بعد14 شهرا من عمليات التتبع والإجراءات القانونية.. وبعد ماراثون طويل من جمع المعلومات والتحريات السرية.. نجحت الدولة في استرداد أضخم مجموعة من قطع المجوهرات والألماس والأحجار الكريمة النادرة عددها249 قطعة ترجع لأسرة محمد علي باشا. والتي لها قيمة تاريخية وفنية وأثرية وتراثية لا تقدر بمال وذلك قبل أن يتم بيعها وتهريبها خارج البلاد وإحباط صفقة لبيع بعض تلك القطع لرجل أعمال قطري بمبلغ100 مليون جنيه, بعد أن تم عرض صور لبعض تلك القطع علي تجار ومهربي الآثار وراغبي اقتناء المجوهرات والمشغولات الذهبية لشرائها وتهريبها لولا يقظة ضباط مباحث الآثار الذين تتبعوا تلك المؤامرة واحبطوا اتمام الصفقة في الواقعة الأولي ونجحوا في ضبط139 قطعة, وبعد أيام كشفوا الواقعة الثانية من خلال إعلان في جريدة الأهرام عن بيع جبري بالمزاد العلني يحوي مجموعة من المجوهرات عددها110 قطع مودعة في بنك مصر ضمانا لقرض رجل أعمال مصري تبين أنها من المجوهرات التاريخية والنادرة من مقتنيات أسرة محمد علي. الأهرام حصلت علي التفاصيل المثيرة والكاملة لعمليات التتبع وجهود جهاز الشرطة في ضبط ومصادرة قطع المجوهرات والألماس النادرة والتي من بينها ماسة نادرة تعتبر من أندر ثلاث قطع ألماس في العالم من حيث الحجم. الزوج الوريث! بداية الكشف عن الواقعة الأولي عندما وردت معلومات سرية إلي اللواء ممتاز فتحي مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار بقيام مدير وشريك في شركة خاصة يدعي( علي) بعرض صور لمجوهرات وحلي عبارة عن أساور وكوليهات وأقراط وخواتم وبروشات.. ويرجع نسبتها إلي أنها من ممتلكات أسرة محمد علي, ويقوم هذا الشخص بعرضها علي تجار ومهربي الآثار وراغبي اقتناء المجوهرات, وانه يتقابل مع بعض العناصر من جنسيات عربية وخليجية لعرضها عليهم, وأن هناك نية لتهريبها خارج البلاد, فكلف اللواء كمال قلاوي وكيل الإدارة بتكثيف التحريات وجمع المعلومات وتشكيل فريق قاده العميد أحمد عبدالظاهر رئيس مباحث الآثار للتوصل إلي حقيقة الأمر وكشفت التحريات أن تلك المجوهرات مرهونة رهنا حيازيا ببنك مصر بفرع عبدالخالق ثروت وانها آلت إليه بالميراث من زوجته المتوفية وتدعي( تفيدة) عن عمر87 عاما والتي كانت قد أودعت بالبنك في السبعينيات وأوائل الثمانينيات تلك المجوهرات كرهن حيازة في مقابل قرض من البنك.. فتم الدفع بأحد المصادر السرية وأمكن الحصول علي نسخة من تلك الصور وتم عرضها علي لجنة من خبراء الآثار المختصين فقررت أن تلك المجوهرات المبينة بالصور ذات قيمة عالية وأنها ترجع فعلا إلي أسرة محمد علي وطلبت اللجنة معاينة القطع علي الطبيعة حتي تتمكن من تحديد العصر الذي تنتمي إليه وتصنيفها ووصفها علي نحو دقيق, كما كشفت التحريات أن البنك قام أكثر من مرة بتقييم تلك المجوهرات عن طريق خبراء مصريين وأجانب بالاشتراك مع خبراء بمصلحة الدمغة والموازين تمهيدا لبيعها في المزاد العلني!! سرية الحسابات بالبنوك وفي سرية تامة تم تسطير محضر بالإجراءات حمل رقم1857 لسنة2013 عابدين وعرضه علي النيابة العامة لاستصدار قرار من محكمة استئناف القاهرة للاذن بالكشف عن البيانات والمعلومات المتعلقة بالحسابات والودائع والأمانات الخاصة بالسيدة المتوفاة وزوجها الوريث والمودعة ببنك مصر فرع عبدالخالق ثروت وصولا لكشف الحقيقة, وبالفعل صدر حكم المحكمة بالدائرة الثالثة بمحكمة استئناف القاهرة بالكشف عن سرية الحسابات وتم تشكيل لجنة ثلاثية برئاسة رئيس الإدارة المركزية للآثار وعضوية أمناء متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية وخبراء من مصلحة الدمغة والموازين لفحص تلك القطع علي الطبيعة, وتبين وجود بعض من هذه المجوهرات في فرع البنك بالجيزة وعددها139 قطعة وجاء تقرير اللجنة بمنزلة مفاجأة مدوية حيث أكد أن تلك القطع في فرعي البنك بالجيزة وعبدالخالق ثروت جميعها ذات قيمة أثرية وتاريخية نادرة وأنها ترجع للحقبة التاريخية لأسرة محمد علي باشا وتخضع لقانون حماية الآثار رقم117 لسنة1983 والمعدل بالقانون رقم3 لسنة2010 والقانون رقم61 لسنة2010 عدا ثلاث قطع تبين أنها صناعة حديثة. وأن عدد136 قطعة في تصنيعها وتصميمها تتفق تماما مع ذات المقاييس والمواصفات ومماثلة لقطوع الماس والأحجار الكريمة المركبة عليها علي ذات القطع الموجودة بمتحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية, كما اتضح للجنة أن بعض القطع المشار إليها محفور عليها اسم الصانع والمصمم وجهة الصنع, وأن بعض تلك المقتنيات كانت تتحلي بها بعض أفراد الأسرة المالكة وذلك من خلال بعض الصور الفوتوغرافية والوثائقية والتاريخية التي تمكنت اللجنة من الحصول عليها ومراجعتها ومقارنتها بالقطع المتحفظ عليها!! صفقة ال100 مليون جنيه في الوقت نفسه جاءت معلومات من ضباط المباحث أن الزوج المتحري عنه يقوم باتمام صفقة مع أحد العناصر القطرية وهو رجل أعمال لشراء بعض هذه القطع بمبلغ100 مليون جنيه وأنه ينوي تهريبها خارج البلاد, وقد تم تحريز المجوهرات بمعرفة أعضاء اللجنة ومسئولي البنك في خزائن البنك تمهيدا لمصادرتها ووصول قرار النيابة. قصاصة إعلان تكشف الواقعة الثانية تفاصيل عمليات استعادة واسترداد مجوهرات أسرة محمد علي باشا.. بل واكتشاف أماكن اختفائها كانت قصة مثيرة.. فبعد أيام من ضبط الواقعة الأولي وتحديدا في شهر نوفمبر2013 قاد إعلان بجريدة الأهرام في يد العميد أحمد عبدالظاهر رئيس مباحث الآثار عن بيع جبري بالمزاد العلني لعدد110 قطع من المجوهرات والمشغولات الذهبية علي سبيل الرهن الحيازي ضمانا لقرض لرجل أعمال في الكشف عن الواقعة الثانية واسترداد110 قطع من أهم قطع المجوهرات والألماس الخاصة بأسرة محمد علي باشا, علي الفور تم عرض المعلومات علي اللواء ممتاز فتحي مساعد وزير الداخلية لشرطة الآثار والسياحة الذي أمر بتكوين فريق بحث ضم العقداء محمد دردير وعلي العماري ومحمد شوقي ضباط مباحث الآثار وتبين قيام البنك بطرح كراسة للشروط وتم الحصول علي أسطوانة مدمجة أعدها البنك تحوي صورا لتلك القطع المعروضة بالمزاد وتم عرضها علي لجنة أثرية من المختصين بالمجلس الأعلي للآثار وكانت المفاجأة المدوية للمرة الثانية بأن تلك المجوهرات والمشغولات الذهبية ذات قيمة فنية وتاريخية ترجع لأسرة محمد علي لا يعلم البنك قيمتها التاريخية كتراث أثري لا يقدر بمال, وعلي الفور تم السير في الإجراءات القانونية لوقف هذا المزاد وتمكين اللجنة الأثرية من معاينة المجوهرات والمشغولات الذهبية علي الطبيعة بالبنك, وبالفعل قررت نيابة عابدين في المحضر الذي قيد برقم4816 لسنة2013 بتمكين أعضاء اللجنة الأثرية من فحص المجوهرات المودعة ببنك مصر فرع عبدالخالق ثروت أيضا علي سبيل الرهن الحيازي ضماما لقرض المدعو( إدريس عابد) والمعروضة للبيع بالمزاد العلني بناء علي الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في القضية رقم638 لسنة123 قضائية لبيان عما إذا كانت تلك المجوهرات تخص أسرة محمد علي وانها تعد آثارا وتخضع لحماية القانون أم لا, وجاء قرار اللجنة المشكلة من وزارة الآثار والتي بدأت أعمالها في يناير2014 أنها ذات قيمة فنية وتاريخية وتعود لأسرة محمد علي وتخضع لحماية قانون الآثار وانها غير متداولة في العصر الحديث, وأكدت اللجنة في تقريرها لوزير الآثار الدكتور محمد الدماطي أن تلك القطع من المقتنيات الأثرية والتاريخية المهمة والنادرة والتي تمثل الفخامة والثراء والمواكبة والمعاصرة, وأنها كانت تصنع خصيصا لأسرة محمد علي بالمصانع الأجنبية وخاصة بلجيكا وأن تلك القطع تمثل إضافة جديدة للتراث الأثري والحضاري لمصر. وأوصت اللجنة بالتحفظ علي القطع ومصادرتها لصالح الدولة لوضعها في العرض المتحفي حفاظا علي التراث. وقام مدير اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية ومدير عام اللجان الدائمة للآثار المصرية باعتماد تقرير اللجنة وتسجيل القطع المضبوطة بالسجلات لما تتميز به من طبيعة فريدة وأنها كانت تصنع خصيصا للأسرة العلوية وكانت تتحلي بها الملكات والأميرات من أسرة محمد علي باشا, وأنها إضافة جديدة ليست للتراث الأثري فقط بل التراث الإنساني والحضاري والجمالي, وقدم وزير الآثار مذكرة لرئيس الوزراء لمصادرة تلك القطع لأهميتها التاريخية والفنية باعتبارها من مقتنيات أسرة محمد علي التي هي جزء من ذاكرة تاريخ مصر. حماية كنوز الوطن وأكد اللواء ممتاز فتحي مساعد وزير الداخلية لشرطة الآثار والسياحة التزام وزارة الداخلية بالنهج العصري وتنفيذ القانون دون اللجوء لأي أساليب أخري في الحصول علي حقوق الدولة, مشيرا إلي أن عمليات استرداد مجوهرات أسرة محمد علي جاءت من التزامنا بالإجراءات القانونية بتفصيلاتها المختلفة, وقطعنا شوطا طويلا جاءت نتيجته لصالح البلاد وحماية كنوزه وتراثه والحفاظ علي تاريخ وحضارة مصر, وأضاف أننا في ضبط مثل هذه القضايا نتحصن بالقرارات والأحكام القانونية وهذا يقطع الطريق علي المتاجرين بآثار ومقدرات البلد وعلي المهربين في الادعاء علي أجهزة الشرطة والتشكيك فيما تتخذه من إجراءات, وهذا الأسلوب أعطي مصداقية للمواطنين وثقة وموضوعية وقناعة بأهمية عمل أجهزة الشرطة لصالح بلدنا مصر, مؤكدا أن العمل ليس لأهداف خاصة أو شخصية بل للتاريخ والوطن, وأكد أن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم كان يتابع تفاصيل تلك القضية لاسترداد المجوهرات باعتبارها جزءا من ممتلكات وتاريخ مصر, وطالب اللواء ممتاز فتحي من الجهات المسئولة بالدولة من تعظيم وتغليظ العقوبات علي ناهبي وسارقي ومهربي الآثار والمقتنيات المصرية بجميع أشكالها, مطالبا بضرورة الاسراع بسن تشريع قانوني يتضمن الحكم بالإعدام أو المؤبد لكل من يقوم بسرقة ونهب تاريخ الأمة ومقدراتها وأصولها التي لا تقدر بأي ثمن ويتربص بها أعداء كثيرون طمعا فيها.