حول المسودة الأولية للقواعد الإسترشادية لعلاج فيروس «سى»، يقول د.جمال عصمت أستاذ الكبد و نائب رئيس جامعة القاهرة إن هذه المسودة الأولى قابلة للتعديل والتغيير وفقا للنقاشات والرؤى التى سيطرحها المجتمع الطبى والمقترحات التى ستقدم للجنة الكبد الاستشارية برئاسة د. شريف عبد الفتاح وعدد من كبار أطباء الكبد التى ستصيغ القواعد الاسترشادية فى صورتها النهائية. كما أنه من المهم الإشارة إلى أنه مع اعتماد أدوية جديدة لعلاج فيروس سى خلال الشهور المقبلة وثبوت فاعليتها على المرضى المصريين فإنه من المتوقع أن يتم تغيير القواعد الاسترشادية بشكل دورى، لإتاحة أكبر عدد من الأدوية لمرضى فيروس سى، وحتى لا نكون تحت سيطرة شركة دواء واحدة كما أن هذا التنوع فى الأدوية المضادة لفيروس سى سيسهم فى الخفض التدريجى لسعر الدواء. وعلى الجانب الآخر، ستكون هناك فرص أكبر لإجراء المزيد من التجارب السريرية والبحثية لاعتماد أفضل البروتوكولات الدوائية ورصد سرعة الاستجابة للعلاج مع أكثر من دواء مضاد لفيروس سى. ويشير إلى أن السبب وراء منح الأولوية للعلاج للمرضى الذى يعانون من درجات التليف من الدرجتين الثالثة أو الرابعة أو ما يعرف بالتليف الكبدى التام هو أن هذه الفئة هى الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات كبدية مثل الأورام السرطانية والفشل الكبدى، وهو ما سيعنى دخولهم فى برامج علاجية وجراحية وعمليات زرع أعلى تكلفة وأكثر خطورة على حياتهم. كما أن الدخول فى هذه المراحل والمضاعفات من الفشل الكبدى لن يجدى معها العلاج الدوائى. وطبقا للدراسات فإن هذه الفئة تمثل 20% من مجمل المصابين بفيروس سى فى مصر. أما المرضى الذين يعانون من تليف من الدرجة الأولى أو الثانية فإن فرص تطور المرض عندهم بطيئة قد تتراوح بين 3 و 5 سنوات مع وجود احتمال لسرعة تطور الحالية إذا كان المريض مدخنا أو يحصل على علاج به كورتيزون أو من مدمنى الكحوليات. وكل هذه الأمور تضاعف من تليف الكبد إلا أنه بشكل عام فإن المرضى الذى يعانون من درجات التليف الأولى سيعالجون أيضا بالأدوية الجديدة لكنهم ليسوا فى مرحلة صحية خطرة مثل الفئات الأخرى، ومن الممكن ألا يحدث لهم تليف كبدى مضاعف. وبالنظر إلى اقتصاديات العلاج يوضح د. جمال عصمت أن الدافع وراء التحول من برامج العلاجى الدوائى التقليدية إلى الجديدة هو أنه يمثل استثمارا أمثل للميزانية المقررة لعلاج مرضى فيروس سى فحاليا إذا كنا مثلا نعالج 10 مرضى بالإنترفيرون والريبافيرين لمدة 48 أسبوعا فإن 5 حالات فقط هى المتوقع أن تشفى بعد تناول العلاج والنسبة الباقية لن يجدى معها العلاج. فى حين أنه مع إضافة السوفوسبوفير إلى الإنترفيرون والريبافيرين فإننا سنتمكن من علاج 90% من الحالات خلال 12 أسبوعا فقط، وبقول آخر فإنه طبقا للبروتوكول العلاجى الجديد فإننا يمكن أن نعالج 4 أضعاف الحالات التى كانت تعالج بالبروتوكول العلاجى القديم. وتجب الإشارة هنا إلى أمر آخر هو أن هذه القواعد الاسترشادية والبرامج العلاجية المقترحة سيتم تغييرها بعد 6 أشهر عند اعتماد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية الأدوية الجديدة المضادة للفيروسات وظهور النتائج السريرية لها فى المراكز المعتمدة حيث سيتاح لنا عدد أكبر من الأدوية يمكن أن تعطى نتائج أفضل مما نحصل عليه اليوم. وحول أسباب عدم إدراج دواء سميبريفير فى مسودة القواعد الاسترشادية الذى أوصت به بعض الهيئات الدولية ضمن برامج العلاج من فيروس سى يوضح د.جمال عصمت أن دواء سميبريفير لم يعتمد بعد من قبل وزارة الصحة كما أنه لم تظهر بعد أى نتائج للتجارب السريرية على منح المرضى فى مصر دوائى سوفوسبوفير وسميبريفير كبرنامج علاجى بديل للإنترفيرون والريبافيرين. وبالتالى -يضيف- نحن فى حاجة إلى الانتظار بضعة أشهر للتأكد من جدوى البرنامج العلاجى، علما بأنه على مستوى مصر هناك 4 مراكز طبية تجرى التجارب السريرية وفقا للاشتراطات والمعايير الدولية وهى: جامعة القاهرة والمعهد القومى للأمراض المتوطنة والمعهد القومى للكبد بشبين الكوم وجامعة المنصورة.. تلك الجهات المرجعية هى التى تقوم حاليا بإجراء التجارب السريرية على الأدوية الجديدة للكبد والتى من المتوقع اعتمادها من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية خلال الشهور المقبلة. كما أن هذه الجهات المرجعية نفسها هى التى أجرت التجارب السريرية على دواء سوفوسبوفير وتأكدت من فاعليته، ومن المقرر أن يتم الإعلان عن نتائج التجارب السريرية لدواء سوفوسبوفير خلال المؤتمر الدولى لأمراض الكبد بالولاياتالمتحدة. وفي سياق متصل، تقول د. منال حمدى السيد أستاذة طب الأطفال بجامعة عين شمس والمشرفة العامة على مشروع مكافحة الفيروسات الكبدية التابع لوزارة الصحة إنه بالنظر على المستوى العالمى فإن مصر من خلال البرنامج القومى المقترح والاستراتيجية الجديدة لعلاج مرضى فيروس "سى" تدير بذلك أكبر مشروع لعلاج مرضى فيروس سى، إذ من المقرر أن يتم علاج 50 ألف مريض خلال الأشهر الست القادمة بدءا من وصول دواء سوفوسبوفير لمصر والتصديق عليه من الجهات الرسمية، ذلك أنه من المقترح أن يبدأ العلاج الفعلى للمرضى خلال شهر أكتوبر المقبل. هذه النسبة من المقرر أن ترتفع مع طرح الأدوية الجديدة الأخرى وتعديل البروتوكولات العلاجية حيث من المتوقع أن تسهم الأدوية فى تقليل فترة البرنامج العلاجى للمريض كما أن تعدد الأدوية سيسهم فى خفض سعرها، وكل هذه الأمور ستتيح استيعاب عدد أكبر من المرضى لتتضاعف الأعداد إلى 150 ألفا و 200 ألف مريض فى العام. وبالنظر إلى السياسات العلاجية فى الدول الأخرى فإن الولاياتالمتحدة تسعى حاليا لأن يشمل برنامجها العلاجى لمرضى فيروس سى نحو 30 ألف مريض فى العام، بريطانيا وضعت ضمن خطتها الاستراتيجية أن تعالج 50 ألف مريض فى العام. أما الهند التى تعانى من إصابة 5% من مواطنيها بالفيروس فما زالت إلى الآن تتفاوض على توفير الدواء بنفس السعر الذى حصلت عليه مصر كما أنه من المقرر أن يتوافر الدواء لها بعد عام ونصف العام من اليوم. وتوضح د. منال أن جميع مرضى الكبد يمكنهم التقدم للعلاج، وأنه سيتم فى الأيام المقبلة الإعلان عن الإجراءات اللوجيستية للتسجيل والمراكز الطبية التى ستستقبل الحالات والتحاليل الطبية التى سيتم إجراؤها فى المراكز المعتمدة أو التابعة لوزارة الصحة لتصنيف المرضى طبقا لدرجة التليف والأولوية القصوى للعلاج. كما أن المراكز العلاجية التى ستبدأ بتقديم العلاج، وهى ثمانية فى الوقت الراهن؛ ستكون متصلة بشبكة ربط رئيسية للمراجعة المركزية للملفات الطبية لكل مريض وإجراءات تسجيله فى برنامج العلاج ونتائج تحاليله الطبية وصور الكبد التى ستجرى عبر جهاز fibroscan الذى سيتم توفيره بمراكز العلاج لتحديد تليف الكبد إضافة إلى التحاليل التى ستجرى خلال مدة العلاج للتأكد من انخفاض معدل الفيروسات وعدم وجود تلاعب أو بيع المريض للدواء. وفى الختام فإن ما نطالب به المجتمع الطبى والمرضى هو التحلى بالهدوء والتروى خاصة أن مشروع العلاج يسير بخطى إيجابية ستعود بالنفع على المريض المصرى، وستسهم فى خفض مضاعفات الإصابة الكبدية بدرجة كبيرة خلال السنوات القليلة المقبلة.