِّرى يا مطرةْ. خالعى أثوابنا كنا نغنِّى .. نحن أطفالٌ جنوبيون تغرينا السماءْ.. عندما تفرح بالرقص البدائيِّ .. فتعطينا رغيفا من ضياءْ.. مطِّرى .. ها نحن مغموسون فى الأرضِ.. ورقَّاصون فى الريح .. كأعواد الذّرةْ.. *** مطِّرى ... يشتطُّ فى أرجلنا «االسَّامرُ » والمزمار .. والطبل الصعيديُّ .. وتحطيب الرجال السمر .. قرع«االشوم بالشوم».. وصوت الملح فوق المجمرة .. تتتتت *** مطِّرى يا مطرة... ننتشى حين على أجسادنا تهطُلُ أسماء صبايا .. يَنْبُتُ الجلدُ براعيمَ إذا لامس كفُّ الغيم خدّ الشجرةْ *** أُمُّنا الشمسُ تنادينا .. لكى تمنحنا السُّمْرَةَ والبسمة .. والقلب السماويَّ وكى تغسلنا بالأغنيات المُزهرةْ.. *** مطِّرى يا سحْبُ.. نشدو .. فتزيدين .. فنشدو .. : «امطرى يا مطرهْ .. خلِّى القمحة عَشَرَة».. كبرى الجُرْن .. وهاتى لى حبيبا.. إن أُمِّى أخبرتنى أننى صرت كبيرا .. بعد يومين أتِمُّ العشرة *** يا سماء الله شُدّينى إليك.. علّنى ألبس جلباب أبى المصلوب فى «المِعْلاقِ» يبدو لى طويلا .. مطِّرى أكبرْ .. وهاتيكِ يدى .. فلتسحبينى .. علَّنى فى الليل آتيها بقُرص القمرهْ.. منذ أن مات أبى .. والطرحة السوداء .. والليل .. وأمى .. إخوة فى آهة مستترة *** تُهْتُ فى السكرة حتى الموج .. لذعة البرد الخفيف انسحبت على وجهى .. كذيل القطَّة الناعم .. كنتٌ قد ألقيت فى الغيم حُبوب الحلم .. سرَّا.. لم أكن ألبس إلا هالة الطفل الصعيدى .. على سُمْرَةِ جلدي.. كنت وحدى .. رغم أن الملعب الأخضر مسكون بأصوات العفاريت الصبايا والأناشيد تلاشت فى توابيت رياح لم أعد إلا أنا .. والرّيح .. والفجر .. وصوت القُبَّرَةْ.. *** أرسلُ الروح فلا أبصر إلا «الكَرَبَ» المسنود فى الركن الشّماليِّ من الجامع فى الخلف .. تراءى لى بلون الصُّفْرَةِ المَوْتِيِّ .. بالأوجه تبكي.. بمناديل الوداعات التى تبصرُ تحت الذنب وجه المغفرهْ.. *** شاخصا قُدَّامَ هذا البيت أطْرقْتُ.. لقد كانت هنا .. جدّةٌ كل الذى أذكره منها سواد الثوبِ .. كفًّا من عروق .. وضعت لى فى فمي ذات صباح سُكَّرَةْ.. عُدْتُ من سكْرَةِ طفل شاخ فى سكرته .. وابنى ينادينى .. أبى أتممتُ هذا اليوم فى الدنيا سنينا عشرة كانت الدنيا شتاءً .. رُحتُ كالمجذوب أهذى :« مطِّرى يا مطَرَة» .. كان صوتى كأنين الوتر المشدود ما بين رحيل واغتراب .. مثقلا بالغنوة الطفلة فى روحى .. ووجه من ضباب .. صاح فى قلبى لون باهت من صورة .. كانت على حائطنا .. كان جلباب أبى أصبح حشوا فى وساد.. غير أن الدهشة الأولى لجلدى .. عندما لامس كف الغيم خد الشجرة .. لم تزلْ صوت حنين .. ينتشى بى .. كلما راودنى الغيم على خلع ثيابى .. راقصا تحت ابتهاج المطرة .. .. لم أزل أسمع فى روحى طفلا .. أسمر الوجه .. قصير الثوب .. أشْغى.. خالع الزيف يغنى كلما جاء شتاء من بعيد .. مطرى يا مطرة .. أرخصى العمر ... وصبى لى .. دموعا للبكاء ..
المعلاق : ما يعادل المشجب أو الشماعة فى بعض قرى الصعيد الكرب بفتح الكاف والراء : الاسم الدارج للنعش فى قرية الشاعر.